حديث: أربع من السعادة وأربع من الشقاوة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء أن الكفاءة هي الدين وحده، والترغيب في اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين

عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء، وأربع من الشقاوة: الجار السوء، والمرأة السوء، والمسكن الضيّق، والمركب السوء».

صحيح: رواه ابن حبان في صحيحه (٤٠٣٢) عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف، قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزمة، قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن أبيه، عن جده فذكره.

عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء، وأربع من الشقاوة: الجار السوء، والمرأة السوء، والمسكن الضيّق، والمركب السوء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يرزقنا جميعاً السعادة في الدنيا والآخرة. هذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، جمع فيه النبي ﷺ بين أصول السعادة الدنيوية وأسباب الشقاوة فيها، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً إن شاء الله.
الحديث: عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ، وَأَرْبَعٌ مِنَ الشَّقَاوَةِ: الْجَارُ السُّوءُ، وَالْمَرْأَةُ السُّوءُ، وَالْمَسْكَنُ الضَّيِّقُ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ».
[رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك، وهو حسن]


أولاً. شرح المفردات:


● السعادة: هنا المقصود بها الطمأنينة والراحة والهناء في الحياة الدنيا، وهي من أسباب استقرار القلب وتفرغه للطاعة.
● الشقاوة: ضد السعادة، وهي الضيق والهم والقلق الذي يعكّر صفو الحياة.
● المرأة الصالحة: التي تتقي الله في نفسها وفي زوجها وأولادها، وتحفظه في غيبته وحضوره.
● المسكن الواسع: البيت الذي يسع أهلَه comfortably، ولا يشعرون فيه بالضيق والتزاحم.
● الجار الصالح: الذي يأمنه جاره على أهله وماله، ويستره وينصحه.
● المركب الهنيء: الدابة أو السيارة التي تكون مريحة وآمنة، يسهل على صاحبها قضاء حوائجه بها.
● المرأة السوء: التي تكون سيئة الخلق، لا تطيع زوجها ولا تحفظه، وتُدخل عليه الهم والضيق.
● المسكن الضيق: البيت الذي لا يسع أهله، فيشعرون فيه بالاختناق وعدم الراحة.
● المركب السوء: الوسيلة المواصلات التي تكون غير مريحة أو غير آمنة، تتعب صاحبها وتعرضه للمخاطر.


ثانياً. شرح الحديث:


جمع النبي ﷺ في هذا الحديث بين أربعة أمور تكون سبباً في سعادة المرء وراحته في معيشته، وأربعة أمور أخرى تكون سبباً في شقائه وتعاسته.
أربع من السعادة:
1- المرأة الصالحة: هي نعمة عظيمة من الله، فهي شريكة الحياة التي تعين زوجها على طاعة الله، وتكون سكناً له، وتربي أولاده تربية صالحة، فإذا نظر إليها سرّته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله. قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم: 21]. وهي خير متاع الدنيا كما في الحديث: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ».
2- المسكن الواسع: المسكن هو ملاذ الإنسان وراحته، فإذا كان واسعاً مريحاً، سهُلت فيه الحياة، واجتمعت فيه الأسرة في راحة وطمأنينة، وتفرغ الإنسان للعبادة والعمل بقلبٍ مطمئن، بعيداً عن ضيق المكان الذي يولد التوتر والقلق.
3- الجار الصالح: الجار له تأثير كبير على حياة المرء، فالجار الصالح يأمن جاره على عرضه وماله، ويعينه في الشدة والرخاء، ويستر عيوبه، وينصحه إذا أخطأ. وجود جار صالح نعمة تحفظ للإنسان دينه ودنياه، وتجعل الحي مكاناً آمناً مطمئناً. وقد أوصى الله بالجار في القرآن، وأكد النبي ﷺ على حقه حتى قال: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ».
4- المركب الهنيء: وهي وسيلة المواصلات التي ينتقل بها الإنسان لقضاء حوائجه، سواء كانت سيارة أو دابة. فإذا كانت مريحة وآمنة، سهّلَت عليه تنقلاته، ووفرت عليه الوقت والمشقة، وجنّبته الحوادث والأخطار، فكانت سبباً في راحته وسعادته.
أربع من الشقاوة:
1- الجار السوء: هو من البلاء العظيم، فهو الذي يؤذي جاره بقوله أو فعله، ولا يأمنه جاره على أهله وماله، ويُدخل عليه الهم والقلق، فيعكّر صفو حياته ويحرمه من الاستقرار والأمان في بيته.
2- المرأة السوء: هي التي تجلب الشقاء لزوجها، بسوء خلقها وعصيانها ونشرها للفتنة في البيت، فلا يجد عندها سكناً ولا راحة، بل همّاً وضيقاً، وقد تُضيّع أولاده وماله.
3- المسكن الضيق: وهو الذي لا يرتاح فيه الإنسان، بل يشعر بالضيق والاختناق، مما ينعكس سلباً على نفسيته وأخلاقه، ويجعله عصبياً متوتراً، غير قادر على التمتع بحياته أو الاستقرار فيها.
4- المركب السوء: وهي الوسيلة التي تتعب صاحبها، إما بكثرة عطلها
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن حبان في صحيحه (٤٠٣٢) عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف، قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزمة، قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن أبيه، عن جده فذكره. وإسناده صحيح.
وقد رُوي بأسانيد ضعيفة مع اختلاف في المتن.
منها ما رواه أبو داود الطيالسي (٢٠٧) وأحمد (١٤٤٥) والبزّار -كشف الأستار (١٤١٢) - كلهم من حديث محمد بن أبي حميد الأنصاري، قال: حدثني إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقّاص بإسناده وبلفظ: «سعادة لابن آدم ثلاث، وشقوة لابن آدم ثلاث، فمن سعادة ابن آدم: الزوجة الصالحة، والمركب الصالح، والمسكن الواسع، أو قال: والمسكن الصالح، وشقوة لابن
آدم ثلاث: المسكن السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء».
ومحمد بن أبي حميد إبراهيم الأنصاري الزرقي ضعيف باتفاق أهل العلم.
وقول البزار: «لا نعلمه مرفوعًا إلا من هذا الوجه عن سعد، ومحمد بن أبي حميد فليس بالقوي. وقد روى عنه جماعة من أهل العلم».
قال الأعظمي: فيه نظر، لأنه رواه أيضًا عبد اللَّه بن سعد بن أبي هند، عن إسماعيل بن محمد بن سعد كما سبق بأتم من هذا.
وكذا قول الهيثمي في «المجمع» (٤/ ٢٧٢): «رواه أحمد، والبزّار، والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح» ليس بصحيح، فإن رجال أحمد ورجال البزار واحد، وفي إسنادهما محمد بن أبي حميد الزُّورقي ليس من رجال الصحيح وإنما هو من رجال الترمذي وابن ماجه. وللحديث أسانيد أخرى.
وأما ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إذا خطب إليكم من ترضون دينَه وخُلُقَه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» فهو ضعيف.
رواه الترمذي (١٠٨٤) وابن ماجه (١٩٦٧) والحاكم (٢/ ١٦٤) كلهم من حديث عبد الحميد ابن سليمان، عن ابن عجلان، عن ابن وثيمة النصري، عن أبي هريرة فذكره.
وعبد الحميد بن سليمان هو الخزاعي الضرير «ضعيف».
ولذا تعقبه الذهبي على الحاكم في قوله: «صحيح الإسناد» فقال: عبد الحميد هو أخو فليح قال أبو داود: «كان غير ثقة، وابن وثيمة لا يعرف».
وقال الترمذي: «حديث أبي هريرة قد خُولف عبد الحميد بن سليمان في هذا الحديث. ورواه الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن ابن هرمز، عن النبي ﷺ مرسلًا» وتحرف في الترمذي ابن هرمز إلى أبي هريرة».
وقال: قال محمد (البخاري): وحديث الليث أشبه، ولم يعدّ حديث عبد الحميد محفوظًا.
ونقل في: العلل (١/ ٤٢٦): قال: سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: «رواه الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن عبد اللَّه بن هرمز، عن النبي ﷺ مرسلًا».
قال الأعظمي: هكذا رواه أبو داود في مراسيله (٢١٣) عن قتيبة، نا الليث، عن ابن عجلان، عن عبد اللَّه بن هرمز اليماني، أن رسول اللَّه ﷺ قال فذكره بمعناه، فراجعه الناس فردها ثلاث مرات.
قال أبو داود: «وقد أسنده عبد الحميد بن سليمان، عن ابن عجلان وهو خطأ».
وأما ابن وثيمة هو: زفر بن وثيمة بن مالك بن الحدثان فهو حسن الحديث وثّقه ابن معين وذكره ابن حبان.
ولابن هرمز إسناد آخر. وهو ما رواه الترمذي (١٠٨٥) وأبو داود في: المراسيل (٢١٢)
والبيهقي (٧/ ٨٢) كلهم من حديث حاتم بن إسماعيل عن ابن هرمز (عبد اللَّه بن هرمز الفدكي) عن سعيد ومحمد ابني عبيد، عن أبي حاتم المزني قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير».
قالوا: يا رسول اللَّه، وإن كان فيه؟
قال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه» ثلاث مرات.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب، وأبو حاتم المزني له صحبة، ولا نعرف له عن النبي ﷺ غير هذا الحديث» هذا اللفظ كله للترمذي واختصره الآخرون.
وقول الترمذي: «حسن» ليس بحسن، لضعف عبد اللَّه بن هرمز، وشَيْخيْه سعيد ومحمد ابني عبيد فهما مجهولان.
كما اختلف في أبي حاتم المزني أله صحبة أم لا؟ فقال البخاري وغيره: له صحبة، وقال أبو داود: ليس له صحبة فصار مرسلًا.
ولحديث أبي هريرة طرق أخرى، وشواهد وكلها معلولة.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن علي بن أبي طالب أن رسول اللَّه ﷺ قال: «يا علي، ثلاث لا تُؤخّرْ: الصلاة إذا أنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وَجْدَتَ لها كفوًا».
رواه الترمذي (١٠٧٥) وابن ماجه (١٤٨٦) وأحمد (٨٢٨) والبيهقي (٧/ ١٣٢ - ١٣٣) كلهم من حديث عبد اللَّه بن وهب، حدثني سعيد بن عبد اللَّه الجهني، أن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب حدّثه عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب فذكره. واللفظ للترمذي، والبعض اختصره.
قال الترمذي: «هذا حديث غريب وما أرى إسناده بمتصل».
قال الأعظمي: إسناده ضعيف، فإن سعيد بن عبد اللَّه الجهني قال فيه أبو حاتم: «مجهول» وأما ابن حبان فذكره في «الثقات» كعادته في توثيق المجاهيل.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه ﷺ: «تخيروا لنطفكم، وأنكحوا الأكْفاء، وانكحوا إليهم».
رواه ابن ماجه (١٩٦٨) عن عبد اللَّه بن سعيد قال: حدثنا الحارث بن عمران الجعفري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
وفيه الحارث بن عمران الجعفري المدني ضعيف عند جمهور أهل العلم. بل قال ابن حبان: «كان يضع الحديث على الثقات».
ومن هذا الطريق رواه أيضًا الحاكم (٢/ ١٦٣) وقال: وتابعه عكرمة بن إبراهيم عن هشام بن عروة وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد».
وتعقبه الذهبي فقال: «الحارث متهم، وعكرمة ضعَّفوه».
وذكره ابن أبي حاتم في «العلل» (١/ ٤٠٣ - ٤٠٤) وسأل أباه عن حديث الحارث بن عمران الجعفري، فقال: ليس له أصل، وقد رواه مندل أيضًا.
وقال أيضًا: «الحارث ضعيف الحديث، وهذا حديث منكر».
فقال له عبد الرحمن: ورواه أبو أمية بن يعلى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي ﷺ فذكر الحديث.
فقال: «هذا حديث باطل لا يحتمل هشام بن عروة هذا» قال: قلت: فممن هو؟ قال: من راويه، قلت: ما حال أبي أمية بن يعلى؟ قال: «ضعيف الحديث» انتهى.
قال الأعظمي: عن هشام بن عروة أسانيد أخرى وفي كلها مقال، ومنها ما روي عنه مرسلًا، وكلام أبي حاتم يُشعر بأن جميع طرقه ضعيفة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 32 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أربع من السعادة وأربع من الشقاوة

  • 📜 حديث: أربع من السعادة وأربع من الشقاوة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أربع من السعادة وأربع من الشقاوة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أربع من السعادة وأربع من الشقاوة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أربع من السعادة وأربع من الشقاوة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب