حديث: لا تعطوا الجزار من أجرته من البدن

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لا يُعطي الجزّار من الهدي عوضًا عن أجرته

عن علي بن أبي طالب، قال: أمرني رسول الله ﷺ أن أقوم على بُدنة، وأن أتصدّق بلحمها وجلودها وأجلَّتها، وأن لا أُعطي الجزّار منها. قال: نحن نعطيه من عندنا.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٧١٦)، ومسلم في الحج (١٣١٧: ٣٤٨) كلاهما من طريق عبد الكريم الجزريّ، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، فذكره.

عن علي بن أبي طالب، قال: أمرني رسول الله ﷺ أن أقوم على بُدنة، وأن أتصدّق بلحمها وجلودها وأجلَّتها، وأن لا أُعطي الجزّار منها. قال: نحن نعطيه من عندنا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث الحج، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وله شواهد في الصحيحين وغيرهما. وإليك الشرح المفصل له:

أولاً. شرح المفردات:


* أمرني رسول الله ﷺ: طلب مني وأوصاني أمراً ملزماً.
* أن أقوم على بُدنة: البُدنة (بضم الباء) هي الناقة أو البقرة التي تُهدى أو تُنحر في الحج. و"أقوم عليها" أي أتولى أمر نحرها وتوزيعها بنفسي، وأشرف على ذلك.
* وأن أتصدّق بلحمها وجلودها وأجلَّتها: أي أتولى توزيع كل أجزائها على الفقراء والمساكين صدقة.
* الجِلال (بكسر الجيم): هي ما يوضع على ظهر البعير من غطاء ليقيَه الحر أو البرد، وهي من متاع البعير نفسه.
* وأن لا أُعطي الجزّار منها: الجزّار هو الجزار الذي يقوم بنحرها وتقطيع لحمها.
* قال: نحن نعطيه من عندنا: أي أن أجرته (أجرة عمله في النحر والسلخ) لا تؤخذ من لحم أو جلد البدنة، بل ندفع له أجراً نقدياً من مالنا الخاص.


ثانياً. شرح الحديث:


يخبر سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاه بتولي أمر نحر الهدي (الناقة) بنفسه، وأن يتأكد من أن كل أجزائها – اللحم والجلد والغطاء – توزع على المحتاجين صدقةً لله تعالى. كما نهاه أن يعطي الجزار أجرته من أي جزء من أجزاء البدنة (كأن يعطيه قطعة من لحمها أو جلدها مقابل عمله)، بل يجب أن يُدفع له أجر نقدي من مال الشخص نفسه.

# الحكمة من النهي عن إعطاء الجزار من البدنة:


1- صحة النية وإخلاصها لله: الهدي قربة إلى الله، فيجب أن تخلص النية في أن يكون كله لله تعالى، فلا يختلط بما هو من حطام الدنيا (كأجرة العامل). فإعطاء الجزار من الهدي يجعل جزءاً من هذه القربة يتحول إلى معاملة دنيوية (أجرة مقابل عمل).
2- التمييز بين العبادة والمعاملة: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يفصل بين العبادة (نحر الهدي والتقرب به إلى الله) والمعاملة الدنيوية (أجرة الجزار)، لتبقى العبادة خالصة لوجه الله.
3- إكرام الفقراء والمساكين: المقصود الأساسي من الهدي هو إطعام الفقراء والتقرب إلى الله بإدخال السرور عليهم. إعطاء جزء منه للجزار (الذي قد لا يكون فقيراً) يحرم فقيراً مستحقاً من حقه.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- إخلاص النية لله في العبادات: يجب أن تكون العبادة خالصة لله تعالى، خالية من شوائب حظوظ الدنيا، وهذا من أعظم مقاصد الإسلام.
2- الإشراف المباشر على أمور العبادة: لا ينبغي للمسلم أن يغفل عن عباداته ويوكلها للغير دون متابعة، بل عليه أن يتأكد من إخراجها على الوجه الصحيح كما أمر الله ورسوله.
3- العناية بالصدقة وإيصالها لمستحقيها: الحديث يدل على وجوب إيصال الصدقة إلى مستحقيها والحرص على أن توزع توزيعاً شرعياً.
4- الفصل بين العبادة والمعاملة الدنيوية: من الحكمة أن تفصل بين ما هو لله وما هو للخلق، حتى لا تختلط الأمور وتفسد النيات.
5- جواز أخذ الأجر على العمل: الحديث يدل على جواز أخذ الأجر على العمل المباح، حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفع أجر للجزار من مالهم الخاص، مما يعني أن عمله مشروع ويستحق عليه أجراً.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث أصل من أصول الفقه في باب الهدي والأضاحي، حيث ذهب جمهور العلماء (الشافعية والحنابلة وغيرهم) إلى استحباب أو وجوب أن يتصدق بجميع أجزاء الأضحية أو الهدي (اللحم والجلد وغيره)، ولا يعطي الجزار منها شيئاً كأجرة، بل يعطيه أجراً من عنده.
* من يعجز عن ذبح هديه أو أضحيته بنفسه، فالأفضل أن يشرف على توزيعها بنفسه أو يوصي من يثق بدينه وأمانته بتوزيعها وفق الشرع.
* يستفاد من الحديث أيضاً حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم أصحابه وتفقد أمور العبادة حتى في أدق تفاصيلها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحج (١٧١٦)، ومسلم في الحج (١٣١٧: ٣٤٨) كلاهما من طريق عبد الكريم الجزريّ، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، فذكره. واللفظ لمسلم.
ولفظ البخاري نحوه، وليس عنده «نحن نعطيه من عندنا».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 647 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تعطوا الجزار من أجرته من البدن

  • 📜 حديث: لا تعطوا الجزار من أجرته من البدن

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تعطوا الجزار من أجرته من البدن

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تعطوا الجزار من أجرته من البدن

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تعطوا الجزار من أجرته من البدن

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب