حديث: أعطاني رسول الله ﷺ ما أعطاني وهو أبغض الناس إلي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

الفتح بعد الهزيمة

عن ابن شهاب قال: غزا رسول الله ﷺ غزوة الفتح، فتح مكة، ثمّ خرج رسول الله ﷺ بمن معه من المسلمين، فاقتتلوا بحنين، فنصر الله دينه والمسلمين، وأعطى رسول الله ﷺ يومئذ صفوان بن أمية مائة من النعم، ثمّ مائة، ثمّ مائة.
قال ابن شهاب: حَدَّثَنِي سعيد بن المسيب؛ أن صفوان قال: والله! لقد أعطاني رسول الله ﷺ
ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إلي، فما برح يعطيني حتَّى إنه لأحب الناس إلي.

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٥٩: ٢٣١٣) عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح، أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: فذكره.

عن ابن شهاب قال: غزا رسول الله ﷺ غزوة الفتح، فتح مكة، ثمّ خرج رسول الله ﷺ بمن معه من المسلمين، فاقتتلوا بحنين، فنصر الله دينه والمسلمين، وأعطى رسول الله ﷺ يومئذ صفوان بن أمية مائة من النعم، ثمّ مائة، ثمّ مائة.
قال ابن شهاب: حَدَّثَنِي سعيد بن المسيب؛ أن صفوان قال: والله! لقد أعطاني رسول الله ﷺ
ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إلي، فما برح يعطيني حتَّى إنه لأحب الناس إلي.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنّة نبيه ﷺ.
هذا الحديث الشريف الذي ذكر، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو يحكي قصة عطاء النبي ﷺ لصفوان بن أمية بعد غزوة حنين، وما ترتب على هذا العطاء من أثر عظيم في قلب الرجل.

أولاً. شرح المفردات:


● غزوة الفتح: يقصد بها فتح مكة المكرمة في السنة الثامنة للهجرة.
● حنين: وادٍ قريب من مكة، وقعت فيه المعركة بعد فتح مكة مباشرة.
● النعم: الإبل، والمقصود هنا الإبل السليمة الصحيحة، وهي من أنفس أموال العرب.
● ما برح: ما زال واستمر.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا الحديث عن حدثين عظيمين متتاليين: فتح مكة، ثم غزوة حنين. بعد أن دخل النبي ﷺ مكة منتصراً، خرج لملاقاة قبيلتي هوازن وثقيف اللتين تجهزتا لقتاله في وادي حنين. وكانت المعركة شديدة، ابتلي فيها المسلمون أولاً بشدة من سهام العدو، ثم أنزل الله نصره عليهم، فقال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25].
وبعد النصر، كان للنبي ﷺ موقف عظيم في تقسيم الغنائم، حيث أعطى المؤلفة قلوبهم -وهم حديثو عهد بالإسلام أو ممن يُرَجى إسلامهم- عطاءً جزيلاً. وكان من هؤلاء صفوان بن أمية، سيد من سادات قريش، وكان لا يزال على شركه وقت الغزوة، بل كان من أشد الناس عداوة للإسلام والنبي ﷺ.
فأعطاه النبي ﷺ ثلاثمائة ناقة (مائة ثم مائة ثم مائة)، وهي ثروة عظيمة في ذلك الزمان. وهذا العطاء لم يكن شراءً للضمير، بل كان تطبيقاً لحكمة إلهية وسُنَّة نبوية في جذب قلوب الناس إلى الإسلام بالمعاملة الحسنة والجود الكريم.
فانظر إلى تأثير هذا العطاء الحكيم في قلب صفوان، حيث يقول مقولته المشهورة: "والله! لقد أعطاني رسول الله ﷺ ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إلي، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي".
لقد بدأ صفوان حديثه بالقسَم بالله على صدق ما يقول. ثم اعترف بحقيقة حاله الأولى، وهي أن النبي ﷺ كان أبغض خلق الله إليه بسبب ما تربى عليه من عداوة للإسلام. ولكن استمرار عطاء النبي ﷺ له، وكرم أخلاقه، وحسن معاملته، أحدثت انقلاباً كاملاً في مشاعره، فتحولت العداوة إلى محبة، والبغض إلى حب، حتى أصبح رسول الله ﷺ هو أحب الناس إلى قلبه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- حكمة الدعوة إلى الله: يعلّمنا النبي ﷺ أن الدعوة إلى الله لا تكون بالقول فقط، بل تكون بالعمل والخلق والجود. فالكرم وسعة الصدر وحسن المعاملة لها أثر عظيم في تغيير القلوب قبل تغيير الأفكار.
2- قوة تأثير الإحسان: الإحسان يذيب الجليد الذي في القلوب، ويقتحم الحصون التي تبنيها العداوة. يقول تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34]. وهذه الآية تجسد exactly ما حدث مع صفوان.
3- استعمال المال في سبيل الله: المال وسيلة من أعظم الوسائل لنصرة الدين وجذب الناس إلى الخير، إذا وُضِع في مكانه الصحيح وبالنية الخالصة.
4- التأني وعدم اليأس من إصلاح الناس: النبي ﷺ لم ييأس من صفوان رغم عداوته الشديدة، بل عامله بالحسنى، فكانت النتيجة إسلامه وحبه للنبي ﷺ.
5- الاعتراف بالجميل وتغير القلوب: قول صفوان شهادة صدق على تأثير أخلاق النبي ﷺ، وهو درس في الاعتراف بفضل من أحسن إلينا، حتى لو كان من خصومنا سابقاً.

رابعاً. معلومات إضافية:


● مصير صفوان بن أمية: أسلم بعد هذا الموقف وحسن إسلامه، وكان من فضلاء الصحابة.
● هذه القصة هي نموذج عملي لما يُعرف بـ "العطاء التأليفي" الذي كان النبي ﷺ يفعله مع أشراف القبائل وسادات القوم لتأليف قلوبهم على الإسلام، وهو أمر مشروع في ظروف معينة لحكمة عظيمة.
● الفرق بين هذه القصة والآية الكريمة {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}: العطاء لصفوان كان من غنائم الحرب (الأنفال) التي هي تحت تصرف الإمام (النبي ﷺ) يتصرف فيها بمصلحة الإسلام والمسلمين، وليس من أموال الزكاة المفروضة.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا محبة نبيه ﷺ واتباع سنته.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الفضائل (٥٩: ٢٣١٣) عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح، أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: فذكره.
والجزء الأوّل من الحديث مرسل لكن آخره مسند من حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 717 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أعطاني رسول الله ﷺ ما أعطاني وهو أبغض الناس إلي

  • 📜 حديث: أعطاني رسول الله ﷺ ما أعطاني وهو أبغض الناس إلي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أعطاني رسول الله ﷺ ما أعطاني وهو أبغض الناس إلي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أعطاني رسول الله ﷺ ما أعطاني وهو أبغض الناس إلي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أعطاني رسول الله ﷺ ما أعطاني وهو أبغض الناس إلي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب