حديث: فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الحجر على البالغ إذا كان سفيها
فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي، فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة، فقالا: السلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته، أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا. قالوا: كلنا. قالت: نعم، ادخلوا كلكم، ولا تعلم أن معهما ابن الزبير، فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب، فاعتنق عائشة، وطفق يناشدها، ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانها إلا ما كلمته، وقبلت منه، ويقولان: إن النبي ﷺ نهى عما قد علمت من الهجرة، فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال. فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج طفقت تذكرهما، وتبكي، وتقول: إني نذرت والنذر شديد. فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة، وكانت تذكر نذرها بعد ذلك، فتبكي حتى تبل دموعها خمارها.
صحيح: رواه البخاريّ في الأدب (٦٠٧٣، ٦٠٧٤، ٦٠٧٥) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني عوف بن مالك فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإن حديث عوف بن مالك عن عائشة رضي الله عنها يحمل قصة عظيمة فيها دروس وعبر، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان الدروس المستفادة.
شرح المفردات:
● لأحجرن عليها: أي سأطلب من الحاكم أن يمنعها من التصرف في مالها (الحجر هو المنع من التصرف في المال لسفه أو غيره).
● نذر: التزام قربة غير واجبة.
● لا أتحنث: لا أكفر عن نذري (والتحنث هو التكفير عن النذر).
● مشتملين بأرديتهما: متغطيين بأرديتهم (لإخفاء ابن الزبير).
● الحجاب: الستر الذي كان يفصل بينها وبين الرجال.
● يناشدها: يتوسل إليها ويلح في الطلب.
● الهجرة: المقاطعة وترك الكلام.
● التحريج: الحث والإلحاح.
شرح الحديث:
تخبرنا السيدة عائشة رضي الله عنها أن ابن أختها عبد الله بن الزبير (وهو ابن أختها أسماء بنت أبي بكر) قال كلمة غليظة فيها تهديد لها بأنه سيطلب من الحاكم أن يحجر عليها (يمنعها من التصرف في مالها) إذا لم تنته عن عطاء أو بيع كانت تعطيه. فلما بلغها ذلك، استشاطت غضبًا ونذرت أن لا تكلمه أبدًا.
وبعد مدة طويلة من المقاطعة، ندم ابن الزبير وحاول أن يطلب منها السماح فرفضت، ثم لجأ إلى حيلة حيث استعان بقريبين لهما من بني زهرة (المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود) ليدخلا عليهما مخبئًا إياه تحت أرديتهما. وعندما دخلوا، انكشف الأمر فاعتنقها ابن الزبير وبكى وطلب منها السماح، وأخذ الوسيطان يذكرانها بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم الهجرة فوق ثلاث ليال.
بعد إلحاح وبكاء وذكر للحديث النبوي، تراجعت عن نذرها وكلمته، لكن لأن النذر أمر خطير، كفرت عنه بعتق أربعين رقبة (عبدًا أو أمة). وبقيت بعد ذلك تندم على هذا النذر وتبكي عليه حتى بل دمعها خمارها.
الدروس المستفادة:
1- خطورة النذر: النذر ليس من الأمور المستحبة، بل جاء النهي عنه في أحاديث أخرى، لأنه قد يوقع الإنسان في حرج كما وقع للسيدة عائشة.
2- تحريم الهجرة فوق ثلاث: الحديث يذكرنا بالحديث الصحيح الذي ينهى عن أن يهجر المسلم أخاه فوق ثلاث ليال، وهذا من أعظم الدروس في أهمية صلة الرحم وحرمة القطيعة.
3- التكفير عن النذر: إذا نذر الإنسان نذرًا ثم لم يستطع الوفاء به، فإن عليه كفارة يمين (إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة)، وهذا ما فعلته السيدة عائشة بعتقها الأرقاء.
4- الحكمة في حل المشاكل: لجوء ابن الزبير إلى الوساطة من الأقارب والحيلة الطيبة لدخول على السيدة عائشة يدل على أهمية اللجوء إلى الحكمة والرفق في حل النزاعات الأسرية.
5- ندم السيدة عائشة وبكاؤها: يدل على خوفها من الله وحرصها على التخلص من إثم النذر، وأنها كانت تعلم أن النذر أمرٌ عظيم.
معلومات إضافية:
- القصة توضح أيضًا مكانة السيدة عائشة وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وكأنهما من أهل البيت الذين تربطهم صلة قوية.
- الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالمعاملات والنذور.
- فيه بيان أن النذر إذا كان في معصية فلا يجوز الوفاء به، بل يجب كفارته.
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وفي رواية عنده (٣٥٠٥) عن عروة بن الزبير قال: كان عبد اللَّه بن الزبير أحب البشر إلى عائشة بعد النبي ﷺ وأبي بكر، وكان أبرَّ النّاس بها، وكانت لا تمسك شيئًا مما جاءها من رزق اللَّه إلا تصدقت. فقال ابن الزبير: ينبغي أن يؤخذ على يديها، فقالت: أيؤخذ على يدي، علي نذر إن كلمته. فذكر بقية الحديث.
وهذا الحجر على عائشة لم يكن في محله؛ لأنها لم تكن سفيهة؛ فإن تصرفها كان صحيحا، ولذا لم ترض بحجر ابن الزبير، بل شدت عليه بأن لا تكلمه أبدا.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 246 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 221 مطل الغني ظلم ووجوب متابعة المليء
- 222 قضاء دين الشهيد ببركة دعاء النبي ﷺ
- 223 بعته إياه فأعطاني ثمنه
- 224 كفى بالله شهيدًا وكفيلًا
- 225 تاجر يداين الناس فيقول لفتيانه: تجاوزوا عنه
- 226 من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة
- 227 من أنظر معسرًا أو وضع له أظله الله في ظل...
- 228 تجوزوا عن الموسر وتنظروا المعسر
- 229 تجاوزوا عن المعسر
- 230 من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله
- 231 من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس...
- 232 من نفس عن غريمه أو محا عنه
- 233 من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة
- 234 النبي يأمر كعبا بإسقاط نصف الدين
- 235 تصدقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه
- 236 من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق...
- 237 البائع يدرك سلعته بعينها عند المفلس
- 238 من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به
- 239 إذا سرق من رجل سرقة فهو أحق بها حيث وجدها
- 240 لي الواجد يحل عرضه وعقوبته
- 241 السلف يجري مجرى شطر الصدقة
- 242 عُرضت على النبي يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم...
- 243 من لم ينبت خلي سبيله يوم قريظة
- 244 اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم
- 245 شرط قبول صلاة المرأة البالغة الخمار
- 246 فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها...
- 247 لا يتم بعد احتلام ولا يتم على جارية إذا هي...
- 248 اشترى النبي ﷺ من يهودي طعامًا إلى أجل ورهنه درعه
- 249 رهن النبي درعه بشعير
- 250 درع النبي مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير.
- 251 كعب بن الاشرف آذى الله ورسوله
- 252 الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا
- 253 الرهن لا يغلق، له غنمه وعليه غرمه
- 254 بعث رسول الله ﷺ بعثا قبل الساحل
- 255 الأشعريون إذا أرملوا في الغزو جمعوا طعامهم واقتسموه بالسوية
- 256 لا تقرنوا؛ فإن النبي ﷺ نهى عن القران
- 257 من أعتق شركا له في عبد
- 258 من أعتق شقيصا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله
- 259 البدل في الاضحية البقرة عن سبعة اشخاص
- 260 كل سبعة منا في بدنة
- 261 يتراجع الخليطان بينهما بالسوية
- 262 لا يبيع أحد شريكه حتى يؤذنه
- 263 من يأخذ الناقة على النصف مما يغنم
- 264 كنت شريكي فنعم الشريك كنت لا تداري ولا تماري
- 265 من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه
- 266 الحلال بيّن والحرام بيّن وبين ذلك شبهات
- 267 لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم من...
- 268 إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة...
- 269 يعبدوه ولا تشركوا به شيئًا
- 270 من غش فليس مني
معلومات عن حديث: فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة
📜 حديث: فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








