حديث: من أتى كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تحريم إتيان الكُهّان

عن جابر بن عبد الله، عن النبي ﷺ قال: «من أتى كاهنا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ».

حسن: رواه البزار -كشف الأستار (٣٠٤٥) عن عقبة بن سنان، حدثنا غسان بن مضر، حدثنا سعيد بن يزيد (هو ابن مسلمة الأزدي)، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله قال: فذكره.

عن جابر بن عبد الله، عن النبي ﷺ قال: «من أتى كاهنا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم، وصححه جمع من أهل العلم.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث على النحو المطلوب:


1. شرح المفردات:


* أتى: ذهب إليه وقصده.
* كاهنًا: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، أو يدعي معرفة الأمور الخفية، كالسارق ومكان الضالة ونحو ذلك. وكانوا في الجاهلية يعرفون بذلك.
* فصدَّقه: أي اعتقد صحة ما يخبر به الكاهن من أخبار الغيب.
* كفر بما أنزل على محمد: الكفر هنا قد يكون كفرًا أكبر مخرجًا من الملة، وقد يكون كفرًا دون كفر (أصغر) بحسب قصد الشخص وحالته، كما سيأتي في الشرح.


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم عن حكم عظيم، وهو أن من أقبل على كاهن (أو عراف أو من يدعي معرفة الغيب) فسأله عن شيء، ثم صدق ما أخبره به من ادعاء علم الغيب، فإن هذا التصديق يُعد كفرًا بالقرآن الكريم الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم.
والعلة في ذلك واضحة: لأن الله تعالى أنزل في كتابه المُحكَم، الذي هو أعظم معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، آياتٍ كثيرة تُؤكد انفراد الله عز وجل بعلم الغيب، وأنه لا يعلم الغيب إلا هو. فمن صدق كاهنًا في دعوى علم الغيب، فقد نفى صفةً أثبتها الله لنفسه، وادعى أن هناك من يشاركه فيها، وهذا مضادٌّ لما جاء في القرآن من تقرير التوحيد الخالص لله تعالى.
ومما يستدل به على ذلك قوله تعالى: {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65]. وقوله: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59].
فالتصديقُ بهذا الكاهن تكذيبٌ لهذه الآيات الصريحة، ومن كذَّب آيةً من القرآن فقد كفر بها.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تحريم إتيان الكهان والعرافين والمشعوذين وسؤالهم عن أي شيء، سواء كان من أمور المستقبل أو الماضي. فمجرد الإتيان لهم حرام، حتى لو لم يصدقهم، لما فيه من إعانة لهم على باطلهم وتقوية لشأنهم.
2- خطورة التصديق بالكهنة: وأن هذا الذنب من الكبائر العظيمة التي تصل إلى درجة الكفر، لأنها ناقضة من نواقض التوحيد.
3- التفريق بين مجرد السؤال والتصديق:
* مجرد سؤال الكاهن من غير تصديق له: فهذا حرامٌ بالإجماع، وهو من كبائر الذنوب، ولكنّه لا يصل إلى حد الكفر. وعقوبة فاعله أن لا تقبل له صلاة أربعين يومًا كما في الحديث الآخر.
* سؤاله ثم تصديقه: هذا هو الذي ورد فيه الوعيد الشديد المذكور في الحديث.
4- وجوب التوكل على الله والتفويض إليه: والاعتقاد الجازم أنه وحده العالم بالغيب، وأن ما يخبر به هؤلاء إما تكهّنات أو استراق للسمع من الجن (والذي قطعته الشريعة بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم)، أو تخمينات وادعاءات كاذبة.
5- الحذر من كل وسائل ادعاء علم الغيب في العصر الحديث، والتي قد تظهر في أشكال جديدة غير صورة "الكاهن" التقليدية، مثل: المنجمين، وقراء الأبراج، والذين يستخدمون الطرق الروحانية أو غيرها للادعاء بمعرفة المستقبل.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* يدخل في حكم "الكاهن" كل من ادعى علم الغيب بأي وسيلة كانت، كالمنجمين، والعرافين، والرمالين (من يقرأ الرمل)، والذين يزعمون معرفة الضوال بالطرق الشركية.
* إذا أخبر الكاهن أحيانًا بشيءٍ فيقع، فلا يعني ذلك صدقه، بل قد يكون من قبيل المصادفة، أو مما أُلقي في روعه من قبل الجن الذين يسترقون السمع، ولكنهم الآن لا يستطيعون ذلك بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ السماء.
* من ذهب إلى كاهن سائلًا ثم تاب، يجب عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، ويندم على ما فعل، ويعزم على عدم العودة.
نسأل الله أن يحفظنا من الشرك وذرائعه، وأن يثبتنا على التوحيد الخالص.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزار -كشف الأستار (٣٠٤٥) عن عقبة بن سنان، حدثنا غسان بن مضر، حدثنا سعيد بن يزيد (هو ابن مسلمة الأزدي)، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله قال: فذكره.
قال البزار: «لا نعلمه يروى عن جابر إلا من هذا الوجه، ولم نسمع أحدا يحدث به عن غسان إلا عقبة».
وإسناده حسن من أجل عقبة بن سنان هو ابن عقبة الهدادي البصري، روى عن غسان بن مضر قال فيه أبو حاتم: «صدوق». الجرح والتعديل (٦/ ٣١١).
وقال المنذري في الترغيب (٤٥٩٦): «رواه البزار بإسناد قوي جيّد».
وجوّد إسناده ابن حجر في الفتح (١٠/ ١١٧).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 65 من أصل 71 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أتى كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد

  • 📜 حديث: من أتى كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من أتى كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من أتى كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من أتى كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب