ما تركنا عهد نبيّنا ولا قطعنا أرحامنا

حديث: ما تركنا عهد نبيّنا ولا قطعنا أرحامنا

عن أبي صالح سعيد بن عبد الرحمن الغفاريّ، أنّ سليم بن عنَزٍ التُّجيبيّ كان يقصُّ على النّاس وهو قائم، فقال له صلة بن الحارث الغفاريّ -وهو من أصحاب النبيّ ﷺ: واللَّهِ ما تركنا عهدَ نبيِّنا، ولا قطعنا أرحامنا حتّى قمت أنت وأصحابُك بين أظهرنا.

حسن: رواه الطّبرانيّ في كبيره (٧٤٠٤) عن بشر بن موسى، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، عن حيوة بن شريح، حدّثني الحارث بن شداد الصنعانيّ، أنّ أبا صالح سعيد بن عبد الرحمن الغفاري أخبره، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث ينقل لنا موقفاً تربوياً مهماً من مواقف الصحابة الكرام رضي الله عنهم.

أولاً. شرح المفردات:

● يقصُّ على الناس: أي يخطب فيهم ويعظهم ويذكرهم.
● وهو قائم: أي واقفاً على المنبر أو مكان مرتفع، وهو أسلوب جديد في الوعظ لم يكن معهوداً عندهم.
● عهد نبيِّنا: ما عهدناه وألفناه من هديه ﷺ وسنته في الوعظ والتذكير.
● قطعنا أرحامنا: هنا كناية عن عدم حدوث فرقة أو شقاق بينهم.
● بين أظهرنا: أي في وسطنا ومجتمعنا.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا الصحابي أبو صالح عن موقف حدث في زمن التابعين، حيث كان رجل من التابعين (سليم بن عنز التجيبي) يخطب في الناس ويعظهم وهو واقف على منبر، وهو أسلوب لم يكن مألوفاً في عهد النبي ﷺ ولا في عهد الخلفاء الراشدين، حيث كان الوعظ يتم في الغالب في مجالس جلوس أو في خطبة الجمعة الرسمية.
فلما رأى ذلك الصحابي الجليل (صلة بن الحارث الغفاري)، وهو من أصحاب النبي ﷺ، أنكر عليه هذا الفعل الجديد، قائلاً له بلهجة التوجيه والنصيحة: "والله ما حصل بيننا فراق أو شقاق، ولا تركنا هدي نبينا الذي ألفناه، حتى جئت أنت وأصحابك بأساليب جديدة لم نعرفها من قبل".

ثالثاً. الدروس المستفادة والفوائد التربوية:

1- حرص الصحابة على السنة: يظهر من هذا الموقف شدة حرص الصحابة رضي الله عنهم على التمسك بهدي النبي ﷺ كما هو، وعدم تجاوزه أو إحداث شيء جديد لم يكن معروفاً في عهده، حتى في الأمور الظاهرة مثل هيئة الوعظ.
2- الأسلوب الحكيم في النصيحة: لم يوبخ الصحابي الراوي (سليماً) مباشرة، بل نصحه بأسلوب لطيف، موضحاً أن هذا الفعل ليس من هدي النبي ﷺ الذي كانوا عليه، مما يدل على حكمته ورفقه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3- التحذير من البدع: الموقف يُعد درساً في التحذير من البدع والمحدثات في الدين، حتى تلك التي قد تبدو صغيرة أو شكلية، لأن إدخال ما ليس من الدين في الدين أمر خطير، وقد يصير سنة يتبعها الناس من بعده.
4- التمييز بين الوسائل والأصول: الوقوف للوعظ هو وسيلة وليس عبادة بذاتها، لكن الصحابي أنكره لأنه صار شكلاً مميزاً يظن الناس أنه من الدين، فحذر من ذلك سداً للذريعة.
5- احترام علماء الأمة: مع الإنكار، نلاحظ احترام الصحابي للراوي (سليم) حيث خاطبه بأدب، مما يدل على أن الإنكار لا يعني انتقاصاً من قدر المخطئ.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من رواية التابعين، وهو صحيح الإسناد.
- الموقف يدل على أن الصحابة كانوا يغارون على سنة النبي ﷺ غيرة شديدة، ويحافظون عليها حتى في الأمور التي قد يراها البعض هيئات شكلية.
- يستفاد منه أن الأصل في العبادات التوقيف (أي أن نقتصر على ما ورد فقط)، والأصل في العادات الإباحة (ما لم تخالف الشرع).
نسأل الله أن يرزقنا الاتباع واجتناب الابتداع، وأن يفقهنا في سنة نبيه ﷺ.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطّبرانيّ في كبيره (٧٤٠٤) عن بشر بن موسى، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، عن حيوة بن شريح، حدّثني الحارث بن شداد الصنعانيّ، أنّ أبا صالح سعيد بن عبد الرحمن الغفاري أخبره، فذكره.
قال الهيثميّ: «إسناده حسن».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 196 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما تركنا عهد نبيّنا ولا قطعنا أرحامنا

📜 حديث: ما تركنا عهد نبيّنا ولا قطعنا أرحامنا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما تركنا عهد نبيّنا ولا قطعنا أرحامنا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما تركنا عهد نبيّنا ولا قطعنا أرحامنا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما تركنا عهد نبيّنا ولا قطعنا أرحامنا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية