خير ما تداوون به الحجامة

حديث: خير ما تداوون به الحجامة

وعن أبي هريرة أن أبا هند حجم النبي ﷺ في اليافوخ، فقال له النبي ﷺ: «يا بني بياضة، أنكحوا أبا هند، أنكحوا إليه».
وقال: «وإن كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة».
وفي رواية: «كان حجامًا».

حسن: رواه أبو داود (٢١٠٢) عن عبد الواحد بن غياث، حدثنا حماد، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، يجمع بين حادثة عملية تنفع الأمة في شؤونها الدنيوية والأخروية، ودروس في التواضع والعلاقات الاجتماعية. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح المفردات:

● حجم: فعل من الحجامة، وهي عملية إخراج الدم الفاسد من الجسم عن طريق مصه من مواضع معينة باستخدام كؤوس هوائية.
● في اليافوخ: اليافوخ هو أعلى الرأس، وهو الموضع الذي يلتقي فيه عظما الجبهة ومؤخرة الرأس، وكانت الحجامة فيه معروفة لعلاج بعض الأمراض.
● بني بياضة: هي قبيلة من قبائل الأنصار في المدينة المنورة، وينسب إليها أبو هند، فهو منها.
● أنكحوا أبا هند: أي زوجوه، وشجعوا على تزويجه، والخطاب موجه لأقاربه من قبيلته أو للمسلمين عامة.
● أنكحوا إليه: أي اطلبوا له الزواج وساعدوه في ذلك، بمعنى قدموا له النساء للزواج منه.

ثانياً. شرح الحديث:

1- الحدث الرئيسي: قام أبو هند، وهو من قبيلة بني بياضة وكان يعمل حجامًا (كما في الرواية الأخرى)، بإجراء الحجامة للنبي صلى الله عليه وسلم في موضع اليافوخ من رأسه الشريف.
2- رد فعل النبي صلى الله عليه وسلم: لم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بشكر أبي هند على خدمته، بل قام بمدحه والدعاء له والترغيب في تزويجه أمام الناس، قائلاً: «يا بني بياضة، أنكحوا أبا هند، أنكحوا إليه». وهذا تشجيع عملي من النبي لهذا الرجل، ليكرمه ويرفع من شأنه وييسر أمر زواجه.
3- التعليق العام على الحجامة: ثم استغل النبي صلى الله عليه وسلم هذه المناسبة ليعلم الأمة منفعة طبية عظيمة، فقال: «وإن كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة». وهذا بيان لعظم منفعة الحجامة كعلاج.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- شرعية الحجامة وفضلها: الحديث أصل كبير في استحباب الحجامة والتداوي بها، وقد جاءت أحاديث أخرى تؤكد على نفعها وتحدد أوقاتها المستحبة. وهي من العلاجات النبوية التي أثبت العلم الحديث فوائدها الكثيرة.
2- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم: تخيل الموقف: نبي الله وخير البشر صلى الله عليه وسلم يجلس بين يدي رجل من عامة الناس ليعالجه، وهذا أبلغ درس في التواضع وعدم التكبر.
3- تقدير أصحاب المهن والحرف: النبي صلى الله عليه وسلم لم يستح من أن يخدمه حجام، بل شكر له عمله وشجعه وأمر بتزويجه. وهذا تقدير للعمل اليدوي وشرف لأهله، ورد على من يحتقر بعض المهن.
4- الحرص على مصلحة المسلمين وتيسير أمورهم: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتزويج أبي هند، مما يدل على حرصه على استقرار حياة أصحابه وتكاثر الأمة المسلمة. وهو قدوة للقادة والعلماء في السعي لقضاء حوائج الناس.
5- الجمع بين الدعوة والموعظة وبين الأمور الدنيوية: النبي صلى الله عليه وسلم جمع في هذا الموقف بين الاستفادة من العلاج وبين تعليم الأمة وتشجيع الرجل على الزواج.
6- التعاون والتكافل الاجتماعي: قوله «أنكحوا أبا هند» حث للمجتمع على التعاون في الخير وتيسير أمور الزواج للشباب.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

● الحجامة في الطب النبوي: أجمع العلماء على استحباب الحجامة للتداوي، وقد حددوا أوقاتاً مستحبة لها مثل السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين من الشهر الهجري، كما أن لها فوائد طبية عديدة في تنقية الدم وتخفيف الآلام.
● أبو هند: هو من الأنصار، واسمه البراء بن عازب في روايات أخرى، وقيل غيره، والمهم أنه صحابي جليل.
● الحديث في الكتب المعتمدة: رواه أبو داود في سننه، وابن ماجه، وأحمد في مسنده، وهو حسن.
أسأل الله أن يكون في هذا الشرح الفائدة والنفع، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢١٠٢) عن عبد الواحد بن غياث، حدثنا حماد، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.
ورواه أيضًا الدارقطني (٣/ ٣٠٠ - ٣٠١) وابن حبان (٤٠٦٧) والحاكم (٢/ ١٦٤) والبيهقي (٧/ ١٣٦) كلهم من طريق محمد بن عمرو، به.
قال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم».
قال الأعظمي: وهو كذلك إلا أن محمد بن عمرو وهو ابن علقمة الليثي وإن كان من رجال الصحيح إلا أنه حسن الحديث.
وفي مرسل الزهري قال: أمر رسول اللَّه ﷺ بني بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم. فقالوا: يا رسول اللَّه، نزوج بناتنا موالينا؟ فأنزل اللَّه عز وجل: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣].
رواه أبو داود في مراسيله (٢١٨) عن عمرو بن عثمان، وكثير بن عبيد قالا: نا بقية، حدثني الزبيدي، عن الزهري فذكره. وقد روي موصولًا ولا يصح. قال أبو داود: «روي بعضه مسندا وهو ضعيف».
قال الأعظمي: رواه الدارقطني (٣/ ٣٠٠) موصولًا بذكر عروة، عن عائشة. قال أبو حاتم في «العلل» (١/ ٤٠٩): «هذا حديث باطل».
وفي الحديث حجة لمن يقول: إن الكفاءة بالدين وحده دون غيره، فإن أبا هند الحجام واسمه عبد اللَّه، ويقال: يسار، ويقال سالم كان مولى لبني بياضة، وليس منهم، وهو الذي كان يحتجم النبي ﷺ، فأمرهم أن ينكحوا أي بناتكم.
وقوله: «وأنكحوا إليه» أي اخطبوا إليه بناتهم.
وكانت زينب بنت جحش من بني أسد بن خزيمة، وأمها عمة رسول اللَّه ﷺ زُوجت من زيد بن حارثة، وكان من الموالي حتى طلّقها، وتزوج بها رسول اللَّه ﷺ. وكانت ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب امرأة المقداد بن الأسود.
وكان حليفا لقريش، وإن أبا حذيفة بن عُتبة تبنّي سالمًا مولاه، وزوَّجه ابنة أخيه، وكانت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلال. وفي كل ذلك دلالة على أن نكاح غير الكفوء ليس بمحرم إذا رضي به الولي، والمرأة كانت رشيدة. انظر: «شرح السنة» (٩/ ١١).
وقال ابن المنذر: «اختلف أهل العلم في باب الكفاءة، فقالت طائفة: الكفاءة في الدين، وأهل الإسلام كلهم بعضهم لبعض أكفاء، كذلك قال مالك بن أنس.
قال ابن القاسم: سألت مالكا عن نكاح المولى في العرب، فقال: لا بأس بذلك، ألا ترى إلى ما في كتاب اللَّه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣] قال: وقال مالك: أهل الإسلام كلهم بعضهم لبعض أكفاء؛ لقول اللَّه جل وعز في التنزيل: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى﴾.
وذكر عن مالك أنه قال: ومما يبين ذلك أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة أنكح سالما فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، ولم ينكر ذلك عليه، ومما يبين ذلك أيضًا أن خباب الأنصاري كانت تحته امرأة من قريش من بني هاشم، وقد أنقض على من يقول أن العرب لا تتزوج في قريش، ولم أر أحدًا من أهل الفقه والفضل، ولم أسمع أنه أنكر أن يتزوج العرب في قريش، ولا أن يتزوج الموالي في العرب وقريش، إذا كان كفؤها في حاله» انتهى. انظر: «الأوسط (٨/ ٢٢١).
فائدة مهمة: ويروى عن الحسن: أتاه رجل فقال: إن لي بنتًا أحبها، وقد خطبها غير واحد، فمن تُشير علي أن أزوجها؟ قال: «زوّجها رجلًا يتقي اللَّه، فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها. انظر للمزيد: «المنة الكبرى» (٦/ ١٣٢).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 36 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خير ما تداوون به الحجامة

📜 حديث: خير ما تداوون به الحجامة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: خير ما تداوون به الحجامة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: خير ما تداوون به الحجامة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: خير ما تداوون به الحجامة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية