حديث: ثلاثة أووا إلى غار فانطبقت عليهم صخرة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من اتجر بمال غيره فرضي له

عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر، فأووا إلى غار في جبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل، فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله، فادعوا الله تعالى بها، لعل الله يفرجها عنكم. فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، وامرأتي، ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا أرحت عليهم حلبت، فبدأت بوالديَّ، فسقيتهما قبل بنيَّ، وأنه نأي بي ذات يومٍ الشجرُ، فلم آت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما،
والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة نرى منها السماء، ففرج الله منها فرجة، فرأوا منها السماء.
وقال الآخر: اللَّهم إنه كانت لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء، وطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار، فتعبتُ حتي جمعتُ مائة دينار، فجئتها بها، فلما وقعت بين رجليها قالت: يا عبد الله، اتق الله، ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، فقمت عنها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة، ففرج لهم.
وقال الآخر: اللَّهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق أرز، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه فرقه، فرغب عنه. فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا ورِعاءها، فجاءني، فقال: اتق الله، ولا تظلمني حقي. قلت: اذهب إلى تلك البقر ورعائها فخذها. فقال: اتق الله، ولا تستهزئ بي. فقلت: إني لا أستهزئ بك. خذ ذلك البقر ورعاءها، فأخذه، فذهب به، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا ما بقي، ففرج الله ما بقي».

متفق عليه: رواه البخاري في البيوع (٢٢١٥)، ومسلم في الذكر (٢٧٤٣) كلاهما من حديث موسي بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.

عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر، فأووا إلى غار في جبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل، فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله، فادعوا الله تعالى بها، لعل الله يفرجها عنكم. فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، وامرأتي، ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا أرحت عليهم حلبت، فبدأت بوالديَّ، فسقيتهما قبل بنيَّ، وأنه نأي بي ذات يومٍ الشجرُ، فلم آت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما،
والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة نرى منها السماء، ففرج الله منها فرجة، فرأوا منها السماء.
وقال الآخر: اللَّهم إنه كانت لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء، وطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار، فتعبتُ حتي جمعتُ مائة دينار، فجئتها بها، فلما وقعت بين رجليها قالت: يا عبد الله، اتق الله، ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، فقمت عنها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة، ففرج لهم.
وقال الآخر: اللَّهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق أرز، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه فرقه، فرغب عنه. فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا ورِعاءها، فجاءني، فقال: اتق الله، ولا تظلمني حقي. قلت: اذهب إلى تلك البقر ورعائها فخذها. فقال: اتق الله، ولا تستهزئ بي. فقلت: إني لا أستهزئ بك. خذ ذلك البقر ورعاءها، فأخذه، فذهب به، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا ما بقي، ففرج الله ما بقي».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث العظيم الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ، هو من الأحاديث الصحيحة التي رواها البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو حديث عظيم المعنى، كثير الفوائد، يدل على فضل الأعمال الصالحة الخالصة لله تعالى، وكيف أنها تكون سببًا في تفريج الكربات ورفع البلاء.

شرح المفردات:


● يتمشون: يسيرون ويتنزهون.
● أخذهم المطر: نزل عليهم المطر فاحتموا منه.
● أووا إلى غار: لجأوا إلى كهف في الجبل.
● انحطت: سقطت وانحدرت.
● انطبقت: أطبقت عليهم وأغلقت فم الغار.
● يتضاغون: يبكون ويتألمون من الجوع.
● نأي بي الشجر: بعد بي المرعى فطال بي الوقت.
● الحلاب: اللبن المحلوب.
● ابن عم: قريبة له.
● فرق أرز: مكيال معروف للأرز، وقيل يساوي ثلاثة آصع.
● رعاءها: رعاتها.

شرح الحديث:


يحكي النبي ﷺ قصة ثلاثة رجال خرجوا في سفر، فأصابهم مطر فاحتموا في غار في جبل، فسقطت صخرة كبيرة من أعلى الجبل فسدت عليهم فم الغار، فلم يستطيعوا الخروج، فاضطروا إلى اللجوء إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة التي عملوها خالصة لوجهه الكريم، لعل الله يفرج عنهم ما هم فيه.
الأول: دعا الله تعالى ببره لوالديه، حيث كان يحلب لهم اللبن ويقدمه لهما قبل أولاده، ولو كان أولاده يتضاغون من الجوع، وفي مرة تأخر في الرعي حتى جاء ليلاً فوجدهما نائمين، فلم يوقظهما وخشي أن يسقي أولاده قبلهما، فظل واقفًا بإناء اللبن حتى استيقظا عند الفجر، فسقاهما ثم سقى أولاده. فهذا بر عظيم بالوالدين، فدعا الله بهذا العمل الخالص لوجهه، فاستجاب الله له وفتح لهم فرجة في الصخرة يرون منها السماء.
الثاني: دعا الله تعالى بعفته وتقواه، حيث كان يحب ابنة عمه حبًا شديدًا، وطلب منها الفاحشة فأبت حتى يأتيها بمائة دينار، فجمعها وتعب في جمعها، فلما جاء بها وتهيأ للفاحشة، قالت له: "اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه"، أي لا تفعل الفاحشة إلا في الحلال، فانتهى عنها وتركها لله تعالى، وترك المائة دينار لها. فدعا الله بهذا العمل الخالص، فاستجاب الله له وفتح لهم فرجة أخرى.
الثالث: دعا الله تعالى بأمانته وعدله مع أجيره، حيث استأجره بفرق من أرز (أجرة زهيدة)، فلما انتهى الأجير من عمله طلب حقه، فعرض عليه الأجر فرفضه (وربما لأنه نسي أن الأجرة كانت قليلة فظن أنها أكثر)، فلم يبخسه حقه، بل زرع ذلك الأرز حتى صار له بقر ورعاة، فلما جاءه الأجير أعطاه كل ما نمى من ذلك الأرز، فظن الأجير أنه يستهزئ به، فأكد له أنه جاد، فأخذه الأجير وذهب. فدعا الله بهذا العمل الخالص، فاستجاب الله له وفرج عنهم الصخرة تمامًا فخرجوا.

الدروس المستفادة:


1- فضل الأعمال الصالحة الخالصة لله: فإنها تكون سببًا في النجاة من الشدائد والكرب.
2- بر الوالدين من أعظم الأعمال التي تقرب إلى الله، ولو كان في ذلك مشقة على الإنسان وأهل بيته.
3- العفة والتحرج من الحرام من أسباب رضا الله، وأن ترك المعصية لله يرفع العبد درجات.
4- العدل والأمانة في المعاملات، وخصوصًا مع الضعفاء والعمال، من أسباب تفريج الكرب.
5- التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة في الدعاء، فإنه من أسباب الإجابة.
6- التضرع إلى الله واللجوء إليه في الشدائد، مع الثقة بإجابة الدعاء.
7- قبول التوبة، فالعبد إذا تاب وأناب قبل الله توبته ولو كان قد هم بالمعصية.
8- الصدق في العمل والإخلاص لله تعالى هو أساس قبول العمل.

فوائد إضافية:


- الحديث يدل على أن الله تعالى يقبل التوبة من عباده ويغفر الذنوب ولو عظمت.
- فيه بيان أن الله تعالى يجيب دعاء المضطرين إذا صدقوا في دعائهم.
- فيه حث على المسارعة في الخيرات والتنافس فيها، فإنها تكون ذخرًا للعبد في الدنيا والآخرة.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا للأعمال الصالحة الخالصة لوجهه الكريم، إنه سميع مجيب.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في البيوع (٢٢١٥)، ومسلم في الذكر (٢٧٤٣) كلاهما من حديث موسي بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 65 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ثلاثة أووا إلى غار فانطبقت عليهم صخرة

  • 📜 حديث: ثلاثة أووا إلى غار فانطبقت عليهم صخرة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ثلاثة أووا إلى غار فانطبقت عليهم صخرة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ثلاثة أووا إلى غار فانطبقت عليهم صخرة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ثلاثة أووا إلى غار فانطبقت عليهم صخرة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب