ما أظن يغني ذلك شيئا

حديث: ما أظن يغني ذلك شيئا

عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: مررت مع رسول الله ﷺ بقوم على رؤوس النخل، فقال: «ما يصنع هؤلاء؟» فقالوا: يُلقِّحونه يجعلون الذكر في الأنثي فيتلقح، فقال رسول الله ﷺ: «ما أظن يغني ذلك شيئا» قال: فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر رسول الله ﷺ بذلك، فقال: «إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه؛ فإني إنما ظننت ظنا، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به؛ فإني لن أكذب على الله عز وجل».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٦١) من طرق عن أبي عوانة، عن سماك، عن موسي بن طلحة، عن أبيه فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه الذي رواه عنه ابنه موسى، من الأحاديث العظيمة التي تبين صدق النبي ﷺ وأمانته في تبليغ الوحي، وتوضح الفرق بين قوله الذي هو وحي من الله تعالى، ورأيه الشخصي الذي يصدر عنه كبشر. وإليك الشرح المفصل لهذا الحديث:

أولاً. شرح المفردات:

● يُلقِّحونه: أي يقومون بعملية التلقيح للنخل، بوضع طلع الذكر في الأنثى لتثمر.
● يغني ذلك شيئاً: أي يفيدهم وينفعهم في تحسين الثمار أو زيادة الإنتاج.
● فلا تؤاخذوني بالظن: لا تعاتبوني أو تلوموني على ما أظنته من غير يقين.
● حدثتكم عن الله شيئاً: أي بلغتكم وحياً من الله تعالى.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنه كان يمشي مع رسول الله ﷺ فرأى قوماً على رؤوس النخل يقومون بتلقيحها، فسأل عن عملهم، فأخبروه أنهم يلقحون النخل ليثمر، فقال النبي ﷺ: "ما أظن يغني ذلك شيئاً"، أي أنه ظن أن هذا العمل لا فائدة منه، فترك الفلاحون التلقيح بناءً على قوله، ولكن النخل لم يثمر كما كان متوقعاً، فبلغ النبي ﷺ أنهم تركوا التلقيح وتضرروا من ذلك، فقال لهم: "إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه؛ فإني إنما ظننت ظناً، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به؛ فإني لن أكذب على الله".
وهذا الموقف يبين أن النبي ﷺ في أمور الدنيا وخبراتها الزراعية والصناعية وغيرها، يبذل رأيه البشري based على ما يراه، وقد يصيب وقد يخطئ، لأنه بشر، ولكن إذا تكلم في الدين والوحي فإنه معصوم لا ينطق عن الهوى.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:

1- الفرق بين الوحي والرأي الشخصي: فكلام النبي ﷺ في الدين وحي يجب الأخذ به، أما في أمور الدنيا فهو رأي يجوز فيه الاجتهاد، وقد يخطئ فيه.
2- صدق النبي ﷺ وأمانته: حيث اعترف بأن قوله السابق كان ظناً وليس وحياً، وأمرهم بالعودة إلى ما ينفعهم.
3- التواضع النبوي: حيث لم يتكبر على الاعتراف بأن ظنه لم يكن صواباً، بل نبه إلى أن هذا من شأن البشر.
4- أهمية الخبرة والتجربة في أمور الدنيا: فالنبي ﷺ لم يمنعهم من التلقيح تحريماً، بل لأنه ظن أنه لا فائدة منه، فلما تبينت الفائدة أمرهم بالعودة إليه.
5- العلم بالزراعة وغيرها من الصناعات مباح ومطلوب: ما دام في إطار الحلال، وفيه مصلحة للناس.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث التي يستدل بها على أن النبي ﷺ غير معصوم في أمور الدنيا العملية، وإنما العصمة في تبليغ الدين.
- التلقيح في النخل هو عملية نقل pollen من الطلع الذكري إلى الأنثى لتحسين الإنتاج، وهي طريقة معروفة منذ القدم في الزراعة.
- ينبغي للمسلم أن يفرق بين ما يقوله النبي ﷺ من الدين وهو وحي يجب اتباعه، وما يقوله من الرأي في الدنيا وهو قابل للنقاش والتجربة.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه ﷺ، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الفضائل (٢٣٦١) من طرق عن أبي عوانة، عن سماك، عن موسي بن طلحة، عن أبيه فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 66 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما أظن يغني ذلك شيئا

📜 حديث: ما أظن يغني ذلك شيئا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما أظن يغني ذلك شيئا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما أظن يغني ذلك شيئا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما أظن يغني ذلك شيئا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية