حديث: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب أن المرتهن يركب، ويحلب، وعليه نفقته
صحيح: رواه البخاريّ في الرهن (٢٥١٢) عن محمد بن مقاتل، أخبرنا عبد اللَّه (هو ابن المبارك)، أخبرنا زكريا (هو ابن أبي زائدة)، عن الشعبي، عن أبي هريرة فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
نص الحديث:
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة».
رواه البخاري في صحيحه.
1. شرح المفردات:
● الظهر: هو الدابة التي يُركب عليها، وتشمل الإبل والبغال والحمير وغيرها.
● يركب بنفقته: أي يُباح للذي عنده الرهن (المرتهن) أن يركب الدابة المرهونة، ولكن بشرط أن ينفق عليها.
● مرهونا: المرهون هو الشيء الذي وضع رهناً لضمان دين.
● لبن الدر: لبن اللقحة (الناقة الحلوب) التي هي في حال إدرارها للحليب.
● يشرب بنفقته: يُباح للمرتهن أن يشرب من لبن الناقة المرهونة، بشرط أن ينفق عليها.
● النفقة: ما يُصرف على الدابة من علف وسقى ورعاية.
2. شرح الحديث:
هذا الحديث من أحاديث الأحكام، وفيه بيان حكم الانتفاع بالرهن.
المقصود بالحديث: أن الرهن (المال المرهون) إذا كان حيواناً يمكن الانتفاع به - كدابة تُركب أو ناقة تُحلب - فإنه يجوز للذي استلم الرهن (المرتهن) أن ينتفع بهذا الحيوان، ولكن بشرط أن ينفق عليه من ماله الخاص، وذلك لأن الرهن ملك للراهن (صاحب الدين)، والمرتهن مجرد أمين عليه حتى يستوفي دينه.
ففي حالة الدابة: يجوز للمرتهن أن يركبها للضرورة كأن يحتاج للذهاب لقضاء حاجة، أو لإصلاحها، أو لحمايتها من الهلاك، ولكن لا يجوز له أن يرهقها أو يستعملها في غير مصلحتها.
وفي حالة الناقة الحلوب: يجوز له أن يشرب من لبنها أو يبيع اللبن الزائد عن حاجته، وينفق ثمنه على الناقة، أو ينفق من ماله الخاص على علفها وسقايتها.
والحكمة من ذلك: أن الحيوان إذا لم يُنفق عليه قد يهزل أو يمرض أو يموت، فيضيع حق الراهن، وكذلك حق المرتهن الذي قد لا يستوفي دينه. فجعل الشارع الانتفاع بالرهن مقروناً بالنفقة تحقيقاً للعدل والرحمة.
3. الدروس المستفادة منه:
1- الرحمة بالحيوان: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنفقة على الحيوان المرهون، وهذا يدل على عناية الإسلام بالرفق بالحيوان وعدم إهماله.
2- العدل في المعاملات: الحديث يوضح توازن الحقوق بين الراهن والمرتهن، فلكل منهما حق يجب حفظه.
3- الجمع بين الحقوق والواجبات: لا يجوز الانتفاع بالرهن دون تحمل مسؤولية النفقة، فكل حق يقابله واجب.
4- التيسير ورفع الحرج: أباح الإسلام الانتفاع بالرهن عند الحاجة مع النفقة، مما ييسر على الناس معاملاتهم دون حرج.
5- الحكمة التشريعية: في هذا الحديث حكمة بالغة في المحافظة على المال، وعدم تعطيل المنافع المشروعة.
4. معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل في باب الرهن، وقد ذكره الفقهاء في كتبهم مستدلين به على جواز الانتفاع بالرهن مع النفقة.
- إذا لم ينفق المرتهن على الرهن، فليس له أن ينتفع به، وإذا انتفع بدون نفقة فإنه يكون ظالماً.
- إذا هلك الرهن بسبب إهمال المرتهن في النفقة، فإنه يضمنه للراهن.
- هذا الحكم خاص بالرهن الحيواني، أما الأموال الأخرى غير الحيوانية فلها أحكام أخرى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
قال الترمذيّ بعد أن أخرج هذا الحديث من طريق زكريا: هذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عامر الشعبي، عن أبي هريرة. وقد روى غير واحد هذا الحديث عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفا. والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم: ليس له أن ينتفع من الرهن بشيء». انتهى.
قال الأعظمي: حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رواه الدارقطني (٣/ ٣٤) من طريق أبي عوانة مرفوعا بلفظ»الرهن مركوب ومحلوب».
واختلف على الأعمش، فرواه عنه أبو عوانة مرفوعا. وتابعه على ذلك أبو معاوية عن الأعمش، رواه البيهقي (٦/ ٣٨) من حديث إبراهيم بن مجشر، عن أبي معاوية، وقال البيهقي: ورواه الجماعة عن الأعمش موقوفا على أبي هريرة، ثم ذكر رواية وكيع، وشعبة، وسفيان بن عيينة كلهم عن الأعمش موقوفا، وهو الصواب» إلا أنه لا يعل ما رواه الشعبي عن أبي هريرة مرفوعا، كما مضى، وهو مخرج في الصحيح.
وقد قال أبو داود بعد ما أخرج الحديث من الطريق المشار إليه: «وهو عندنا صحيح».
وقد قيل: إنه مجمل لم يبين فيه من الذي يركب ويشرب اللبن؟
قال الأعظمي: بين ذلك هشيم عن زكريا، عن الشعبي، عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها، ولبن الدر يشرب، وعلى الذي يشربه نفقته، ويركب». رواه
أحمد (٧١٢٥)، والطحاوي في: شرح المعاني (٥٧٥٤) كلاهما عن هشيم به.
وبهذا صح أن المرتهن هو الذي ينتفع من الرهن، وهو قول الإمام أحمد.
ولكن ادعى الطحاوي نسخ الحديث المذكور بلا حجة.
وأوَّل الشافعي بقوله: «يشبه قول أبي هريرة -واللَّه أعلم- أن من رهن ذات در وظهر لم يمنع الراهن درعها وظهرها؛ لأن له رقبتها، وهي محلوبة ومركوبة، كما كانت قبل الرهن. وقال: ومنافع الرهن للراهن، ليس للمرتهن منها شيء. انتهى. انظر الأم (٣/ ١٦٤)، ونقل عنه البيهقي (٦/ ٣٨، ٣٩).
وهذا التأويل من الشافعي يُفَوت مصلحة الرهن، وقد لا يستطيع الراهن الإنفاق عليها لبعد المكان، ثم ليس هو مثل القرض يجر نفعا؛ لأن الظهر يحتاج إلى النفقة، فعلى المرتهن أن ينتفع بقدر النفقة.
هذا إذا كان الرهن ذات الروح، وأما إن كان الرهن مثل الحلي والثياب فليس للمرتهن الانتفاع به؛ لأنه لا يحتاج إلى النفقة.
وقد فصّلتُ قول أهل العلم مع أدلتهم في «المنة الكبرى» (٥/ ٢٧١ - ٢٧٣)، فراجعه لمعرفة المزيد.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 252 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 227 من أنظر معسرًا أو وضع له أظله الله في ظل...
- 228 تجوزوا عن الموسر وتنظروا المعسر
- 229 تجاوزوا عن المعسر
- 230 من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله
- 231 من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس...
- 232 من نفس عن غريمه أو محا عنه
- 233 من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة
- 234 النبي يأمر كعبا بإسقاط نصف الدين
- 235 تصدقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه
- 236 من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق...
- 237 البائع يدرك سلعته بعينها عند المفلس
- 238 من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به
- 239 إذا سرق من رجل سرقة فهو أحق بها حيث وجدها
- 240 لي الواجد يحل عرضه وعقوبته
- 241 السلف يجري مجرى شطر الصدقة
- 242 عُرضت على النبي يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم...
- 243 من لم ينبت خلي سبيله يوم قريظة
- 244 اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم
- 245 شرط قبول صلاة المرأة البالغة الخمار
- 246 فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها...
- 247 لا يتم بعد احتلام ولا يتم على جارية إذا هي...
- 248 اشترى النبي ﷺ من يهودي طعامًا إلى أجل ورهنه درعه
- 249 رهن النبي درعه بشعير
- 250 درع النبي مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير.
- 251 كعب بن الاشرف آذى الله ورسوله
- 252 الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا
- 253 الرهن لا يغلق، له غنمه وعليه غرمه
- 254 بعث رسول الله ﷺ بعثا قبل الساحل
- 255 الأشعريون إذا أرملوا في الغزو جمعوا طعامهم واقتسموه بالسوية
- 256 لا تقرنوا؛ فإن النبي ﷺ نهى عن القران
- 257 من أعتق شركا له في عبد
- 258 من أعتق شقيصا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله
- 259 البدل في الاضحية البقرة عن سبعة اشخاص
- 260 كل سبعة منا في بدنة
- 261 يتراجع الخليطان بينهما بالسوية
- 262 لا يبيع أحد شريكه حتى يؤذنه
- 263 من يأخذ الناقة على النصف مما يغنم
- 264 كنت شريكي فنعم الشريك كنت لا تداري ولا تماري
- 265 من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه
- 266 الحلال بيّن والحرام بيّن وبين ذلك شبهات
- 267 لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم من...
- 268 إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة...
- 269 يعبدوه ولا تشركوا به شيئًا
- 270 من غش فليس مني
- 271 معنى: من غشنا فليس منا
- 272 من غشنا فليس منا، ومن رمانا فليس منا
- 273 المسلم أخو المسلم لا يحل له بيع فيه عيب إلا...
- 274 من غشنا فليس منا
- 275 الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة
- 276 رجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها...
معلومات عن حديث: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا
📜 حديث: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








