حديث: من أخذ برخصة الفطر في السفر فحسن

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تخيير المسافر بين الصيام والإفطار

عن حمزة بن عمرو الأسلميّ، قال: يا رسول الله! أجد بي قوة على الصيام
في السفر، فهل عليَّ جناح؟ فقال رسول الله ﷺ: «هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحبَّ أن يصوم فلا جناح عليه».

صحيح: رواه مسلم في الصوم (١١٢١: ١٠٧) من طرق عن ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، عن أبي مراوح، عن حمزة بن عمرو، فذكره.

عن حمزة بن عمرو الأسلميّ، قال: يا رسول الله! أجد بي قوة على الصيام
في السفر، فهل عليَّ جناح؟ فقال رسول الله ﷺ: «هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحبَّ أن يصوم فلا جناح عليه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه والعمل بها.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه يتحدث الصحابي الجليل حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسأله عن حكم الصيام في السفر.

أولاً. شرح المفردات:


● أجد بي قوة على الصيام: أي أشعر بأن لدي قدرة بدنية ونشاطاً يمكنني من الصوم دون مشقة شديدة.
● في السفر: حالة السفر التي يرخص فيها للمسلم بالفطر.
● فهل عليَّ جناح؟: أي هل علي إثم أو حرج إذا صمت؟
● هي رخصة من الله: الرخصة هنا هي التيسير والإباحة، وهي في الأصل حكم شرعي جاء للتخفيف على المكلف عند وجود المشقة.
● فمن أخذ بها فحسن: أي من قبل الرخصة وفطر في السفر، فقد أحسن وفعل ما هو مشروع.
● ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه: أي من اختار الصيام وهو قادر عليه، فلا إثم عليه.

ثانياً. شرح الحديث:


يصور لنا هذا الحديث المشهد بوضوح: صحابي يريد أن يعبد الله ويتقرب إليه، وهو في سفر (والسفر من الأعذار المبيحة للفطر)، يشعر بأنه قوي على الصيام، ولكنه يخشى أن يكون في صيامه إثم لأنه خالف الرخصة. فيأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسأله ويستفتيه.
فجاءه الجواب النبوي الكريم ليضع قاعدة عظيمة من قواعد هذا الدين، وهي قاعدة التيسير ورفع الحرج.
بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الفطر في السفر رخصة من الله تعالى لعباده، وهذه الرخصة منة ومنحة إلهية، ينبغي للمسلم أن يشكر الله عليها. ثم بين حكمتي التعامل مع هذه الرخصة:
1- من أخذ بها (أي قبل الرخصة وفطر) فحسن: لأنه قبل عفو الله وتيسيره، وهو الأمر الأصلح والأرفق به في غالب الأحوال.
2- من أحب أن يصوم (أي اختار الصيام) فلا جناح عليه: لأنه لم يفعل محرماً، بل فعل أمراً مباحاً أصلاً (الصيام)، ولم تمنعه الرخصة من فعله ما دام قادراً.
فالحديث يرفع الإشكال والحيرة، ويؤكد أن كلا الأمرين (الفطر والصيام) جائز، ولكنه يرشد إلى أن قبول الرخصة هو الفعل الحسن، لأنه قبول لتيسير الله.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- سماحة الإسلام ويسره: يظهر من هذا الحديث كيف أن شريعة الإسلام جاءت برفع الحرج والتيسير على العباد، وليس بالتشديد والتعسير.
2- فضل قبول رخص الله: قبول الرخصة التي شرعها الله هو تواضع لله وقبول لفضله وعطائه، وهو الأمر المحمود.
3- مراعاة حال الشخص: الحكم يتفاوت بحال الشخص. فمن كانت المشقة عليه شديدة، فإن الأفضل في حقه الفطر بل قد يجب عليه أحياناً إذا خاف على نفسه الضرر. ومن لم تكن عليه مشقة، فله الخيار.
4- السؤال عن أمور الدين: على المسلم أن يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، كما فعل الصحابي، ولا يعمل بجهله.
5- التيسير لا يعني التحريم: وجود الرخصة (كالإباحة) لا يلغي أصل العبادة (الصيام)، بل يبيح تركها لعذر. فمن فعلهما لم يأتِ بمحرم.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل كبير في باب رخص السفر، ويستدل به العلماء على أن الصيام في السفر جائز لمن لا يشق عليه.
- جمهور العلماء (من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) على أن الفطر في السفر أفضل لمن كان يشق عليه الصوم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس من البر الصيام في السفر» (متفق عليه). أما من لا يشق عليه، فالصيام في حقه جائز، والأفضلية فيه محل خلاف بينهم، والراجح أن الفطر أفضل حتى لمن قوي عليه، قبولاً للرخصة.
- الفطر في السفر رخصة عامة، سواء كان السفر طويلاً (مسافة قصر) أم قصيراً، وسواء شق الصوم أم لم يشق، على الراجح من أقوال العلماء.
نسأل الله أن يرزقنا الفقه في دينه، والاتباع لسنة نبيه، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الصوم (١١٢١: ١٠٧) من طرق عن ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، عن أبي مراوح، عن حمزة بن عمرو، فذكره.
قوله: «فمن أخذ بها فحسن» فيه إشارة إلى تفضيل الفطر في السفر على الصيام.
ولحمزة بن عمرو طرق أخرى غير أن ما ذكرته هو أصحها.
منها ما رواه ابن خزيمة (٢١٥٣) عن محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، حدّثنا عبدة، عن محمد بن إسحاق، عن عمران بن أبي أنس، عن سليمان بن يسار، عن حمزة بن عمرو الأسلميّ قال: كنت أسردُ الصوم على عهد رسول الله ﷺ فقلت: يا رسول الله، إني أصوم ولا أفطر، أفأصوم في السفر؟ قال: «إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر».
قال النسائي في «الكبري» (٢٦٠٤): «هذا مرسل». أي فيه انقطاع بين سليمان بن يسار وبين حمزة بن عمرو؛ لأنه رواه في «المجتبي» (٢٣٠٢) فخالف فيه في الموضعين:
أحدهما: أن ابن إسحاق قال: حدثني عمران بن أبي أنس، فصرَّح بالتحديث.
والثاني: أنه أدخل بين سليمان بن يسار وبين حمزة بن عمرة «أبا مراوح».
وصحَّح المزّي هذا الطريق، فقال في ترجمة (أبي مراوح): الصحيح عن عمران بن أبي أنس، عن سليمان بن يسار، عن أبي مرواح، عن حمزة، به.
والخلاصة أن هذا الحديث رواه عروة بن الزبير، وأبو مراوح.
فأما عروة بن الزبير فله شيخان:
أحدهما: عائشة ﵂، فيكون الحديث من مسندها.
والثاني: حمزة بن عمرو، فيكون الحديث من مسنده.
وأما أبو مراوح فليس له طريق غير حمزة بن عمرو، والكل صحيح.
قال ابن عبد البر: «وفي هذا الحديث التخيير للصائم في رمضان إن شاء أن يصوم في سفره، وإن شاء أن يفطر. وهو أمر مجمع عليه من جماعة فقهاء الأمصار، وهو الصحيح في هذا الباب». «التمهيد» (٢٢/ ١٤٧).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 301 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أخذ برخصة الفطر في السفر فحسن

  • 📜 حديث: من أخذ برخصة الفطر في السفر فحسن

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من أخذ برخصة الفطر في السفر فحسن

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من أخذ برخصة الفطر في السفر فحسن

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من أخذ برخصة الفطر في السفر فحسن

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب