الرُّقَى والتمائم والتِّوَلَةَ شِرْكٌ

حديث: الرُّقَى والتمائم والتِّوَلَةَ شِرْكٌ

عن عبد الله، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن الرُّقَى، والتمائمَ، والتِّوَلَةَ شِرْكٌ» قالت (أي زينب امرأة عبد الله): قلت: لِمَ تقول هذا؟ والله! لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني، فإذا رقاني سكنت، فقال عبد الله: إنما ذاك عمل الشيطان كان ينخسها بيده، فإذا رقاها كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله ﷺ يقول: «أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا
شفاؤك شفاء لا يغادر سقما».

حسن: رواه أبو داود (٣٨٨٣) -واللفظ له-، وابن ماجه (٣٥٣٠)، وأحمد (٣٦١٥) كلهم من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله بن مسعود، عن عبد الله بن مسعود فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتمدين لدى أهل السنة والجماعة، مع بيان الدروس والعبر المستفادة منه.

الحديث بتمامه:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن الرُّقَى، والتمائمَ، والتِّوَلَةَ شِرْكٌ». قالت (زينب امرأة عبد الله): قلت: لِمَ تقول هذا؟ والله! لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني، فإذا رقاني سكنت. فقال عبد الله: إنما ذاك عمل الشيطان كان ينخسها بيده، فإذا رقاها كف عنها. إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله ﷺ يقول: «أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما».

1. شرح المفردات:

● الرُّقَى: جمع رقية، وهي القراءة على المريض بآيات من القرآن أو الأدعية المشروعة طلبًا للشفاء.
● التمائم: جمع تميمة، وهي ما يعلق على الأطفال أو المرضى من خرز أو عظام أو كتابات غير مشروعة لدفع البلاء أو العين، وتسمى أيضًا "الحجبة" أو "الودعة".
● التِّوَلَة: شيء كانوا يصنعونه في الجاهلية يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها، أو الرجل إلى امرأته، وهو نوع من السحر.
● شِرْك: أي من أفعال الشرك الأصغر أو ما يؤدي إلى الشرك الأكبر، حسب النية والمعتقد.
● تقذف: تدمع بشدة أو يصيبها ألم ونزف.
● ينخسها: يطعنها أو يؤذيها بإصبعيه أو بشيء حاد.
● لا يغادر سقما: لا يترك مرضًا.

2. شرح الحديث:

هذا الحديث العظيم يحذر النبي ﷺ فيه من ثلاثة أمور كانت شائعة في الجاهلية، وهي:
● الرُّقَى: المقصود هنا الرقى غير المشروعة، التي تحتوي على طلاسم أو أسماء مجهولة أو شركيات.
● التمائم: وهي تعليق أشياء لجلب النفع أو دفع الضر بغير ذكر الله تعالى، مما يوهم الاعتماد على غير الله.
● التولة: وهي نوع من السحر المحرم.
فقد بين النبي ﷺ أن هذه الأفعال من الشرك، لأنها توقع صاحبها في الاعتقاد بغير الله تعالى، أو تتضمن الاستعانة بالشياطين أو السحرة.
ثم جاء رد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على زوجته زينب ليبين لها أن شفاءها على يد اليهودي لم يكن حقيقيًا، بل كان من عمل الشيطان، حيث كان يؤذيها ثم يكف عن أذيتها عندما ترقي عنده، ليغرها ويوقعها في الشرك. ثم دلّها على البديل الشرعي، وهو الرقية المشروعة بالقرآن والأدعية النبوية.

3. الدروس المستفادة:

1- تحذير الإسلام من الشرك وذرائعه: فكل ما يؤدي إلى الاعتقاد بغير الله أو الاستعانة بغير سبب شرعي فهو محرم.
2- الفرق بين الرقية الشرعية والغير شرعية: فالشرعية تكون بالقرآن والأدعية المأثورة، مع التوكل على الله، أما غير الشرعية فتشتمل على طلاسم أو شركيات.
3- بيان حيلة الشيطان: حيث يوقع الإنسان في الشرك عن طريق الخداع، كما حدث مع زوجة ابن مسعود.
4- التعلق بالله وحده في الشفاء: فالله هو الشافي، ولا يجوز طلب الشفاء من ساحر أو كاهن أو مشعوذ.
5- الأمر بالعلاج الشرعي: كما في الدعاء المأثور: «أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما».

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
- الشرك في الحديث قد يكون أصغر إذا لم يعتقد الإنسان أن هذه الأمور تنفع بذاتها، ولكنه يعتمد على الله مع اتخاذ الأسباب، ولكنه إذا اعتقد أنها تؤثر بذاتها دون الله فهو شرك أكبر.
- من الرقى المشروعة: سورة الفاتحة، وآية الكرسي، والمعوذات، والأدعية المأثورة.
- يجب على المسلم أن يتعلم الرقية الشرعية ليعتمد عليها عند الحاجة، ويبتعد عن المشعوذين والسحرة.

أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يشفينا ويشفي جميع مرضى المسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٨٨٣) -واللفظ له-، وابن ماجه (٣٥٣٠)، وأحمد (٣٦١٥) كلهم من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله بن مسعود، عن عبد الله بن مسعود فذكره.
وابن أخي زينب قال الحافظ في التقريب: «كأنه صحابي، ولم أره مسمى» وتابعه عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن زينب امرأة عبد الله، ومن طريقه رواه الحاكم (٤/ ٤١٧ - ٤١٨) بإسناده عن زينب، امرأة عبد الله أنها أصابها حمرة في وجهها، فدخلت عليها عجوز فرقتها في خيط فعلقته عليها، فدخل ابن مسعود رضي الله عنه فرآه عليها، فقال: ما هذا؟ فقالت: استرقيت من الحمرة، فمد يده فقطعها، ثم قال: إن آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، قالت: ثم قال: إن رسول الله ﷺ حدثنا: «إن الرُّقَى والتمائمَ والتِّوَلَةَ شِرْكٌ» قال: فقلت: ما التولة؟ قال: «التولة هو الذي يهيج الرجال».
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين».
قال الأعظمي: بعض رجال إسناده ليسوا من رجال الشيخين إلا أنه لا بأس به في تقوية الإسناد.
وللحديث أسانيد أخرى غير أني ما ذكرته هو أصحها.
وأما ما رواه ابن حبان (٦٠٩٠) من وجه آخر عن يحيى بن الجزار قال: دخل عبد الله على امرأة ...
فالظاهر أنه سقط من الإسناد ابن أخي زينب؛ لأن يحيى بن الجزار لم يدرك عبد الله بن مسعود.
وقوله: «الرُّقَى» -بضم الراء- جمعُ رُقْية -بضم الراء- والمراد هنا ما كان بأسماء الأصنام والشياطين، أو بكلمات لا يُفهم معناها.
وأما ما كان من القرآن والأحاديث الثابتة فلا بأس بها.
والتمائم: جمع تَميمة، أريد بها الخرزات التي يُعَلِّقها النساء في أعناق الأولاد لدفع العين أو البلاء.
وأما ما روي عن ابن مسعود كان النبي ﷺ يكره عشرةَ خلال فذكر منها: عقد التمائم ففي إسناده كلام. رواه أبو داود (٤٢٢٢) وغيره. وفيه عبد الرحمن بن حرملة لم يسمع من ابن مسعود، ولا يعرف من أصحابه إلا في هذا الحديث. انظر تخريجه بالتفصيل في كتاب اللباس، باب كراهية تغيير الشيب.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 69 من أصل 71 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الرُّقَى والتمائم والتِّوَلَةَ شِرْكٌ

📜 حديث: الرُّقَى والتمائم والتِّوَلَةَ شِرْكٌ

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الرُّقَى والتمائم والتِّوَلَةَ شِرْكٌ

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الرُّقَى والتمائم والتِّوَلَةَ شِرْكٌ

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الرُّقَى والتمائم والتِّوَلَةَ شِرْكٌ

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية