العزل هو الوأد الخفي

حديث: العزل هو الوأد الخفي

عن جدامة بنت وهب أخت عكاشة بن وهب قالت: حضرت رسول اللَّه ﷺ وسألوه عن العزل فقال: «الوأد الخفي».

صحيح: رواه مسلم في النكاح (١٤١: ١٤٤٢) من طريق عن عبد اللَّه بن يزيد المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني أبو الأسود، عن عروة، عن عائشة، عن جدامة بنت وهب فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن جدامة بنت وهب أخت عكاشة بن وهب قالت: حضرت رسول اللَّه ﷺ وسألوه عن العزل فقال: «الوأد الخفي».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الحديث:
عن جدامة بنت وهب أخت عكاشة بن وهب قالت: حضرت رسول اللَّه ﷺ وسألوه عن العزل فقال: «الوَأْدُ الخَفِيُّ».

1. شرح المفردات:

● العزل: هو قذف الرجل ماءه خارج رحم المرأة أثناء الجماع بقصد منع الحمل.
● الوَأْد: هو دفن البنات أحياءً في الجاهلية خوفًا من العار أو الفقر.
● الخَفِيّ: المستتر غير الظاهر، أي أنه وأد لكنه غير مرئي.

2. شرح الحديث:

سأل الصحابة رسول الله ﷺ عن حكم العزل (أي انسحاب الرجل قبل القذف أثناء الجماع لتجنب الحمل)، فأجابهم النبي ﷺ بأنه "الوَأْدُ الخَفِيّ".
المعنى:
شبّه النبي ﷺ العزل بالوَأْد (قتل البنات في الجاهلية)؛ لأن في كليهما منعًا لوجود النسل وإهدارًا لحق الحياة المحتملة للجنين. لكن الفرق أن الوأد الجاهلي كان ظاهرًا ومباشرًا (يقتل الطفل بعد ولادته)، أما العزل فهو "خفي" لأنه منع لوجود الولد من الأصل، فهو أشبه بقتل محتمل غير مرئي.

3. الدروس المستفادة منه:

1- تحريم العزل بدون رضا الزوجة: ذهب جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والشافعية) إلى كراهة العزل إذا كان بدون إذن الزوجة، لأن لها حقًا في الولد، ولأنه قد يضر بها.
2- التشديد في حق من يمنع النسل بدون سبب شرعي: الحديث يُحذّر من العزل إذا كان بدافع الشح أو الخوف من الفقر، لأنه تدخل في قدر الله تعالى وتضييع للنسل.
3- الحفاظ على حق الحياة: التشبيه بالوَأْد يُظهر تقدير الإسلام لحق الجنين في الحياة، وذم أي محاولة لإهدار هذا الحق بدون مبرر شرعي.
4- مراعاة مشاعر الزوجة: لأن العزل بدون رضاها قد يسبب لها أذًى نفسيًا أو جسديًا.

4. معلومات إضافية:

● حكم العزل في الإسلام:
● مكروه إذا كان بدون سبب (عند الجمهور)، لكنه جائز بإذن الزوجة أو لضرورة (كخوف المرض على المرأة مثلًا).
- استثنى العلماء حالات مثل: الخوف على صحة المرأة، أو وجود مرض وراثي، أو عدم القدرة على التربية في ظروف معينة (بضوابط شرعية).
● الفرق بين العزل وتنظيم النسل:
- العزل منع للحمل في حالته الأولية، أما تنظيم النسل (باستخدام وسائل أخرى) فجائز بشرط:
أ) أن يكون باتفاق الزوجين.
ب) ألا يكون بدافع الشح أو الخوف من الفقر.
ج) ألا يسبب ضررًا للزوجة.
● الحديث يدل على عظم حق الولد: فالنبي ﷺ شبّه من يمنع وجوده بالوائد لبناته في الجاهلية.

خلاصة:

الحديث يُحذّر من العزل إذا كان بدافع منع النسل بدون مبرر شرعي، ويشبّه ذلك بقتل الأولاد في الجاهلية لكن بشكل خفي. وفيه تأكيد على تقدير الحياة والحفاظ على النسل، ومراعاة حقوق الزوجة في الإنجاب.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في النكاح (١٤١: ١٤٤٢) من طريق عن عبد اللَّه بن يزيد المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني أبو الأسود، عن عروة، عن عائشة، عن جدامة بنت وهب فذكرته.
وزاد عبيد اللَّه في حديثه عن المقرئ: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ﴾ [التكوير: ٨].
وجدامة: بالجيم، ومن قال بالذال المعجمة فقد صحف كما قال الدارقطني وأبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل.
وكان عمر وابنه عبد اللَّه ينهيان عن العزل.
وقد روي عن ابن عمر أنه كان يضرب بنيه على العزل.
وروي عن علي بن أبي طالب وعبد اللَّه بن مسعود أنهما كرها العزل، وروي عنهما الإباحة أيضًا. ذكره البيهقي (٧/ ٢٣١).
وقال بعد أن أخرج حديث جدامة: «وقد روينا عن النبي ﷺ في العزل خلاف هذا. ورواةُ الإباحة أكثر، وأحفظ. وأباحه من سمينا من الصحابة، فهي أولى، وتحتمل كراهية من كره منهم التنزيه دون التحريم».
وذهب الطحاوي إلى نسخ حديث جدامة، لأن حكمه كان على شريعة من قبله، لأنه ﷺ أمر بإتباع أنبياء من تقدم بقوله: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩١] ثم أعلمه اللَّه تعالى بكذبهم، وأن الأمر في الحقيقة بخلاف ذلك، وأنزل عليه في كتابه ما يكون الوأد فيه وهو قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٢ - ١٤] فأعلمه عز وجل بذلك الوقت الذي يكون المخلوق من النطفة فيه الحياة. فيجوز أن يوأد حينئذ فيكون ميتًا. وأما قبل ذلك فليس بحي، وإنما هي كسائر الأشياء التي لا حياة فيها.
ثم ذكر أثر علي بن أبي طالب فقال:
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: حدثنا عبد اللَّه بن يزيد المقرئ قال: حدثت ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي حيَية قال: سمعت عبيد اللَّه بن رِفاعة الأنصاري قال: تذاكر أصحابُ النبي ﷺ عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه العزل، فاختلفوا فيه، فقال عمر رضي الله عنه: قد اختلفتم وأنتم أهل بدر الخيار، فكيفَ بالناسِ بعدَكم إذ تناجي رجلان؟ فقال عمر: ما هذه المناجاةُ؟ قال: إنّ اليهودَ تزعم أنها الموءودةُ الصغرى، فقال علي رضي الله عنه: «إنها لا تكون موءودةً حتى تمر بالتارات السَّبع ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٢] إلى آخر الآية، فعجب عمر من قوله وقال: جزاك اللَّه خيرا.
ولخّص ابن حجر كلام الطحاوي في الفتح (٩/ ٣٠٩) ثم قال: وتعقبه ابن رشد، ثم ابن العربي بأنه لا يجزم بشيء تبعا لليهود، ثم يصرح بتكذيهم فيه. . .
ثم قال: «وقد جمعوا بين تكذيب اليهود في قولهم»الموءودة الصغرى«وبين إثبات كونه»وأدا خفيا«في حديث جدامة بأن قولهم»الموءودة الصغرى«يقتضي أنه وأد ظاهر، لكنه صغير بالنسبة إلى دفن المولود بعد وضعه حيًا. فلا يعارض قوله إن العزل وأد خفي، فإنه يدل على أنه ليس في حكم الظاهر أصلًا. فلا يترتب عليه حكم، وإنما جعله وأدًا من جهة اشتراكها في قطع الولادة».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 188 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: العزل هو الوأد الخفي

📜 حديث: العزل هو الوأد الخفي

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: العزل هو الوأد الخفي

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: العزل هو الوأد الخفي

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: العزل هو الوأد الخفي

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية