حديث: يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء من الوعيد للعالم الذي لا يعمل بعلمه، وإن كان علمه ينتفع به غيره

عن أسامة بن زيد، قال: قيل له: ألا تدخلُ على عثمان فتُكلِّمَه؟ فقال: أترونَ أنِّي لا أُكلِّمه إِلَّا أُسمِعُكم؟ واللَّه! لقد كلَّمْتُه فيما بيني وبينه، ما دون أن أفتتَح أمرًا لا أُحبُّ أن أكونَ أوّل مَنْ فتحه، ولا أقول لأحد يكون عليَّ أميرًا: إنّه خير النّاس بعد ما سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «يؤتى بالرّجل يوم القيامة، فيلقى في النّار، فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرَّحى، فيجتمعُ إليه أهل النّار. فيقولون: يا فلان! مالك؟ ألم تكنْ تأمرُ بالمعروف وتنهى عن المنكر، فيقول: بلى قد كنتُ آمرُ بالمعروف ولا آتيه، وأنْهى عن المنْكر وآتيه».

متفق عليه: رواه البخاريّ في بدء الخلق (٣٢٦٧)، ومسلم في الزّهد والرّقائق (٢٩٨٩) كلاهما من طريق الأعمش، عن شقيق، عن أسامة بن زيد، فذكره.

عن أسامة بن زيد، قال: قيل له: ألا تدخلُ على عثمان فتُكلِّمَه؟ فقال: أترونَ أنِّي لا أُكلِّمه إِلَّا أُسمِعُكم؟ واللَّه! لقد كلَّمْتُه فيما بيني وبينه، ما دون أن أفتتَح أمرًا لا أُحبُّ أن أكونَ أوّل مَنْ فتحه، ولا أقول لأحد يكون عليَّ أميرًا: إنّه خير النّاس بعد ما سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «يؤتى بالرّجل يوم القيامة، فيلقى في النّار، فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرَّحى، فيجتمعُ إليه أهل النّار. فيقولون: يا فلان! مالك؟ ألم تكنْ تأمرُ بالمعروف وتنهى عن المنكر، فيقول: بلى قد كنتُ آمرُ بالمعروف ولا آتيه، وأنْهى عن المنْكر وآتيه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونعلم.
هذا حديث عظيم من أحاديث الوعيد، رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 3267)، ومسلم في صحيحه (رقم 2989)، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، حِبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:


● تندلق أقتاب بطنه: تندلق: تخرج وتتسع. والأقتاب: جمع قتب، وهو ما يشد على بطن البعير تحت الحزام، وشبه به هنا أمعاء البطن. أي تخرج أمعاؤه ويتسع بطنه من شدة العذاب.
● يدور بها كما يدور الحمار بالرحى: يدور بأمعائه في النار دوراناً شديداً، كما يدور الحمار في رحى الحبوب، وهو مثل للدوران المستمر الشاق.
● فيجتمع إليه أهل النار: يأتيه أهل النار متعجبين من حاله.
● ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟: يسألونه مستنكرين، لأن من كان يفعل ذلك يستحق الجنة لا النار.
● بلى قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه: يعترف بذنبه وخطيئته، حيث كان يناقض قوله فعله.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يصور هذا الحديث مشهداً من مشاهد يوم القيامة، يُؤتى فيه برجل ممن كانوا في الدنيا يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف، ولكنهم لا يلتزمون بما يأمرون به، وينهون عن المنكر وهم يرتكبونه، فيلقى في النار ويعذب عذاباً شديداً، حتى تخرج أمعاؤه ويدور بها في النار. فيتعجب منه أهل النار ويتساءلون: كيف أُدخل هذا الذي كان يدعو إلى الخير النار؟ فيكشف لهم عن حقيقة أمره، وهو أنه كان يناقض قوله فعله، فيأمر الناس بالبر وهو لا يفعله، وينهاهم عن الشر وهو واقع فيه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- خطر النفاق العملي والمناقضة بين القول والفعل: الحديث تحذير شديد من أن يكون المرء من الذين يعظون الناس وينسون أنفسهم، قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44].
2- الإخلاص ومراقبة الله تعالى: يجب على الداعية والعالم وكل مسلم أن يستحضر مراقبة الله في كل أمره، وأن يخلص العمل لله، فلا يكون قصده الرياء أو السمعة.
3- القدوة الحسنة: على من يتصدى لأمر الدعوة وتعليم الناس أن يكون أول الملتزمين بما يدعو إليه، وأول المنتهين عما ينهى عنه، ليكون قدوة عملية صالحة. فالعمل أبلغ من القول.
4- التواضع والحكمة في النصيحة: فهم الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه من هذا الحديث ضرورة الحكمة والستر في النصيحة، خاصة مع ولاة الأمر، فلا تكون على الملأ مما يفتح باباً للفتنة، بل تكون سراً بين الناصح والمنصوح، محافظة على هيبة الإمام ووحدة الصف.
5- عظم جزاء المرائي: أن الذي يعمل العمل لغير الله، أو يقول القول ولا يعمل به، فإن عذابه شديد، وإن كان في صورة المتعبد أو الداعية.
6- بيان حقيقة العبودية: العبودية لله هي الاستسلام له ظاهراً وباطناً، قولاً وعملاً، فمن نقص واحداً منهما فقد نقص في عبوديته.

رابعاً. معلومات إضافية:


● السياق: جاء كلام أسامة بن زيد رضي الله عنه في ظرف دقيق، حيث كان الناس ينتقدون عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويدعونه لمناقشته على الملأ، فأبى أسامة ذلك؛ لأنه فهم من هذا الحديث أن المجاهرة بالعيب والافتخار بذكر عيوب الآخرين منكر يجب اجتنابه، خاصة إذا كان فيه إثارة للفتنة.
● الوعيد خاص بمن ترك العمل بالكلية: ذكر العلماء أن هذا الوعيد الشديد خاص بمن كان يترك العمل بالكلية مع أمره به، أو يفعله أحياناً لكنه تساهل في تركه غالباً، أما من يفعله لكن له بعض التقصير فليس داخلًا في هذا الوعيد الدقيق، لكن عليه أن يحذر من المخالفة.
● الحديث يدل على عظم مكانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: حتى أن صاحبه يُسأل عنه في النار، مما يدل على أنه من أعظم الواجبات الإسلامية.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على أنفسنا، وأن لا يجعلنا ممن يقول ما لا يفعل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في بدء الخلق (٣٢٦٧)، ومسلم في الزّهد والرّقائق (٢٩٨٩) كلاهما من طريق الأعمش، عن شقيق، عن أسامة بن زيد، فذكره.
قوله: «فتندلق أقتاب بطنه». أقتاب: جمع قِتْب -بكسر القاف وسكون المثناة- وهي الأمعاء، واندلاقها خروجها بسرعة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 201 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه

  • 📜 حديث: يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب