حديث: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب رقية النبي ﷺ ووضع اليد على الوجع

عن ابن عباس، عن النبي ﷺ قال: «من عاد مريضا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض».

حسن: رواه أبو داود (٣١٠٦)، والترمذي (٢٠٨٣)، وأحمد (٢١٣٧)، والحاكم (١/ ٣٤٢) كلهم من طريق شعبة، عن يزيد أبي خالد، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس، عن النبي ﷺ قال: «من عاد مريضا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
هذا حديثٌ عظيمٌ فيه فضل عيادة المريض وثمرة دعاء المسلم لأخيه، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً معتمداً على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام أبو داود في سننه، والإمام الترمذي، والإمام ابن ماجه، والإمام أحمد في مسنده، عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد صححه عدد من الأئمة، منهم الإمام الترمذي حيث قال: "هذا حديث حسن"، وكذلك صححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع".

### ثانياً. شرح مفردات الحديث
● من عاد مريضاً: العيادة هي الزيارة، والمقصود زيارة المسلم لأخيه المسلم عندما يمرض؛ لتطييب خاطره ومواساته والدعاء له.
● لم يحضر أجله: أي أن هذا المريض لم يأتِ عليه الوقت الذي قضاه الله له للموت، فلا فائدة من الدعاء بالشفاء لمن حضر أجله.
● سبع مرار: أي سبع مرات.
● أسأل الله العظيم: أسأل وأطلب من الله سبحانه وتعالى، ووصفه بـ "العظيم" من أجل أسمائه الحسنى وصفاته العلى.
● رب العرش العظيم: الرب هو المالك والخالق والمُدَبِّر، والعرش هو أعظم المخلوقات، وهو سقف الجنة.
● أن يشفيك: أي أن يزيل عنك المرض ويعيد لك العافية.
● إلا عافاه الله: الاستثناء هنا بمعنى "فإن الله يعافيه"، أي يحصل له الشفاء ويُرفع عنه ذلك الداء بعون الله وقدرته.

### ثالثاً. شرح الحديث ومعناه الإجمالي
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن فضل عيادة المريض، وهي من حقوق المسلم على أخيه، ثم يرشدنا إلى دعاء مأثور إذا قيل عند المريض على وجه الخصوص -بشرط ألا يكون قد حان وقت وفاته- فإنه يكون سبباً مباشراً بإذن الله في شفائه من ذلك المرض.
والحديث يجمع بين أمرين عظيمين:
1- فعل الخير: وهو عيادة المريض، التي فيها إدخال للسرور على قلب المسلم وتفقدٌ لأحواله.
2- الدعاء بأفضل الصيغ: حيث اختيرت ألفاظ عظيمة تليق بعظمة الله تعالى، فجمعت بين التوسل إلى الله باسمه "العظيم" وبتعلق قدرته بـ "العرش العظيم"، مما يجعل الدعاء أقرب إلى القبول.

### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- الحث على عيادة المريض: فهي من السنن المؤكدة التي تزيد الألفة وتقوي روابط المحبة بين المسلمين.
2- التوجه إلى الله بالدعاء: الدعاء هو العبادة، وهو من أنجع الأدوية وأقوى الأسباب لجلب المنافع ودفع المضار.
3- التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته: من أعظم أسباب إجابة الدعاء أن يدعو المسلم ربه متوسلاً إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، كما في هذا الدعاء: "يا الله، يا عظيم، يا رب العرش العظيم".
4- التكرار في الدعاء: التكرار سبع مرات مما يرجى معه الإجابة، وهو يدل على صدق الرغبة وشدّة الالتجاء إلى الله.
5- التفاؤل وطلب الشفاء: ينبغي للمسلم أن يكون متفائلاً ويطلب الشفاء من الله، ولا يستسلم لليأس، ما دام أن الأجل لم يحن.
6- اليقين في قدرة الله المطلقة: الشفاء بيد الله وحده، وهو على كل شيء قدير، فلا شفاء إلا شفاؤه.


خامساً:

تنبيهات مهمة
- هذا الدعاء سنة وليس واجباً، فلو عاده ولم يدعُ بهذا الدعاء فلا إثم عليه، لكنه فوت على نفسه أجراً عظيماً وسبباً قوياً للشفاء.
- لا تعارض بين هذا الدعاء وبين الأخذ بالأسباب الطبية المباحة، بل يجمع المسلم بين الدعاء والأخذ بالأسباب.
- قول "إلا عافاه الله" ليس قَدَراً حتمياً لا يتخلف، بل هو في الأصل سببٌ للشفاء، ولكن قد تكون هناك حكمة إلهية في تأخير الشفاء أو عدم حصوله، فيؤجر المسلم على نيته ودعائه.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفي مرضى المسلمين، وأن يعافينا جميعاً في الدنيا والآخرة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣١٠٦)، والترمذي (٢٠٨٣)، وأحمد (٢١٣٧)، والحاكم (١/ ٣٤٢) كلهم من طريق شعبة، عن يزيد أبي خالد، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.
وقال الترمذي: «حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث المنهال بن عمرو».
وإسناده حسن من أجل الكلام في يزيد أبي خالد الدالاني غير أنه حسن الحديث، والكلام عليه مبسوط في كتاب الجنائز.
وبمعناه ما رُوي عن علي قال: كان النبي ﷺ إذا عاد مريضا قال: «أذهب البأس رب الناس واشفِ أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما».
رواه الترمذي (٣٥٦٥)، وأحمد (٥٦٦) كلاهما من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي فذكره.
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب».
قال الأعظمي: في إسناده الحارث وهو الأعور ضعفوه، ولكن الحديث صحيح رُوي من غير وجه عن النبي ﷺ.
وبمعناه ما روي عن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله ﷺ أنه دخل على ثابت بن قيس، وهو مريض، فقال: «اكشف البأس، ربّ الناس، عن ثابت بن قيس بن شماس»، ثم أخذ ترابا من بطحان، فجعله في قدح، ثم نفث عليه بماء، ثم صب عليه.
رواه أبو داود (٣٨٨٥)، والنسائي في الكبرى (١٠٧٨٩)، وابن حبان (٦٠٦٩) كلهم من طريق عبد الله بن وهب قال: حدثني داود بن عبد الرحمن، عن عمرو بن يحيى المازني، عن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس، عن أبيه، عن جده فذكره موصولا.
ورواه النسائي (١٠٧٩٠) من طريق ابن جريج قال: أخبرنا عمرو بن يحيى بن عمارة قال: أخبرني يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس أن النبي ﷺ أتى ثابت بن قيس ... مرسلا.
ومدار الموصول والمرسل على يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس، ولم يذكر في ترجمته راو غير عمرو بن يحيى، ولم يوثقه أحد إلا أن ابن حبان ذكره في الثقات. ولذا قال ابن حجر في التقريب: «مقبول» أي عند المتابعة، ولم أجد له متابعا.
وفي متنه غرابة وهي «أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح ...».
وفي الباب ما روي عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من اشتكى منكم شيئًا أو اشتكاه أخ فليقل: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمةً من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ».
رواه أبو داود (٣٨٩٢)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (١٠٣٧)، وابن عدي في الكامل (٣/ ١٠٥٤) كلهم من حديث الليث، عن زيادة بن محمد، عن محمد بن كعب، عن فضالة بن عبيد، عن أبي الدرداء فذكره.
وأخرجه الحاكم (١/ ٣٤٢ - ٣٤٤) من هذا الوجه وقال: «احتج الشيخان بجميع رواة هذا
الحديث غير زيادة بن محمد وهو شيخ من أهل مصر قليل الحديث».
وتعقبه الذهبي فقال: «قال البخاري وغيره: منكر الحديث».
قال الأعظمي: وهو كما قال، وزيادة بن محمد هو الأنصاري قال ابن عدي: أظنه وقال بعد قول البخاري: ما أعرف له إلا مقدار حديثين أو ثلاثة، روى عن الليث وابن لهيعة، ومقدار ما له لا يتابع عليه وقال: وهو في جملة الضعفاء، ويكتب حديثه، وساق له هذا الحديث.
وقال ابن حبان في المجروحين (٣٦٢): «منكر الحديت جدا، يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك».
وروى الحديث المذكور عنه عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عبيد، ولم يذكر فيه أبا الدرداء.
وكذلك رواه أيضا سعيد بن أبي مريم، عن الليث بن سعد، عن زيادة بن محمد الأنصاري، عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عبيد، أنه قال: جاء رجلان من أهل العراق يلتمسون الشفاء لأب لهما حبس بوله، فدلهما القوم على فضالة ... فذكر الحديث.
رواه النسائي في عمل اليوم والليلة (١٠٣٨)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (٦٤٧، ٦٤٨)، والحاكم (٤/ ٢١٨ - ٢١٩) كلهم من هذا الوجه، وقرن اللالكائي ابن أبي مريم بيزيد بن خالد بن موهب الرملي كما أنه جعله من مسند أبي الدرداء.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد».
وسعيد بن أبي مريم هذا ثقة ثبت من رجال الجماعة. وزيادة بن محمد هذا سبق الكلام فيه فإنه جعل مرة من مسند أبي الدرداء، وأخرى من مسند فضالة بن عبيد، وقد وجدت له متابعا ضعيفا، وهو ما رواه الإمام أحمد (٢٣٩٥٧) عن أبي اليمان قال: حدثنا أبو بكر -يعني ابن أبي مريم- عن أشياخ، عن فضالة بن عبيد الأنصاري قال: علمني النبي ﷺ رقية، وأمرني أن أرقي بها من بدا لي فذكر الحديث.
وابن أبي مريم هو أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الشامي، قد ينسب إلى جده ضعيف باتفاق أهل العلم، وأشياخه غير معروفين.
وفي الباب عن طلق بن حبيب، عن أبيه، أنه كان به الأسر، فانطلق إلى المدينة والشام يطلب من يداويه، فلقي رجلا فقال: ألا أعلمك كلمات سمعتهن من رسول الله ﷺ: «ربنا الله الذي في السماء، تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ».
رواه النسائي في الكبرى (١٠٨٧٤) من طريق سفيان، عن منصور، عن طلق بن حبيب، عن أبيه فذكره.
ورواه أيضًا من طريق أبي داود، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني يونس بن خباب، قال: سمعت طلق بن حبيب، عن رجل، من أهل الشام، عن أبيه، أن رجلا، أتى النبي ﷺ كان به الأسر، فأمره النبي ﷺ أن يقول: فذكر الحديث.
وفي الإسناد الأول حبيب أبو طلق وهو العنزي لا يعرف من هو؟ ولذا قال الحافظ في التقريب: «مجهول».
وفي الإسناد الثاني يروي عن رجل، عن أبيه، أن رجلا أتى النبي ﷺ فذكر الحديث، وفي الإسناد اضطراب شديد.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 29 من أصل 71 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك

  • 📜 حديث: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب