حديث: الفرار من المجذوم كالفرار من الاسد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب اعتبار السلامة من العيوب في الكفاءة

وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، وفرِّ من المجذوم كما تفر من الأسد».

صحيح: رواه البخاري في الطب (٥٨٠٧) قال: وقال عفّان: حدثنا سليم بن حبان، حدثنا سعيد بن ميناء قال: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، وفرِّ من المجذوم كما تفر من الأسد».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يزيل فيه خرافات الجاهلية ويؤسس لعقيدة صحيحة قائمة على التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب.

أولاً. شرح المفردات:


● لا عدوى: نفي للاعتقاد الخاطئ بأن المرض يعدي بذاته دون قدرة الله.
● ولا طيرة: الطيرة هي التشاؤم بمرئي أو مسموع.
● ولا هامة: الهامَةُ (بفتح الهاء): طائر كانوا يتشاءمون به، ويزعمون أن روح القتيل تصير هامة فتصرخ فتنتقم.
● ولا صفر: كانوا يتشاءمون بشهر صفر، أو بدودة تسمى "صفر" تزعم أنها تصيب البطن.
● وفر من المجذوم: المجذوم هو المصاب بمرض الجذام (مرض جلدي معدي).
● كما تفر من الأسد: أي بسرعة وخوف.


ثانياً. شرح الحديث:


جاء هذا الحديث ليقضي على مجموعة من المعتقدات الباطلة التي كانت سائدة في الجاهلية، ويبني في نفس الوقت تصوراً صحيحاً يجمع بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب.
1- نفي العدوى كاعتقاد جاهلي (لا عدوى):
- كان العرب في الجاهلية يعتقدون أن الأمراض تعدي بطبعها من تلقاء نفسها، دون إرادة الله وقدرته. فجاء النبي صلى الله عليه وسلم لينفي هذا الاعتقاد الفاسد، ويؤكد أن الأمر بيد الله تعالى، وأنه لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن شيئاً ينقل الضرر أو النفع بذاته دون مشيئة الله.
- وهذا لا يعني نفي العدوى كحقيقة طبية ثابتة حساً وشرعاً، بل هو نفي للاعتقاد الخاطئ فيها. والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في رواية أخرى: «لا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» (رواه البخاري ومسلم)، وأمره بالفرار من المجذوم في نفس هذا الحديث. فهذا دليل على الأخذ بالأسباب والحذر من انتقال المرض.
2- نفي الطيرة والتهامة والصفر:
- كل هذه من أمور الشرك والخرافات التي كانت منتشرة.
● الطيرة: هي التشاؤم بمرئي أو مسموع (كصوت غراب أو مرور شخص أعور)، وكانت تمنعهم من السفر أو إكمال أعمالهم. فجاء الإسلام ليبطلها ويستبدلها بالتفاؤل والتوكل على الله.
● الهامة: معتقد جاهلي بأن روح القتيل إذا لم تنتقم تتحول إلى طير (الهامة) تطير وتصرخ حتى تنتقم.
● صفر: كانوا يتشاءمون بشهر صفر ويحرّمون العمل والسفر فيه، أو يتشاءمون بدودة تسمى "صفر" يزعمون أنها تصيب الإنسان في بطنه.
- فالنبي صلى الله عليه وسلم ينفي كل هذه المعتقدات الباطلة ويؤكد أن الأمور كلها بيد الله، ولا تأثير لهذه الأشياء بنفسها.
3- الجمع بين التوكل والأخذ بالأسباب (وفر من المجذوم كما تفر من الأسد):
- هنا يأتي التوجيه العملي الحكيم. بعد أن نفي النبي صلى الله عليه وسلم الاعتقاد الفاسد، أمر بالأخذ بالسبب والحذر. فمرض الجذام ثبت ضرره وعدواه حساً وشرعاً، فأمرنا بالابتعاد عن مصدر الضرر.
- التشبيه "كما تفر من الأسد" لأمرين:
● بيان شدة الخطر: فالمجذوم مصدر عدوى محتمل وخطير كالأسد.
● عدم إلقاء النفس في التهلكة: فالفرار هنا ليس ضعفاً في التوكل، بل هو توكل صحيح؛ لأن التوكل هو الاعتماد على الله مع الأخذ بالأسباب المشروعة.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تصحيح العقيدة: يجب أن يكون اعتقاد المسلم صحيحاً، فلا يعتقد أن شيئاً يضر أو ينفع بذاته، بل الأمر كله لله تعالى.
2- الابتعاد عن الخرافات والشركيات: مثل الطيرة والتشاؤم، واستبدال ذلك بالتفاؤل وحسن الظن بالله.
3- الجمع بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب: فالإيمان بالقدر لا ينافي الأخذ بالأسباب المشروعة للوقاية من الشرور والأمراض.
4- الحكمة في التعامل مع الأمراض المعدية: الشرع يحث على الحجر الصحي والابتعاد عن مصادر العدوى حفاظاً على صحة الفرد والمجتمع.
5- سلامة القلب وثقته بالله: عندما يزول اعتقاد الطيرة والخرافات، يعيش القلب مطمئناً متوكلاً على الله حق توكله.


رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب الطب، باب لا عدوى) ومسلم في صحيحه (كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة...).
- يجمع العلماء بين نفي العدوى وإثباتها بأن النفي للاعتقاد الجاهلي الفاسد، والإثبات للحقيقة الكونية التي جعلها الله سبباً، مع أن المؤثر الحقيقي هو الله تعالى.
- من الأدلة على مشروعية الحجر الصحي قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا» (رواه البخاري ومسلم).
أسأل الله أن يرزقنا عقيدة صحيحة، وتوكلاً صادقاً، ويبعد عنا الشرور والخرافات. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصح
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الطب (٥٨٠٧) قال: وقال عفّان: حدثنا سليم بن حبان، حدثنا سعيد بن ميناء قال: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 43 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الفرار من المجذوم كالفرار من الاسد

  • 📜 حديث: الفرار من المجذوم كالفرار من الاسد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الفرار من المجذوم كالفرار من الاسد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الفرار من المجذوم كالفرار من الاسد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الفرار من المجذوم كالفرار من الاسد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب