حديث: كان ينام أول الليل ويحيي آخره
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب جواز النوم للجنب بدون وضوء
متفق عليه: رواه البخاري في التهجد (١١٤٦) من حديث شعبة، ومسلم في صلاة المسافرين (٧٣٩) من حديث زهير أبي خيثمة كلاهما، عن أبي إسحاق واللفظ لمسلم.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث الشريف الذي سألت عنه رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُبيِّن هدي النبي ﷺ في العبادة والطهارة، خاصة في الليل. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:
1. شرح المفردات:
● يُحيي آخره: أي يقوم الليل بالصلاة والذكر والدعاء، فيجعل آخره نشيطاً عامراً بالطاعة.
● قضى حاجته: أي جامع أهله (زوجاته).
● النداء الأوَّل: هو أذان الفجر الأول، الذي كان يؤذن به بلال رضي الله عنه قبل طلوع الفجر بوقتٍ لتوقظ الناس للتهجد والسحور.
● وَثَب: نهض بسرعة ونشاط.
● أفاض عليه الماء: صب الماء على جسده للاغتسال.
● ولا والله! ما قالت: قام / اغتسل: تأكيد من الراوي (الأَسوَد) على دقة نقل الكلمة عن عائشة رضي الله عنها، ليبين حرصها على اللفظ النبوي الدقيق.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يصف هذا الحديث هدي النبي ﷺ في لياليه، خاصة الليلة التي يكون فيها عند أهله. فكان ﷺ يقسم ليله إلى ثلاثة أجزاء:
● أول الليل: ينام فيه ليستريح ويعين نفسه على عبادة آخر الليل.
● آخر الليل: يقوم فيه للصلاة والتهجد والمناجاة.
● إذا كانت له حاجة إلى أهله (أي الجماع)، فإنه:
- يقضي حاجته ثم ينام.
- وعند أذان الفجر الأول (قبل الفجر الصادق) ينهض بسرعة ونشاط.
- فإن كان جنباً (من جماع) فإنه يفيض الماء على جسده للاغتسال، ولا تقول عائشة "اغتسل" بل "أفاض عليه الماء" تأكيداً على سهولة الفعل وعدم التكلف.
- وإن لم يكن جنباً (أي لم يجامع) توضأ وضوءاً كاملاً كوضوءه للصلاة.
- ثم يصلّي ركعتي سنة الفجر (الركعتان قبل الفريضة).
3. الدروس المستفادة منه:
● الاعتدال في العبادة: النبي ﷺ يجمع بين حقِّ الراحة الجسدية (النوم أول الليل) وحقِّ العبادة (إحياء آخر الليل)، ليكون قدوة في التوازن.
● الاهتمام بالطهارة: حرصه ﷺ على الطهارة الكاملة للصلاة، سواء بالغسل من الجنابة أو بالوضوء.
● الجدية والنشاط في الطاعة: وصف عائشة رضي الله عنها بأنه "وثب" عند الأذان يدل على همته العالية في القربى إلى الله.
● دقة الرواية: حرص الصحابة والتابعين على نقل الألفاظ بدقة كما سمعوها، كما في قول الأسود: "ولا والله ما قالت: قام" بل "وثب"، وهذا من أمانة النقل.
● سنة الركعتين قبل الفجر: الحديث دليل على مشروعية ركعتي سنة الفجر، وأنها تصلى بعد الطهارة وقبل صلاة الفجر.
4. معلومات إضافية مفيدة:
● الفرق بين النداء الأول والثاني: النداء الأول (أذان بلال) كان قبل الفجر للإيقاظ، والنداء الثاني (أذان ابن أم مكتوم) كان بعد طلوع الفجر لبدء الصلاة.
● حكم من أصبح جنباً: يجوز له تأخير الغسل إلى قبل صلاة الفجر، كما في فعل النبي ﷺ هنا، وهذا رأي جمهور العلماء.
● فضل سنة الفجر: هاتان الركعتان مما شدد النبي ﷺ في الحفاظ عليهما، وقال: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» (رواه مسلم).
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يحيون الليل بطاعته، ويقتدون بنبيه ﷺ في هديه وسمته.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه أحمد (٢٤٠٦) عن حسن بن موسى الأشيب، قال: حدَّثنا زهير به، وزاد في متن الحديث: «ثم نام قبل أن يمس ماءً».
فأنكر الحفاظ على أبي إسحاق؛ لأنه مُدلِّس، فلعله دلَّسه؛ لأن غيره لم يذكر هذه اللفظة، قال أحمد: إنه ليس بصحيح. وقال أبو داود: (٢٢٨) بعد أن روى عن محمد بن كثير، نا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ ينام وهو جنب من غير أن يمس ماءً. حدَّثنا الحسن بن علي الواسطي، قال سمعت يزيد بن هارون يقول: هذا الحديث وهم، يعني حديث أبي إسحاق. وقال الترمذي (١١٨): روي غير واحد عن الأسود، عن عائشة عن النبي ﷺ أنه كان يتوضأ قبل أن ينام. وهذا أصح من حديث أبي إسحاق، عن الأسود. وقد رَوي عن أبي إسحاق هذا الحديث شعبةُ وسفيانُ وغير واحد، ويَرون أن هذا غلط من أبي إسحاق.
وقال ابن رجب الحنبلي في: فتح الباري (١/ ٣٦٢): هذا الحديث مما اتفق أئمة الحديث من السلف على إنكاره على أبي إسحاق، منهم: إسماعيل بن خالد وشعبة ويزيد بن هارون وأحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة ومسلم بن الحجاج وأبو بكر الأثرم والجوزجاني والترمذي والدارقطني وغيرهم ... وأما الفقهاء المتأخرون فكثير منهم نظر إلى ثقة رجاله، فظن صحته، وهؤلاء يظنون أن كل حديث رواه ثقة فهو صحيح، ولا يتفطنون لدقائق علم علل الحديث».
وأما مسلم فإنه وإن كان أخرج من طريقه إلَّا أنه لم يذكر هذه اللفظة؛ فقال الحافظ في التلخيص (١/ ١٤٠، ١٤١): «كأنه حذفها عمدًا؛ لأنه عللها في كتاب التمييز».
إلَّا أنه انتقد ابن مفوز عندما ادّعى إجماع المحدثين على أنه خطأ من أبي إسحاق قائلًا: «تساهل في نقل الإجماع؛ فقد صحّحه البيهقي، وقال: إن أبا إسحاق قد بين سماعه من الأسود في رواية زهير عنه، وجمع بينهما ابن شريح على ما حكاه الحاكم عن أبي الوليد الفقيه عنه» انتهي.
وصورة الجمع التي ذكرها البيهقي عن ابن شريح: قولها: «لا يمس ماءً» أي: الغسل، وحديث عمر مفسرًا ذكر فيه الوضوء.
قال الأعظمي: ويمكن الجمع بينهما أيضًا بيان جواز الأمرين؛ لأن كلا الخبرين صحيح، كما قال الدارقطني. فالوضوء صحيح وهو أفضل، وتركه أيضًا صحيح؛ وقد نقل الترمذي بأن هذا قول سعيد بن المسيب وغيره.
والحق أنَّه لا تعارض بين الحديثين. فحديث أبي إسحاق قبل أن يمس ماءً«يحمل على الغسل، وإن حمل على ترك الوضوء فهو لبيان الجواز، والوضوء أفضل، وبهذا تبين أن الوضوء صحيح، وتركهـ صحيح، وأن الأمر على التخيير.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 85 من أصل 155 حديثاً له شرح
- 60 يدلك أصابعه بخنصره إذا توضأ
- 61 خلل بين أصابع يديك ورجليك عند الوضوء
- 62 إذا استيقظ أحدكم من منامه فليتوضأ فلينتثر ثلاثًا
- 63 استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثًا.
- 64 يعتدون في الطهور والدعاء
- 65 أسبغوا الوضوء؛ فإن أبا القاسم قال: ويل للأعقاب من النار
- 66 ارجع فأحسن وضوءك
- 67 ويلٌ للأعقاب من النار
- 68 ويل للأعقاب من النار
- 69 ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار
- 70 ويل للعراقيب من النار
- 71 أمرنا أن نسبغ الوضوء ولا نأكل الصدقة ولا ننزي الحمر...
- 72 توضأ وترك على قدمه مثل موضع الظفر، فقال له: ارجع...
- 73 أمر النبي ﷺ بإعادة الوضوء والصلاة لمن لم يغسل لمعة...
- 74 إسباغ الوضوء
- 75 إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة
- 76 إسباغ الوضوء في المكاره تغسل الخطايا
- 77 إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة...
- 78 يتوضأ عند كل صلاة ما لم يُحدث
- 79 النبي ﷺ صلّى المغرب ولم يتوضأ بعد الأكل
- 80 مسح النبي على الخفين يوم الفتح بوضوء واحد
- 81 من يتوضأ ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن...
- 82 إذا أراد الجنب أن يأكل أو ينام فليتوضأ
- 83 توضأ واغسل ذكرك ثم نم
- 84 يتوضأ ثم ينام من أصابته الجنابة
- 85 كان ينام أول الليل ويحيي آخره
- 86 إذا أتى أحدكم أهله ثم بدا له أن يعاود فليتوضأ...
- 87 الوضوء من لحم الإبل والصلاة في مباركها
- 88 توضؤوا من لحوم الإبل ولا تصلوا في مباركها
- 89 الوضوء مما مست النار
- 90 الوضوء من الطعام الذي مسته النار
- 91 توضؤوا مما مست النار
- 92 توضؤوا مما أنضجت النار
- 93 لم يتوضأ النبي ﷺ من أكل السويق
- 94 أكل كتف شاة وصلى ولم يتوضأ
- 95 احتزاز النبي من كتف شاة وصلاة بلا وضوء
- 96 أكل كتفًا ثم صلى ولم يتوضأ
- 97 كنت أشوي لرسول الله بطن شاة ثم صلى ولم يتوضأ
- 98 أكل ثم صلى ولم يتوضأ من فضل الطعام
- 99 أكل وشرب ثم صلى ولم يتوضأ
- 100 ترك الوضوء مما غيرت النار
- 101 ضِفتُ النبي ﷺ ذات ليلة فأمر بِجَنْبٍ فشُوِي
- 102 أكل كتفًا ثم صلى ولم يمس ماءً
- 103 أقيمت الصلاة فصلينا ولم نتوضأ
- 104 أكل كتف شاة فمضمض وغسل يديه وصلى
- 105 شرب النبي لبنا ثم مضمض بماء وقال إن له دسما
- 106 شرب لبنًا فلم يُمضمض ولم يتوضأ وصلى
- 107 أقيمت الصلاة والنبي يناجي رجلاً في جانب المسجد
- 108 ليس أحد من أهل الأرض ينتظر الصلاة غيركم
- 109 أعتم رسول الله بالعشاء حتى ناداه عمر: نام النساء والصبيان
معلومات عن حديث: كان ينام أول الليل ويحيي آخره
📜 حديث: كان ينام أول الليل ويحيي آخره
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كان ينام أول الليل ويحيي آخره
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كان ينام أول الليل ويحيي آخره
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كان ينام أول الليل ويحيي آخره
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








