حديث: «ارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم»

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب اتخاذ العرفاء

عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة: أن رسول الله ﷺ قال حين أذن لهم المسلمون في عتق سبي هوازن: «إني لا أدري من أذن منكم ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم» فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم فرجعوا إلى رسول الله ﷺ فأخبروه أن الناس قد طيبوا وأذنوا.

صحيح: رواه البخاري في الأحكام (٧١٧٦ - ٧١٧٧) عن إسماعيل بن أبي أويس، حدثني إسماعيل بن إبراهيم، عن عمه موسى بن عقبة قال ابن شهاب: حدثني عروة بن الزبير أن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أخبراه .

عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة: أن رسول الله ﷺ قال حين أذن لهم المسلمون في عتق سبي هوازن: «إني لا أدري من أذن منكم ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم» فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم فرجعوا إلى رسول الله ﷺ فأخبروه أن الناس قد طيبوا وأذنوا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 2308) وغيره. وهو يتعلق بموقف عظيم من مواقف النبي ﷺ التي تجلت فيها حكمته العظيمة ورحمته ﷺ ورعايته لمشاعر أصحابه.


أولاً. شرح المفردات:


● أَذِنَ لَهُمُ الْمُسْلِمُونَ: أي وافقوا وسمحوا للنبي ﷺ.
● سَبْيِ هَوَازِنَ: السبي هم الأسرى والنساء والأطفال الذين أُخذوا في الغزوة. وهَوَازِن هي إحدى القبائل العربية التي حاربت المسلمين في غزوة حنين.
● لا أَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يُؤْذَنْ: لا أعرف من وافق ممن لم يوافق.
● عُرَفَاؤُكُمْ: مفردها عريف، وهم رؤوس القوم ووجهاؤهم وكبارهم الذين يُعرفون بحكمتهم ويمثلون جماعتهم.
● قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا: أي تطيبَت أنفسهم بالسماح والموافقة، وسمحوا لك بذلك بكل رضا.


ثانياً. شرح الحديث وقصته:


السياق التاريخي:
بعد انتصار المسلمين في غزوة حنين على قبيلتي هوازن وثقيف، وقع في أيدي المسلمين غنائم وأسرى كثيرون (السبي). جاء وفد من قبيلة هوازن إلى النبي ﷺ بعد إسلامهم وطلبوا منه أن يرد عليهم أسراهم ونساءهم وأبناءهم، راجين كرمه ﷺ.
فوقف النبي ﷺ خطيباً في المسلمين، وذكر فضل هذا السبي الذي قسمه بينهم، ثم قال لهم: «إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حظّه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل».
فقال الناس جميعاً: "قد طيبنا ذلك يا رسول الله". لكن النبي ﷺ، وهو الحكيم الذي يعلم أن القلوب قد تخفى عليها بعض المشاعر أو أن البعض قدوافق مجاملة دون قناعة تامة، أراد أن يتأكد من رضا كل فرد بشكل قاطع لا شك فيه.
فقال لهم ﷺ: «إِنَّا لا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنكُمْ فِيمَنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ».
فانصرف الناس وتشاوروا مع عرفائهم (زعمائهم وممثليهم)، ثم عاد العرفاء إلى النبي ﷺ وأخبروه أن جميع الناس قد طابت أنفسهم ووافقوا برضى كامل على رد السبي.
فرد النبي ﷺ السبي إلى هوازن، وكان هذا الموقف سبباً في إسلام الكثيرين ودخولهم في دين الله أفواجاً، لما رأوا من عدل النبي ﷺ وكرَمه وحكمته.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الحكمة في القيادة والإدارة: علم النبي ﷺ أن الموافقة الجماعية الشفهية قد لا تعبر بالضرورة عن رضا كل فرد، فلم يقبلها بشكل عابر، بل طلب آلية تضمن التأكد من الرضا الحقيقي عبر ممثلي القبائل (العرفاء). هذه من أعظم قواعد الشورى والقيادة الرشيدة.
2- العدل والرحمة حتى مع الأعداء: كان بإمكان النبي ﷺ أن يحتفظ بالسبي كحق شرعي للمغانم، لكن رحمته ورغبته في تأليف القلوب ودعوتها إلى الإسلام جعلته يختار هذا الموقف العظيم.
3- مراعاة المشاعر والنفسيات: أدرك ﷺ أن التخلي عن الغنائم التي وقعت في الأيدي قد يكون صعباً على بعض النفوس، فلم يرغمهم، بل أعطاهم الخيار بين التطيب الآن أو التعويض لاحقاً، مما يزيل أي حقد أو ضغينة.
4- مشروعية نظام "العرفاء" وتمثيل الجماعات: أقر النبي ﷺ نظاماً للتمثيل النيابي حيث يتكلم العرفاء نيابة عن قبائلهم، مما يؤصل لمبدأ الشورى والتواصل المنظم بين القائد والرعية.
5- التثبت وعدم التسرع في الأمور المهمة: لم يكتفِ ﷺ بالموافقة العامة، بل تثبت وتأكد عبر قنوات رسمية، وهذا درس في أهمية التوثيق والتأكد في المعاملات والاتفاقات.
6- قوة تأثير القدوة: عندما رأى الصحابة كرم النبي ﷺ وتفضله، وتأكدوا من رضاه عن هذا الفعل، سارعوا إلى موافقته ومسايرته، فكان ﷺ القدوة العملية.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الموقف من أخلاق النبي ﷺ التي كانت سبباً في دخول الناس في الإسلام، فهو لم ينتصر بالسلاح فقط، بل انتصر بالخلق والرحمة والعدل.
- فيه دليل على أن القائد الحكيم هو من يراعي مشاعر أتباعه ويحرص على رضاهم الحقيقي، لا المجاملة الظاهرة.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأحكام (٧١٧٦ - ٧١٧٧) عن إسماعيل بن أبي أويس، حدثني إسماعيل بن إبراهيم، عن عمه موسى بن عقبة قال ابن شهاب: حدثني عروة بن الزبير أن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أخبراه ... فذكراه.
وأما ما روي عن المقدام بن معد يكرب: أن رسول الله ﷺ ضرب على منكبه، ثم قال له: «أفلحت يا قديم، ولم تكن أميرًا، ولا كاتبا، ولا عريفا». فلا يصح. رواه أبو داود (٢٩٣٣) عن عمرو بن عثمان، حدثنا محمد بن حرب، عن أبي سلمة سليمان بن سليم، عن يحيى بن جابر، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن جده المقدام بن معديكرب .. فذكره. وفي إسناده صالح بن يحيى بن المقدام ضعيف.
واختلف فيه أيضًا على محمد بن حرب، فمنهم من رواه عنه هكذا، ومنهم من رواه عنه بإسقاط يحيى بن جابر كما عند أحمد (١٧٢٠٥).
وكذلك لا يصح ما روي عن غالب القطان، عن رجل عن أبيه، عن جده: أنهم كانوا على منهل من المناهل، فلما بلغهم الإسلام جعل صاحب الماء لقومه مائة من الإبل على أن يسلموا فأسلموا، وقسم الإبل بينهم وبدا له أن يرتجعها منهم فأرسل ابنه إلى النبي ﷺ فقال له: ائت النبي ﷺ فقل له: إن أبي يقرئك السلام وإنه جعل لقومه مائة من الإبل على أن يسلموا فأسلموا وقسم الإبل بينهم، وبدا له أن يرتجعها منهم أفهو أحق بها أم هم؟ فإن قال لك: نعم أو لا. فقل له: إن أبي شيخ كبير، وهو عريف الماء، وإنه يسألك أن تجعل لي العرافة بعده. فأتاه فقال: إن أبي يقرئك السلام. فقال: «وعليك وعلى أبيك السلام» فقال: إن أبي جعل لقومه مائة من الإبل على أن يسلموا، فأسلموا، وحسن إسلامهم، ثم بدا له أن يرتجعها منهم أفهو أحق بها أم هم؟ فقال: «إن بدا له أن يسلمها لهم فليسلمها وإن بدا له أن يرتجعها فهو أحق بها منهم، فإن هم أسلموا فلهم إسلامهم وإن لم يسلموا قوتلوا على الإسلام» فقال: إن أبي شيخ كبير وهو عريف الماء وإنه يسألك أن تجعل لي العرافة بعده. فقال: «إن العرافة حق ولا بد للناس من العرفاء، ولكن العرفاء في النار».
رواه أبو داود (٢٩٣٤) عن مسدد، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا غالب القطان، عن رجل، عن أبيه، عن جده، فذكره. وفي إسناده مجاهيل.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 129 من أصل 132 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: «ارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم»

  • 📜 حديث: «ارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم»

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: «ارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم»

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: «ارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم»

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: «ارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم»

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب