حديث: البائع يدرك سلعته بعينها عند المفلس
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب من قال: هو أسوة للغرماء في الموت والحياة
وقال دعلج: «فإن كان قضاه من ثمنها شيئًا فما بقي فهو أسوة الغرماء». وهذا الحديث روي مسندا ومرسلا.
صحيح: فأما المسند فرواه الدارقطني (٣/ ٢٩) من ثلاثة أوجه عن إسماعيل بن عياش، نا موسى بن عقبة، عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مع بيان دروسه وعبره.
أولاً. تخريج الحديث ومصدره:
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في "صحيحه" في كتاب البيوع، باب إذا أفلس أو مات فوجد رجل سلعته بعينها ولم يقبض الثمن فهو أحق بها، كما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم. وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا. شرح مفردات الحديث:
● أيما رجل: أيُّ رجل كان.
● باع سلعة: أيْ قام ببيع بضاعة أو شيء مملوك له.
● فأدرك سلعته بعينها: وجد السلعة التي باعها كما هي، لم تتغير ولم تُستهلك، ولم يدفع ثمنها كاملاً.
● عند رجل قد أفلس: أيْ عند المشتري الذي أعلن إفلاسه أو عجزه عن سداد ديونه.
● ولم يكن قبض من ثمنها شيئًا: إذا لم يأخذ البائع أي جزء من ثمن السلعة.
● فهي له: أيْ أن السلعة تعود ملكيتها للبائع الأول، وله الحق في استردادها.
● وإن كان قبض من ثمنها شيئًا فهو أسوة الغرماء: إذا أخذ البائع جزءًا من الثمن، فإنه يشترك مع الدائنين الآخرين في تقسيم أموال المفلس حسب نسبة دينه.
ثالثًا. شرح الحديث ومعناه الإجمالي:
يبيّن هذا الحديث حكمة شرعية عظيمة في معاملة المفلس (المدين المعسر الذي لا يستطيع سداد ديونه). والقاعدة التي يقررها الحديث هي:
1- إذا لم يقبض البائع أي جزء من الثمن، ووجد سلعته كما هي لم تتلف أو تتغير عند المشتري المفلس، فله الحق في استرداد سلعته وانتزاعها من أمواله. وذلك لأنه لم يتم قبض الثمن، فلم يكتمل العقد من جهة التسليم المالي، فكأن البيع لم يتم.
2- أما إذا قبض البائع جزءًا من الثمن، فإنه يصبح دائنًا مثل بقية الدائنين، ويشترك معهم في أموال المفلس حسب النسبة المستحقة له. ولا يحق له استرداد السلعة بعينها؛ لأن جزءًا من الثمن قد قبضه، فأصبح له حق في المال وليس في العين.
رابعًا. الدروس المستفادة والفقهيات:
1- العدل في المعاملة: الشرع يحفظ حقوق البائع والمشتري والدائنين، فلا يظلم أحدًا.
2- حماية الحقوق المالية: النظام الإسلامي يمنع الاستغلال ويضمن التوزيع العادل لأموال المفلس.
3- التمييز بين الحق في العين والحق في الدَّيْن: إذا لم يُقبض الثمن، فالبائع أحق بعين ماله. أما إذا قبض جزءًا، فيشارك الغرماء.
4- مراعاة الظروف: الشرع يراعي حالة الإعسار والإفلاس، ويضع حلولاً عملية تحقق التوازن بين المصالح.
5- أهمية التوثيق والبيّنات: ينبغي على التاجر أن يحفظ حقوقه بالتوثيق الشرعي حتى لا يضيع حقه.
خامسًا. تطبيقات معاصرة:
هذا الحديث يُطبق اليوم في أنظمة الإفلاس في القضاء الإسلامي، حيث يُعطى البائع الحق في استرداد سلعته إذا كانت موجودة ولم يُدفع ثمنها. أما إذا دُفع جزء من الثمن، فيُعتبر ديناً يدخل في الخصومة العامة مع الدائنين.
سادسًا. خلاصة:
هذا الحديث من أحاديث المعاملات التي تُظهر عدل الشريعة الإسلامية ورعايتها للحقوق المالية، وتحقيق التوازن بين مصلحة البائع والدائنين، خاصة في حالات العسر والإفلاس.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أرغب في شرح أي حديث آخر؟
تخريج الحديث
ومن أحد هذه الوجوه وهو عبد اللَّه بن عبد الجبار الخبائري، عن إسماعيل بن عياش رواه أبو داود (٣٥٢٢) من طريقه عن إسماعيل بن عياش، عن الزبيدي [قال أبو داود: هو محمد بن الوليد أبو الهذيل الحمصي]، عن الزهري بإسناده، وزاد في آخر الحديث: «اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء».
وإسماعيل بن عياش ضعيف إلا في أهل بلده، والزبيدي حمصي من أهل بلده، فروايته عنه مقبولة، إلا أن حديثه هذا خطأ.
قال الدارقطني: «إسماعيل بن عياش مضطرب الحديث، ولا يثبت هذا الحديث عن الزهري مسندا، وإنما هو مرسل».
قال الأعظمي: هو يشير إلى المرسل الذي رواه مالك في البيوع (٨٧)، وعنه أبو داود (٣٥٢٠)، وعبد الرزاق (٨/ ٢٦٤)، والبيهقي (٦/ ٤٦ - ٤٧) كلهم من حديث ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول اللَّه ﷺ قال: «أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه منه، ولم يقض الذي باعه من ثمنه شيئًا، فوجده بعينه فهو أحق به، وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء». أي بدون ذكر أبي هريرة.
هكذا رواه مالك مرسلا، وهو كذلك في جميع الموطآت، كما قال ابن عبد البر. وكذلك رواه الشافعي عن مالك مرسلا.
وأما عبد الرزاق فاختلف عليه، ففي المصنف مرسل، كما ذكرت، ورواه عبد اللَّه بن بركة الصنعاني عنه موصولا، كما ذكره ابن عبد البر في «التمهيد» (٨/ ٤٠٦).
قال أبو داود: «حديث مالك أصح». (يعني المرسل).
وقال في المراسيل (١٦٢): «روي مسندا، وليس بالقوي، وروي مسندا قصة الموت، وهو لا يصح مسندا، وقصة الإفلاس مشهور صحيح مسند».
قال الأعظمي: وتابع إسماعيل بن عياش اليمانُ بن عدي عن الزبيدي، إلا أنه خالف في شيخ الزهريّ، فقال: عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه ﷺ: «أيما رجل مات وعنده مال امرئ بعينه اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء».
رواه ابن ماجه (٢٣٦١)، والدارقطني (٣/ ٣٠)، والبيهقي (١/ ٤٨) كلهم من هذا الوجه. قال الدارقطني: «اليمان بن عدي ضعيف الحديث».
وضعّفه أيضًا الإمام أحمد من أجل رفع هذا الحديث. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب.
والخلاصة فيه أن الحديث لا يصح موصولا من طريق الزهري؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش، واليمان بن عدي، وكلاهما ضعيف.
وخالفهما مالك وصالح بن كيسان ويونس، عن الزهريّ، عن أبي بكر مرسلا، وهم أولى بالقبول.
كما أنه مخالف لحديث يحيى بن سعيد، يروي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، ولفظه: «من أدرك ماله عينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره». وهو مخرج في الصحيحين، كما مضى. راجع للمزيد «التمهيد» (٨/ ٤٠٨ - ٤١٠).
وأما قول من قال: إن حديث أبي هريرة يخالف الأصول؛ فإن المشتري إذا ملك السلعة، وصارت من ضمانه فلا يجوز أن ينقض عليه ملكهـ.
فأجاب عنه الخطابي بقوله: «والحديث إن صح وثبت عن رسول اللَّه ﷺ فليس إلا التسليم له، وكل حديث أصل بذاته ومعتبر بحكمه في نفسه، فلا يجوز أن يعترض عليه بسائر الأصول المخالفة، أو يتذرع إلى إبطاله بعدم النظير له، وقلة الاشتباه في نوعه».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 237 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 212 أعطوه فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء
- 213 أعطاه وسقا فقال: نصف وسق لك ونصف وسق لك من...
- 214 أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء
- 215 قضاني ديني وزادني النبي ﷺ
- 216 جزاء السلف الوفاء والحمد
- 217 خير الناس خيرهم قضاء
- 218 ابتاع رسول الله ﷺ من أعرابي جزورا بوسق من تمر...
- 219 من طلب حقا فليطلب في عفاف واف أو غير واف
- 220 خذ حقك في عفاف واف، أو غير وافٍ
- 221 مطل الغني ظلم ووجوب متابعة المليء
- 222 قضاء دين الشهيد ببركة دعاء النبي ﷺ
- 223 بعته إياه فأعطاني ثمنه
- 224 كفى بالله شهيدًا وكفيلًا
- 225 تاجر يداين الناس فيقول لفتيانه: تجاوزوا عنه
- 226 من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة
- 227 من أنظر معسرًا أو وضع له أظله الله في ظل...
- 228 تجوزوا عن الموسر وتنظروا المعسر
- 229 تجاوزوا عن المعسر
- 230 من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله
- 231 من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس...
- 232 من نفس عن غريمه أو محا عنه
- 233 من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة
- 234 النبي يأمر كعبا بإسقاط نصف الدين
- 235 تصدقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه
- 236 من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق...
- 237 البائع يدرك سلعته بعينها عند المفلس
- 238 من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به
- 239 إذا سرق من رجل سرقة فهو أحق بها حيث وجدها
- 240 لي الواجد يحل عرضه وعقوبته
- 241 السلف يجري مجرى شطر الصدقة
- 242 عُرضت على النبي يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم...
- 243 من لم ينبت خلي سبيله يوم قريظة
- 244 اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم
- 245 شرط قبول صلاة المرأة البالغة الخمار
- 246 فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها...
- 247 لا يتم بعد احتلام ولا يتم على جارية إذا هي...
- 248 اشترى النبي ﷺ من يهودي طعامًا إلى أجل ورهنه درعه
- 249 رهن النبي درعه بشعير
- 250 درع النبي مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير.
- 251 كعب بن الاشرف آذى الله ورسوله
- 252 الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا
- 253 الرهن لا يغلق، له غنمه وعليه غرمه
- 254 بعث رسول الله ﷺ بعثا قبل الساحل
- 255 الأشعريون إذا أرملوا في الغزو جمعوا طعامهم واقتسموه بالسوية
- 256 لا تقرنوا؛ فإن النبي ﷺ نهى عن القران
- 257 من أعتق شركا له في عبد
- 258 من أعتق شقيصا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله
- 259 البدل في الاضحية البقرة عن سبعة اشخاص
- 260 كل سبعة منا في بدنة
- 261 يتراجع الخليطان بينهما بالسوية
معلومات عن حديث: البائع يدرك سلعته بعينها عند المفلس
📜 حديث: البائع يدرك سلعته بعينها عند المفلس
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: البائع يدرك سلعته بعينها عند المفلس
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: البائع يدرك سلعته بعينها عند المفلس
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: البائع يدرك سلعته بعينها عند المفلس
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








