حديث: من تعلق تميمة فلا أتم الله له
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب التحذير من تعليق التمائم
حسن: رواه أحمد (١٧٤٠٤)، وأبو يعلى (١٧٥٩)، والطبراني في الكبير (١٧/ ٢٩٧)، وصحّحه ابن حبان (٦٠٨٦)، والحاكم (٤/ ٢١٦) كلهم من حديث حيوة بن شريح، أخبرنا خالد ابن عبد الله المعافري قال: سمعت مشرح بن هاعان يقول: سمعت عقبة بن عامر يقول: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم في تحذير المسلمين من الشرك والوسائل المؤدية إليه، وهو حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ».
وفي رواية أخرى: «مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ».
أما شرحه، فتفصيله على النحو التالي:
1. شرح المفردات:
● تَعَلَّقَ: علَّقها على نفسه أو على غيره (كطفله أو مريضه)، واتخذها معتمداً عليها.
● تَمِيمَةً: (جمعها: تمائم) وهي كل ما يُعلَّق على الجسم (كالعنق أو الصدر أو الذراع) بقصد دفع الضرر أو جلب النفع، كالخرز، أو الخيوط، أو العظام، أو الكتابات المجهولة، أو الأحجبة التي تحتوي على شركيات. وكانت العرب في الجاهلية تعلقها على أولادهم يتقون بها العين، فجاء الإسلام بتحريمها.
● فَلا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ: دعاء عليه بعدم الإتمام، أي لا أكمل الله له أمره، ولا أتم عليه نعمته، وقيل: لا يقبل الله عمله.
● وَدَعَةً: (جمعها: ودع) وهي شيء من البحْر (كالقواقع أو الأحجار الصغيرة أو عظام حيوان بحري) كانت تعلق أيضاً لدفع العين، خاصة للأطفال. وقيل هي نوع خاص من التمائم.
● فَلا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ: دعاء عليه بعدم التوفيق للسكون والطمأنينة، أي لا ترك الله له ولا سكن، بل يبقى في هم وقلق.
2. شرح الحديث:
يُحذِّر النبي ﷺ في هذا الحديث تحذيراً شديداً من تعليق التمائم والودع، وهي من أمور الجاهلية، وبيان ذلك:
● الوعيد الشديد: بدعاء النبي ﷺ على من فعل ذلك بعدم التمام وعدم السكينة، وهذا يدل على عظم هذا الذنب وخطورته.
● سبب التحذير: لأن تعليق التمائم يتضمن اعتقاداً فاسداً، وهو أن هذا الشيء المعلَّق له تأثير في جلب النفع أو دفع الضرر بذاته، دون إذن الله تعالى ومشيئته. وهذا نوع من الشرك الأصغر لأنه:
● تعلق القلب بغير الله: حيث يعتمد الإنسان على سبب لم يشرعه الله، وينسى أن النافع الضار هو الله وحده.
● التشبه بأهل الجاهلية: الذين كانوا يعتقدون في الأوثان والأشياء قوى خفية.
● الفرق بين أنواع التمائم:
● التمائم الشركية: وهي كل ما فيه شرك بالله، كتعليق عظام أو خرز أو كتابات تحتوي على طلاسم أو استغاثة بغير الله. فهذه محرمة بإجماع العلماء، وقد تصل إلى الشرك الأكبر حسب ما في القلب من اعتقاد.
● ما كان من القرآن أو الأدعية المشروعة: اختلف العلماء في حكمها على قولين:
* القول الأول: المنع مطلقاً (وهو رأي عبد الله بن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم، وهو مذهب الإمام أحمد في المشهور عنه). واحتجوا بهذا الحديث وعمومه، ولأنه ذريعة إلى الشرك، وسداً للباب.
* القول الثاني: الجواز (وهو رأي عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره، ورواية عن الإمام أحمد). بشروط: أن يكون من القرآن أو أسماء الله وصفاته، وأن لا يعتقد أن القرآن بنفسه يدفع الضرء بل بقدرة الله.
● والراجح - والله أعلم - هو القول بالمنع، قوة في سد الذرائع، وخوفاً من الوقوع في الشرك، واتباعاً للعموم في النهي.
3. الدروس المستفادة والعبر:
1- التوحيد أولاً: يحرص الإسلام على صحة العقيدة وسلامتها من أي شائبة، ويغلق كل باب يؤدي إلى الشرك ولو كان صغيراً.
2- التحذير من البدع والخرافات: نهى الإسلام عن كل عادة جاهلية تخالف التوحيد، ولو كانت منتشرة بين الناس.
3- التوكل على الله وحده: يجب على المسلم أن يعتقد أن النفع والضر بيد الله alone، ولا يعلق قلبه بأي مخلوق أو شيء.
4- التفريق بين الأسباب الشرعية والشركية: الأسباب المشروعة (كالرقية الشرعية والدعاء) مشروعة بتوفيق الله، أما الأسباب التي لم يشرعها الله فهي محرمة.
5- سد الذرائع: من حكمة الشريعة منع ما يؤدي إلى المحرم ولو كان في أصله مباحاً.
4. معلومات إضافية:
● حكم من علق تميمة: ذنبه عظيم، وعليه أن يتوب إلى الله، وينزع هذه التميمة فوراً، ويستبدلها بالتوكل على الله والأخذ بالأسباب الشرعية (كالدعاء والرقية بكتاب الله).
● البديل الشرعي: بدلاً من التمائم، يشرع للمسلم أن يحصن نفسه وأهله بالأذكار المشروعة (كأذكار الصباح والمساء، وقراءة المعوذات، والدعاء)، فهي حافظة بحول الله.
● مصدر الحديث: رواه الإمام أحمد في مسنده (16969)، والحاكم في المستدرك (4/216) وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
تخريج الحديث
وخالد بن عبيد المعافري من رجال التعجيل لم يرو عنه سوى حيوة بن شريح، ووثّقه ابن حبان، ولكن قال الحافظ: ورجال حديثه موثوقون.
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: خالد بن عبيد المعافري يحتاج إلى متابعة فوجدنا أن ابن لهيعة تابعه عن مشرح بن هاعان كما ذكره ابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص ٢٨٩).
وقوله: «ودعة» واحد الودع. وهي خرز أبيض تخرج من البحر بيضا شقها كشق النوى، يتعلق بها لدفع العين.
وفي معناه أحاديث أخرى منها: عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عيسى أخيه قال: دخلت على عبد الله بن عكيم أبي معبد الجهني أعوده، وبه حمرة فقلنا ألا تعلق شيئا؟ قال: الموت أقرب من ذلك. قال النبي ﷺ: «من تعلق شيئا وكل إليه».
رواه الترمذي (٢٠٧٢) -واللفظ له-، وأحمد (١٨٧٨١)، والحاكم (٤/ ٢١٦) كلهم من هذا الوجه.
قال الترمذي: «حديث عبد الله بن عكيم إنما نعرفه من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الله بن عكيم لم يسمع من النبي ﷺ وكان في زمن النبي ﷺ يقول: كتب إلينا رسول الله ﷺ».
قال الأعظمي: وفيه أيضا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى سيء الحفظ لا يُقبل إذا انفرد.
وكلك لا يصح ما روي عن عمران بن حصين أن النبي ﷺ رأى رجلا في يده حلقة من صفر، فقال: «ما هذه الحلقة؟» قال: هذه من الواهنة قال: «انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا».
رواه ابن ماجه (٣٥٣١)، وابن حبان (٦٠٨٥) وفيه الحسن لم يسمع من عمران بن حصين.
واختلف أهل العلم إذا كان التمائم فيها القرآن أو الأدعية الثابتة عن النبي ﷺ فالقول الراجح أنه لا يجوز تعليقه أيضا سدًّا للذريعة، ولما فيه من امتهان للقرآن لأن السنة تلاوة القرآن وتدبره وذكره دون التعليق.
وأما ما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله ﷺ قال: «إذا فزع أحدكم في النوم فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشيطان وأن
يحضرون فإنها لن تضره».
قال: وكان عبد الله بن عمرو يُعلّمها من بلغ من ولده، ومن لم يبلغ منهم كتبها في صك ثم علّقها في عنقه. فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٣٨٩٣)، والترمذي (٣٥٢٨)، وأحمد (٦٦٩٦)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٧٦٥، ٧٦٦)، وابن السني فيه (٧٥٠) كلهم من طرق، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فذكره. واللفظ للترمذي.
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب».
قال الأعظمي: في إسناده محمد بن إسحاق وهو مدلس، والعلماء لا يقبلونه في الأحكام حتى يصرح، ولأنه لم يثبت عن أحد من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين أنهم علّقوا التمائم على أولادهم، وقد روي عن إبراهيم النخعي أنه قال: كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن. وروى أيضًا أنه كان يكره المعاذة للصبيان ويقول: إنهم يدخلون به الخلاء، وقد رأى سعيد ابن جبير إنسانا يطوف بالبيت في عنقه خرزة فقطعها هذه الآثار وغيرها أخرجها ابن أبي شيبة في المصنف.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 71 من أصل 71 حديثاً له شرح
- 22 رقية جبريل للنبي باسم الله للشفاء من كل داء
- 23 بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك
- 24 اللهم اشف سعدًا وأتمم له هجرته
- 25 ضع يدك على الذي تألم وقل أعوذ بالله وقدرته من...
- 26 أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق
- 27 ضع يدك حيث تشتكي وقل بسم الله أعوذ بعزة الله...
- 28 أذهب الباس رب الناس اشف أنت الشافي
- 29 أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك
- 30 باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا ليشفى به سقيمنا
- 31 العين حق ونهى عن الوشم
- 32 العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا...
- 33 ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة
- 34 لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين
- 35 من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس
- 36 أمر النبي ﷺ عائشة أن تسترقي من العين.
- 37 العين تسرع إليهم قال: ارقيهم
- 38 بها نظرة فاسترقوا لها
- 39 العائن يؤمر فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين
- 40 العين حق
- 41 علام يقتل أحدكم أخاه ألا بركت إن العين حق
- 42 ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة
- 43 الرخصة في الرقية من كل ذي حمة
- 44 الرخصة في الرقية من الحية والعقرب.
- 45 من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل
- 46 إنك نهيت عن الرقى وأنا أرقي من العقرب
- 47 لا رقية إلا في عين أو حمة
- 48 لا رقية إلا من عين أو حمة
- 49 الرخصة في الرقية من العين والحمة والنملة
- 50 لدغتني عقرب عند النبي فرقاني ومسحها
- 51 لعن الله العقرب لا تدع مصليا ولا غيره.
- 52 سحر النبي ﷺ في مشط ومشاطة تحت رعوفة في بئر...
- 53 سحر النبي ﷺ حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا...
- 54 سحر رسول الله ﷺ لبيد بن الأعصم
- 55 سحر النبي ﷺ حتى يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما...
- 56 سحر رسول الله ﷺ يهودي من يهود بني زريق
- 57 سحر النبي ﷺ رجل من اليهود
- 58 أكل الربا، وأكل أموال اليتيم
- 59 من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر
- 60 النشرة من عمل الشيطان
- 61 لا تأتوا الكهان
- 62 الكهان يحدثون بالشيء فيكون حقا
- 63 من أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين ليلة
- 64 من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل...
- 65 من أتى كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد
- 66 إذا رمي بنجم فاستنار ماذا كنتم تقولون في الجاهلية؟
- 67 من وافق خطه فذاك
- 68 من وافق علمه فهو علمه
- 69 الرُّقَى والتمائم والتِّوَلَةَ شِرْكٌ
- 70 من علق تميمة فقد أشرك
- 71 من تعلق تميمة فلا أتم الله له
معلومات عن حديث: من تعلق تميمة فلا أتم الله له
📜 حديث: من تعلق تميمة فلا أتم الله له
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من تعلق تميمة فلا أتم الله له
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من تعلق تميمة فلا أتم الله له
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من تعلق تميمة فلا أتم الله له
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








