حديث: يا أصحاب سورة البقرة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

الفتح بعد الهزيمة

عن كثير بن عباس قال: كان عباس وأبو سفيان معه - يعني النَّبِيّ ﷺ قال: خطبهم وقال: «الآن حمي الوطيس» وقال: «ناد: يا أصحاب سورة البقرة».

صحيح: رواه أحمد (١٧٧٢) عن سفيان قال: سمعت الزهري مرة أو مرتين - فلم أحفظه عن كثير بن عباس فذكره.

عن كثير بن عباس قال: كان عباس وأبو سفيان معه - يعني النَّبِيّ ﷺ قال: خطبهم وقال: «الآن حمي الوطيس» وقال: «ناد: يا أصحاب سورة البقرة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
هذا الحديث الذي ذكر يروي لنا موقفاً عظيماً من مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في الغزو والجهاد، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.
الراوي والمصدر:
الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في معجمه الكبير، وهو حديث صحيح بشواهده.
شرح المفردات:
* عباس وأبو سفيان معه: أي أن عم النبي صلى الله عليه وسلم، العباس بن عبد المطلب، وأبا سفيان بن الحارث (ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وليس زعيم قريش أبو سفيان بن حرب) كانا مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة، وهي غزوة حنين.
* خطبهم: أي وجه النبي صلى الله عليه وسلم كلامه إلى الجيش وحثهم على القتال.
* الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ: هذه كلمة كانت معروفة عند العرب في الحرب.
* الْوَطِيس: هو التنور الذي تُسخَّن فيه الحجارة أو الذي يُخبز فيه الخبز. وهو مجاز عن المعركة وشدتها.
* حَمِيَ: أي اشتد حره واحتدم.
* المعنى: لقد اشتدت المعركة واحتدمت، وبلغت ذروتها. وهي كلمة تحفيزية لاستنهاض همم الجنود وإعدادهم لأقصى درجات الجهد والقتال.
* ناد: يا أصحاب سورة البقرة: أي أمر النبي صلى الله عليه وسلم منادياً أن ينادي بهذا النداء الخاص.
* أصحاب سورة البقرة: هم الذين يحفظونها ويعملون بها، وهم خيرة الصحابة وأكثرهم علماً وإيماناً، وكانوا يشكلون نخبة الجيش وقلبه الصلب. وكان نداؤهم يعني إشراك أفضل المقاتلين في ساحة المعركة لقلب موازينها.
شرح الحديث:
يصور لنا هذا الحديث المشهد في غزوة حنين، حيث حدث ما لم يتوقعه المسلمون. فبعد أن فتحوا مكة، خرجوا إلى حنين وهم في عدد كبير (حوالي 12 ألف مقاتل)، فاغتر بعضهم بكثرة العدد وقالوا: "لن نغلب اليوم من قلة". ولكنهم فوجئوا بكمين نصبته لهم قبيلتي هوازن وثقيف، فانهزمت مقدمة الجيش الإسلامي وتراجع الكثيرون.
في هذه اللحظة الحرجة، وقف النبي صلى الله عليه وسلم ثابتاً كالجبل الأشم، لم يفر أو يتراجع، بل نزل عن بغلته وثبت يدعو الله ويحفز أصحابه. هنا نطق بهذه الكلمات البليغة: "الآن حمي الوطيس"، أي أن ساعة الحسم قد حانت، واشتدت المعركة إلى أقصى حد.
ثم طلب من مناديه أن ينادي "يا أصحاب سورة البقرة"، وهو نداء ذكي ومحفز، فهو لا ينادي قبيلة بعينها، بل ينادي النخبة من الصحابة، أولئك الذين تظهر قوة إيمانهم وعلمهم بحفظهم لأطول سورة في القرآن والعمل بها. فاستجاب لهذا النداء الأفذاذ من المهاجرين والأنصار، وتجمعوا حوله صلى الله عليه وسلم، وقاتلوا قتالاً شديداً، فكانوا سبباً – بإذن الله – في قلب tide المعركة وتحويل الهزيمة إلى نصر ساحق.
الدروس المستفادة والعبر:
1- ثبات القائد في المواقف الصعبة: موقف النبي صلى الله عليه وسلم هو أعظم مثال على ثبات القائد ورباطة جأشه، الذي يبعث الطمأنينة في نفوس جنوده.
2- عدم الاغترار بالعدد والعدة: كان في الغزوة عبرة للمسلمين بعدم الاغترار بالكثرة، وأن النصر من عند الله تعالى وحده.
3- الحكمة في القيادة: اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لنداء "أصحاب سورة البقرة" يدل على حكمته البالغة في معرفة نقاط القوة في جيشه وكيفية استثمارها في الوقت المناسب.
4- مكانة أهل القرآن: النداء خصص لحفظة سورة البقرة، مما يرفع من مكانة أهل القرآن والعلم، ويبين أنهم عماد الأمة وسندها في الشدائد.
5- قوة الدعاء والالتجاء إلى الله: لم يعتمد النبي على الجنود فقط، بل كان في هذا الموقف يدعو الله ويستنصره، معلناً التوكل على الله حق التوكل.
خاتمة:
هذا الحديث يروي لنا لحظة فارقة في تاريخ الإسلام، يظهر فيها شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته، ويبين فضل الصحابة الكرام وخاصة أهل القرآن منهم. وهو درس عظيم في القيادة، والإيمان، وعدم اليأس، وأن مع العسر يسراً.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٧٧٢) عن سفيان قال: سمعت الزهري مرة أو مرتين - فلم أحفظه عن كثير بن عباس فذكره.
وصورته إرسال، فإن كثير بن عباس لم يحضر المشهد ولكن رواه مسلم عن ابن أبي عمر، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة، عن الزّهري، قال: أخبرني كثير بن عباس، عن أبيه قال: كنت مع النَّبِيّ ﷺ يوم حنين قال مسلم: وساق الحديث غير أن حديث يونس وحديث معمر أكثر منه وأتم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 715 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يا أصحاب سورة البقرة

  • 📜 حديث: يا أصحاب سورة البقرة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يا أصحاب سورة البقرة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يا أصحاب سورة البقرة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يا أصحاب سورة البقرة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب