بعث رسول الله أسامة بن زيد وأمّره على الجيش

حديث: بعث رسول الله أسامة بن زيد وأمّره على الجيش

وعن ابن عمر قال: بعث رسول الله ﷺ بعثا، وأمّر عليهم أسامة بن زيد، فطعن الناس في إمرته، فقام رسول الله ﷺ، فقال: إن تطعنوا في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقا للإمرة، وإن كان لمن أحب الناس إليّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده».

متفق عليه: رواه البخاري في الأحكام (٧١٨٧)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٤٢٦: ٦٣) كلاهما من حديث عبد الله بن دينار قال: سمعت ابن عمر يقول .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، يحمل في طياته دروساً عظيمة وعبراً جليلة في القيادة والعدل والثقة في اختيارات النبي صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:

● بعث: أي جيشاً أو سرية.
● أمّر عليهم: جعله أميراً وقائداً عليهم.
● طعن الناس: اعترضوا وأنكروا وانتقدوا.
● خليقاً للإمرة: جديراً بها، أهلاً لها.
● أيم الله: قسم، وهو مثل "والله".

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل سرية عسكرية (جيشاً صغيراً) وأمر عليهم أسامة بن زيد رضي الله عنه، وكان شاباً صغير السن في ذلك الوقت (في حدود العشرين من عمره أو أقل). فاعترض بعض الناس على هذا التعيين، مستنكرين أن يكون قائدهم شاباً صغيراً.
فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً لله، فقام خطيباً في الناس، ووبخهم على اعتراضهم، قائلاً لهم بحزم: "إن تطعنوا في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل"، أي أن اعتراضكم هذا على قيادة أسامة يشبه اعتراضكم السابق على قيادة أبيه زيد بن حارثة رضي الله عنه، عندما أمّره النبي على جيش فيه كبار الصحابة.
ثم أقسم النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: "وأيم الله إن كان لخليقا للإمرة"، أي والله إن زيداً كان جديراً بالقيادة وأهلاً لها، رغم اعتراض المعترضين.
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم سبب اختياره لهما، وهو محبته لهما وثقته فيهما، فقال: "وإن كان (أي زيد) لمن أحب الناس إليّ، وإن هذا (أي أسامة) لمن أحب الناس إليّ بعده".

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- الحكمة في اختيار القادة: يبين الحديث أن معيار اختيار القادة ليس السن أو النسب أو الحسب، بل الكفاءة والأهلية والمقدرة، ولو كان صغير السن. فقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم أسادة لقيادة وهو شاب لم تتجاوز سنه السابعة عشرة، اعتماداً على كفاءته.
2- الرد على المتعصبين للأنساب أو الأعمار: كان الاعتراض على أسادة لأنه كان مولى (أبوه كان عبداً أعتقه النبي صلى الله عليه وسلم)، وعلى أبيه من قبل لنفس السبب، فرد النبي على هذه النظرة الجاهلية.
3- طاعة ولي الأمر في غير معصية: وجوب طاعة القائد المسلم المنصوب من قبل ولي الأمر (وهنا النبي صلى الله عليه وسلم) وعدم الخروج عليه أو الطعن في قراراته ما دام يلتزم بشرع الله.
4- مكانة الحب في الله: بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن محبته لزيد وابنه أسادة كانت أحد الأسباب في اختيارهما، لكنها محبة مقرونة بالكفاءة، وليست محبة عمياء. فالحب في الله والمعرفة بشخصية الفرد وقدراته عامل مهم في الثقة به.
5- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في الإدارة: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع دابر هذه النظرة الجاهلية، ويؤسس لمبدأ تكافؤ الفرص والاختيار على أساس الكفاءة، فغضب لذلك وخطب في الناس.
6- الثقة في اختيارات النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث توجيه من النبي أن اختياراته بوحي من الله أو بإلهام صحيح، فلا ينبغي للمسلم الاعتراض عليها.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذه السرية التي أمّر عليها أسادة هي آخر سرية عقدها النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، وقد أوصى بها أشد الوصية، مما يدل على أهميتها.
- نفذ الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه هذه السرية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، تأكيداً على أهمية طاعة القائد وعدم الاعتراض على قراراته.
- في هذا الحديث دليل على فضل زيد بن حارثة وابنه أسادة رضي الله عنهما، ومكانتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله أن يفقهنا في سنن نبيه، وأن يوفقنا لطاعته وطاعة من ولاه أمرنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأحكام (٧١٨٧)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٤٢٦: ٦٣) كلاهما من حديث عبد الله بن دينار قال: سمعت ابن عمر يقول .. فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 126 من أصل 132 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بعث رسول الله أسامة بن زيد وأمّره على الجيش

📜 حديث: بعث رسول الله أسامة بن زيد وأمّره على الجيش

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: بعث رسول الله أسامة بن زيد وأمّره على الجيش

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: بعث رسول الله أسامة بن زيد وأمّره على الجيش

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: بعث رسول الله أسامة بن زيد وأمّره على الجيش

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية