حديث: فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الحجر على البالغ إذا كان سفيها

عن عوف بن مالك بن الطفيل -وهو ابن الحارث، وهو ابن أخي عائشة زوج النبي ﷺ لأمها- أن عائشة حُدثت أن عبد اللَّه بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة: واللَّه لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها. فقالت: أهو قال هذا؟ قالوا: نعم. قالت: هو اللَّه على نذر أن لا أكلم ابن الزبير أبدا، فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة، فقالت: لا واللَّه، لا أشفع فيه أبدا، ولا أتحنث إلى نذري. فلما طال ذلك على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث -وهما من بني زهرة-، وقال لهما: أنشدكما باللَّه لما أدخلتماني على عائشة؛
فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي، فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة، فقالا: السلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته، أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا. قالوا: كلنا. قالت: نعم، ادخلوا كلكم، ولا تعلم أن معهما ابن الزبير، فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب، فاعتنق عائشة، وطفق يناشدها، ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانها إلا ما كلمته، وقبلت منه، ويقولان: إن النبي ﷺ نهى عما قد علمت من الهجرة، فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال. فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج طفقت تذكرهما، وتبكي، وتقول: إني نذرت والنذر شديد. فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة، وكانت تذكر نذرها بعد ذلك، فتبكي حتى تبل دموعها خمارها.

صحيح: رواه البخاريّ في الأدب (٦٠٧٣، ٦٠٧٤، ٦٠٧٥) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني عوف بن مالك فذكره.

عن عوف بن مالك بن الطفيل -وهو ابن الحارث، وهو ابن أخي عائشة زوج النبي ﷺ لأمها- أن عائشة حُدثت أن عبد اللَّه بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة: واللَّه لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها. فقالت: أهو قال هذا؟ قالوا: نعم. قالت: هو اللَّه على نذر أن لا أكلم ابن الزبير أبدا، فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة، فقالت: لا واللَّه، لا أشفع فيه أبدا، ولا أتحنث إلى نذري. فلما طال ذلك على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث -وهما من بني زهرة-، وقال لهما: أنشدكما باللَّه لما أدخلتماني على عائشة؛
فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي، فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة، فقالا: السلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته، أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا. قالوا: كلنا. قالت: نعم، ادخلوا كلكم، ولا تعلم أن معهما ابن الزبير، فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب، فاعتنق عائشة، وطفق يناشدها، ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانها إلا ما كلمته، وقبلت منه، ويقولان: إن النبي ﷺ نهى عما قد علمت من الهجرة، فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال. فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج طفقت تذكرهما، وتبكي، وتقول: إني نذرت والنذر شديد. فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة، وكانت تذكر نذرها بعد ذلك، فتبكي حتى تبل دموعها خمارها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن حديث عوف بن مالك عن عائشة رضي الله عنها يحمل قصة عظيمة فيها دروس وعبر، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان الدروس المستفادة.

شرح المفردات:


● لأحجرن عليها: أي سأطلب من الحاكم أن يمنعها من التصرف في مالها (الحجر هو المنع من التصرف في المال لسفه أو غيره).
● نذر: التزام قربة غير واجبة.
● لا أتحنث: لا أكفر عن نذري (والتحنث هو التكفير عن النذر).
● مشتملين بأرديتهما: متغطيين بأرديتهم (لإخفاء ابن الزبير).
● الحجاب: الستر الذي كان يفصل بينها وبين الرجال.
● يناشدها: يتوسل إليها ويلح في الطلب.
● الهجرة: المقاطعة وترك الكلام.
● التحريج: الحث والإلحاح.

شرح الحديث:


تخبرنا السيدة عائشة رضي الله عنها أن ابن أختها عبد الله بن الزبير (وهو ابن أختها أسماء بنت أبي بكر) قال كلمة غليظة فيها تهديد لها بأنه سيطلب من الحاكم أن يحجر عليها (يمنعها من التصرف في مالها) إذا لم تنته عن عطاء أو بيع كانت تعطيه. فلما بلغها ذلك، استشاطت غضبًا ونذرت أن لا تكلمه أبدًا.
وبعد مدة طويلة من المقاطعة، ندم ابن الزبير وحاول أن يطلب منها السماح فرفضت، ثم لجأ إلى حيلة حيث استعان بقريبين لهما من بني زهرة (المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود) ليدخلا عليهما مخبئًا إياه تحت أرديتهما. وعندما دخلوا، انكشف الأمر فاعتنقها ابن الزبير وبكى وطلب منها السماح، وأخذ الوسيطان يذكرانها بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم الهجرة فوق ثلاث ليال.
بعد إلحاح وبكاء وذكر للحديث النبوي، تراجعت عن نذرها وكلمته، لكن لأن النذر أمر خطير، كفرت عنه بعتق أربعين رقبة (عبدًا أو أمة). وبقيت بعد ذلك تندم على هذا النذر وتبكي عليه حتى بل دمعها خمارها.

الدروس المستفادة:


1- خطورة النذر: النذر ليس من الأمور المستحبة، بل جاء النهي عنه في أحاديث أخرى، لأنه قد يوقع الإنسان في حرج كما وقع للسيدة عائشة.
2- تحريم الهجرة فوق ثلاث: الحديث يذكرنا بالحديث الصحيح الذي ينهى عن أن يهجر المسلم أخاه فوق ثلاث ليال، وهذا من أعظم الدروس في أهمية صلة الرحم وحرمة القطيعة.
3- التكفير عن النذر: إذا نذر الإنسان نذرًا ثم لم يستطع الوفاء به، فإن عليه كفارة يمين (إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة)، وهذا ما فعلته السيدة عائشة بعتقها الأرقاء.
4- الحكمة في حل المشاكل: لجوء ابن الزبير إلى الوساطة من الأقارب والحيلة الطيبة لدخول على السيدة عائشة يدل على أهمية اللجوء إلى الحكمة والرفق في حل النزاعات الأسرية.
5- ندم السيدة عائشة وبكاؤها: يدل على خوفها من الله وحرصها على التخلص من إثم النذر، وأنها كانت تعلم أن النذر أمرٌ عظيم.

معلومات إضافية:


- القصة توضح أيضًا مكانة السيدة عائشة وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وكأنهما من أهل البيت الذين تربطهم صلة قوية.
- الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالمعاملات والنذور.
- فيه بيان أن النذر إذا كان في معصية فلا يجوز الوفاء به، بل يجب كفارته.
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأدب (٦٠٧٣، ٦٠٧٤، ٦٠٧٥) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني عوف بن مالك فذكره.
وفي رواية عنده (٣٥٠٥) عن عروة بن الزبير قال: كان عبد اللَّه بن الزبير أحب البشر إلى عائشة بعد النبي ﷺ وأبي بكر، وكان أبرَّ النّاس بها، وكانت لا تمسك شيئًا مما جاءها من رزق اللَّه إلا تصدقت. فقال ابن الزبير: ينبغي أن يؤخذ على يديها، فقالت: أيؤخذ على يدي، علي نذر إن كلمته. فذكر بقية الحديث.
وهذا الحجر على عائشة لم يكن في محله؛ لأنها لم تكن سفيهة؛ فإن تصرفها كان صحيحا، ولذا لم ترض بحجر ابن الزبير، بل شدت عليه بأن لا تكلمه أبدا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 246 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة

  • 📜 حديث: فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب