حديث: استقبل رسول الله ﷺ وجوههم بقبضة تراب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

الفتح بعد الهزيمة

عن سلمة بن الأكوع قال: غزونا مع رسول الله ﷺ حنينًا، فلمّا واجهنا العدو تقدمت، فأعلو ثنية. فاستقبلني رجل من العدو، فأرميه بسهم فتوارى عني، فما دريت ما صنع ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى، فالتقوا هم وصحابة النَّبِيّ ﷺ فولى صحابة النَّبِيّ ﷺ، وأرجع منهزما وعليّ بردتان، متزرا بإحداهما، مرتديا بالأخرى، فاستطلق إزاري، فجمعتهما جميعًا ومررت على رسول الله ﷺ منهزما، وهو على بغلته الشهباء فقال رسول الله ﷺ: «لقد رأى ابن الأكوع فزعا». فلمّا غشوا رسول الله ﷺ نزل عن البغلة، ثمّ قبض قبضة من تراب من الأرض، ثمّ استقبل به وجوههم، فقال: «شاهت الوجوه». فما خلق الله منهم إنسانًا إِلَّا ملأ عينيه ترابًا، بتلك القبضة. فولوا مدبرين فهزمهم الله عز وجل وقسم رسول الله ﷺ غنائمهم بين المسلمين.

صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (٨١: ١٧٧٧) عن زهير بن حرب، حَدَّثَنَا عمر بن يونس الحنفي، حَدَّثَنَا عكرمة بن عمار، حَدَّثَنِي إياس بن سلمة، حَدَّثَنِي أبي، قال: فذكره.

عن سلمة بن الأكوع قال: غزونا مع رسول الله ﷺ حنينًا، فلمّا واجهنا العدو تقدمت، فأعلو ثنية. فاستقبلني رجل من العدو، فأرميه بسهم فتوارى عني، فما دريت ما صنع ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى، فالتقوا هم وصحابة النَّبِيّ ﷺ فولى صحابة النَّبِيّ ﷺ، وأرجع منهزما وعليّ بردتان، متزرا بإحداهما، مرتديا بالأخرى، فاستطلق إزاري، فجمعتهما جميعًا ومررت على رسول الله ﷺ منهزما، وهو على بغلته الشهباء فقال رسول الله ﷺ: «لقد رأى ابن الأكوع فزعا». فلمّا غشوا رسول الله ﷺ نزل عن البغلة، ثمّ قبض قبضة من تراب من الأرض، ثمّ استقبل به وجوههم، فقال: «شاهت الوجوه». فما خلق الله منهم إنسانًا إِلَّا ملأ عينيه ترابًا، بتلك القبضة. فولوا مدبرين فهزمهم الله ﷿ وقسم رسول الله ﷺ غنائمهم بين المسلمين.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من أحاديث الغزوات التي تظهر نصر الله تعالى لنبيه ﷺ وتأييده له بالمعجزات الباهرات. وإليك الشرح المفصل:

1. شرح المفردات:


● غزونا: خرجنا للقتال في سبيل الله.
● حنينًا: اسم وادٍ قريب من الطائف، وقعت فيه غزوة حنين في شهر شوال من العام الثامن للهجرة.
● ثنية: مكان مرتفع بين جبلين أو طريق في الجبل.
● توارى عني: اختفى عن نظري.
● ولى صحابة النبي ﷺ: انهزموا وولوا الأدبار.
● منهزمًا: هاربًا من المعركة.
● بردتان: ثوبان.
● متزرًا: لافًّا أحد الثوبين على نصفه الأسفل.
● مرتديًا: لافًّا الثوب الآخر على نصفه الأعلى.
● استطلق إزاري: انحلَّ وارتَخى بسبب سرعة الهرب.
● البغلة الشهباء: البغلة بيضاء اللون مختلطة بحمرة، وكانت تُدعى "دُلدُل".
● فزعًا: خوفًا وهربًا.
● غشوا: اقتربوا منه وأحاطوا به.
● شاهت الوجوه: قبحت ودمَّرت، وهي كلمة تقال للدعاء على العدو بالإهانة والخزي.
● مدبرين: هاربين بأدبارهم.
● غنائمهم: الأموال والأسلاب التي استولوا عليها من العدو.

2. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه عن حدث عظيم من أحداث غزوة حنين، التي وقعت بعد فتح مكة بفترة قصيرة. خرج النبي ﷺ بألفين من المسلمين لقتال قبيلتي هوازن وثقيف، وكان جيش المسلمين كبيرًا (حوالي 12,000 مقاتل)، مما جعل بعضهم يغترُّ بقوته ويقول: "لن نُغلب اليوم من قلة".
بدأ القتال، وكانت هوازن قد كمَنَت في أماكن متفرقة من الوادي. عندما دخل المسلمون الوادي، انهالت عليهم السهام من كل مكان، فحصلت مفاجأة وارتباك في الصفوف، وبدأ الكثير من المسلمين في الهرب، حتى قال الراوي: "ولى صحابة النبي ﷺ" أي انهزموا.
سلمة بن الأكوع، الذي كان في مقدمة الجيش، يصف حاله وهو يهرب وقد انحلت ملابسه من شدة السرعة، ويمرُّ على النبي ﷺ الذي كان ثابتًا كالجبل الأشم على بغلته، فيلاحظ النبي ﷺ حالته فيقول بتلطف وحكمة: "لقد رأى ابن الأكوع فزعًا" تعليقًا على هروبه، مما يدل على شدة فراسته ﷺ وطيب تعامله حتى في أحلك الظروف.
ثم يأتي الموقف المعجزي العظيم: عندما أحاط المشركون بالنبي ﷺ وهو ثابت لم يهرب، نزل عن بغلته، وأخذ حفنة من تراب الأرض، ورمى بها تجاه وجوه المشركين قائلاً: "شاهت الوجوه". فلم يصب أحد من المشركين إلا ودخل التراب عينيه، فعميوا وتشتتوا، وهربوا من أثر هذه الحفنة المعجزة. ثم أنزل الله نصره على المسلمين، فعادوا إلى القتال وهزموا المشركين هزيمة ساحقة، وغنموا غنائم كثيرة قسمها النبي ﷺ بعد ذلك بين المسلمين.

3. الدروس المستفادة منه:


● عدم الاغترار بالكثرة والقوة المادية: فقد قال بعض المسلمين يوم حنين: "لن نُغلب اليوم من قلة"، فكانت الهزيمة الأولى درسًا لهم بأن النصر من عند الله وحده.
● ثبات النبي ﷺ وشجاعته: حيث بقي ثابتًا في ساحة المعركة حين فرَّ الكثيرون، وهو قدوة في الشجاعة والثبات على المبدأ.
● التأييد الإلهي بالنصر المعجزي: فالنصر من عند الله، وقد ينزله بأسباب خارقة للعادة كما في حفنة التراب التي هزمت جيشًا بأكمله.
● الفراسة النبوية: حيث علق النبي ﷺ على حال سلمة بن الأكوع بكلمة دالة على فراسته وحكمته.
● التلطف في العتاب: حتى في لحظات الهزيمة والهرب، كان تعليق النبي ﷺ على سلمة برفق ولطف، مما يدل على حسن خلقه.
● جواز الانهزام في الحرب إذا كثر العدو: وهو من الأمور التي تبيحها الشريعة للحفاظ على النفس، بشرط ألا يكون الانهزام سببًا في هزيمة الآخرين.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- غزوة حنين من الغزوات العظيمة التي ذكرها الله تعالى في سورة التوبة في قوله: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25].
- القبضة التي أخذها النبي ﷺ من التراب كانت معجزة نبوية، حيث لم تصب مسلمًا واحدًا، وملأت عيون جميع المشركين الذين كانوا أمامه.
- هذه الغزوة كانت سببًا في إسلام الكثير من قبيلتي هوازن وثقيف بعد ذلك.
- استعمل النبي ﷺ في هذه الغزوة "الغنائم" كوسيلة
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجهاد والسير (٨١: ١٧٧٧) عن زهير بن حرب، حَدَّثَنَا عمر بن يونس الحنفي، حَدَّثَنَا عكرمة بن عمار، حَدَّثَنِي إياس بن سلمة، حَدَّثَنِي أبي، قال: فذكره.
قوله: «ومررت على رسول الله ﷺ منهزمًا»: هذا حال من ابن الأكوع. كما صرّح أولًا بانهزامه، ولم يرد أن النَّبِيّ ﷺ انهزم. ولم ينقل أحد من الصّحابة قطّ أنه انهزم النَّبِي ﷺ في موطن من المواطن، وقد نقلوا إجماع المسلمين على أنه لا يجوز أن يعتقد انهزامه، ولا يجوز ذلك عليه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 716 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: استقبل رسول الله ﷺ وجوههم بقبضة تراب

  • 📜 حديث: استقبل رسول الله ﷺ وجوههم بقبضة تراب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: استقبل رسول الله ﷺ وجوههم بقبضة تراب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: استقبل رسول الله ﷺ وجوههم بقبضة تراب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: استقبل رسول الله ﷺ وجوههم بقبضة تراب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب