مسح النبي على الخفين يوم الفتح بوضوء واحد

حديث: مسح النبي على الخفين يوم الفتح بوضوء واحد

عن بُرَيدة أن النبي ﷺ صلَّى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال له عمر: لقد صنعت اليوم شيئًا لم تكن تصنعه! قال: «عمدًا صنعتُه يا عمر!».

صحيح: رواه مسلم في الطهارة (٢٧٧)، من حديث يحيى بن سعيد، عن سفيان، قال: حدَّثني علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بُرَيدة، عن أبيه .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا من فضله. هذا حديث عظيم فيه دروس مهمة، وها هو شرحه وفق المنهج المطلوب:

الحديث الشريف:

عن بُرَيدة رضي الله عنه: أن النبي ﷺ صلَّى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال له عمر: لقد صنعت اليوم شيئًا لم تكن تصنعه! قال: «عمدًا صنعتُه يا عمر!».
(رواه الإمام مسلم في صحيحه)

1. شرح المفردات:

* يوم الفتح: يقصد به فتح مكة المكرمة، وهو حدث عظيم كان في السنة الثامنة للهجرة.
* الصلوات: أي الصلوات الخمس المفروضة في ذلك اليوم.
* بوضوء واحد: أي أنه صلى الله عليه وسلم لم يجدد الوضوء لكل صلاة، بل بقي على وضوء واحد من أول النهار إلى آخره.
* مسح على خفيه: المسح على الخفين هو الرخصة الشرعية التي تتيح للمسلم المسح على قدميه (الخفين أو الجوربين) بدلاً من غسلهما عند تجديد الوضوء، بشروط معينة.
* عمدًا صنعته: أي أن هذا الفعل لم يكن نسياناً أو خطأ، بل كان بقصد وتعمد لبيان حكم شرعي.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر الصحابي الجليل بريدة رضي الله عنه أن النبي ﷺ في يوم فتح مكة، صلى جميع الصلوات الخمس (الظهر، العصر، المغرب، العشاء، والفجر التالي) وهو على وضوء واحد لم ينتقض، وكان يمسح على خفيه عند كل وضوء بدلاً من نزعهما وغسل قدميه.
فلما رآه عمر بن الخطاب رضي الله يفعل ذلك – وكان النبي ﷺ يتوضأ لكل صلاة غالباً احتياطاً وتنظفاً – تعجب عمر وقال: لقد فعلت شيئاً اليوم لم نرك تفعله من قبل! فأجابه النبي ﷺ مؤكداً أن هذا الفعل كان متعمداً وقصده به التعليم والبيان للأمة.

3. الدروس المستفادة منه:

1- بيان مشروعية الجمع بين الصلوات بوضوء واحد: الحديث دليل على أن من كان على وضوء صحيح لم ينتقض، فله أن يصلي به ما شاء من الصلوات والفروض، ولا يجب عليه إعادة الوضوء لكل صلاة. والوضوء يبطل بما يبطل به من نواقض معروفة (كخروج البول أو الغائط... إلخ)، وليس بمجرد مرور الوقت.
2- بيان مشروعية المسح على الخفين: الحديث من أوضح الأدلة على ثبوت رخصة المسح على الخفين، وهي رخصة عظيمة من رحم الله تعالى بهذه الأمة. وفيه رد على من أنكر هذه الرخصة من المبتدعة.
3- جواز المسح مدة المسح كاملة: دلّ فعله ﷺ على أنه يمسح على خفيه طوال مدة الرخصة (وهي يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام للمسافر) ما دام الوضوء لم ينتقض بغيره.
4- حكمة النبي ﷺ في التعليم: كان النبي ﷺ يعلم أصحابه وأمته بأقواله وأفعاله. وهنا أراد ﷺ أن يبين لهم عملياً جواز هذين الحكمين (الصلاة بوضوء واحد والمسح على الخفين) ليروا ذلك منه مباشرة فيتأكدوا ويطمئنوا.
5- حرص الصحابة على التعلم والسؤال: رد عمر رضي الله عنه يدل على حرص الصحابة الكرام على ملاحظة أفعال النبي ﷺ وتتبعها، والسؤال عما يشكل عليهم، وهذا من أدبهم العالي في طلب العلم.
6- جواز تعمد فعل السنة لبيانها: يجوز للإنسان، وخاصة العالم والداعية، أن يفعل شيئاً من السنن التي قد لا يعرفها الناس أو يشكون فيها، متعمداً ليعلمهم بها ويريهم جوازها.
7- أدب الصحابة مع النبي ﷺ: نلاحظ أدب عمر رضي الله عنه في سؤاله، حيث لم يعترض بل استفهم بطريقة مهذبة "لقد صنعت اليوم شيئاً لم تكن تصنعه".

4. معلومات إضافية مفيدة:

* حكم المسح على الخفين: هو رخصة جائزة بالإجماع عند أهل السنة والجماعة، بشروطها المعروفة (أن يلبسها على طهارة، وأن تكون ساترة للقدم، وأن تكون طاهرة، وأن يكون المسح في المدة المحددة شرعاً).
* الفرق بين هذا الفعل والعادة: كان النبي ﷺ يجدد الوضوء لكل صلاة غالباً، إما استحباباً وتنظفاً وتجديداً للنشاط، أو لأنه كان يحدث الوضوء غالباً. ففعله هنا كان للبيان والتعليم.
* الفتح يوم تحقق الوعد: كان فتح مكة يوماً مشهوداً، انتصر فيه الحق وزهق فيه الباطل، ودخل الناس في دين الله أفواجاً. وفي هذا الموقف بيان أن الشرائع تشرع في أوقات العزة والانتصار كما تشرع في أوقات الشدة.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الطهارة (٢٧٧)، من حديث يحيى بن سعيد، عن سفيان، قال: حدَّثني علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بُرَيدة، عن أبيه .. فذكره. وعند الترمذي (٦١): كان النبي ﷺ يتوضأ لكل صلاة، فلما كان يوم الفتح صلَّى الصلوات كلها بوضوء واحد.
وفي الباب ترك الوضوء مما مسته النار: حديث جابر، أن النبي ﷺ ذُبح له شاة فأكل، ثم قام إلى صلاة الظهر، ثم أُتِي ببقية الشاة، وحضرت الصلاة فقام وصلى ولم يَمَسّ ماءً. فجمع بين الصلاتين بوضوءٍ واحدٍ كلٌّ منهما في وقتها.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 80 من أصل 155 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مسح النبي على الخفين يوم الفتح بوضوء واحد

📜 حديث: مسح النبي على الخفين يوم الفتح بوضوء واحد

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: مسح النبي على الخفين يوم الفتح بوضوء واحد

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: مسح النبي على الخفين يوم الفتح بوضوء واحد

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: مسح النبي على الخفين يوم الفتح بوضوء واحد

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية