حديث: إمامة الصبي ابن ست أو سبع سنين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إمامة الغلام المميز قبل أن يحتلم

عن عمرو بن سلمة قال: كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبانُ فنسألهم، ما للناس. ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسلَه، أوحى إليه، أو: أوحى الله بكذا، فكُنْتُ أحفظ ذلك الكلام، وكأنما يُقَرُّ في صدري، وكانت العرب تلوَّم بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوهُ وقومَه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبِيُّ صادقٌ، فلما كانت وقعةُ أهل الفتح، بادر كلُّ قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قَدِمَ قال: جئْتُكم والله! من عند النبي ﷺ حقًّا، فقال: «صَلُّوا صلاةَ كذا في حين كذا، وصَلُّوا كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاةُ فَلْيؤَذِّنْ أحدُكم، ولْيؤُمَّكُمْ أكثرُكم قُرْآنا»، فنظروا فلم يكن أحدٌ أكثر قرآنًا مني، لِمَا كنتُ أتلقَى من الركبان، فقدَّموني بينَ أيديهم، وأنا ابنُ ستٍ أو سبع سنين، وكانت عليّ بُردَةٌ، كنتُ إذا سجَدْتُ تقلّصتْ عني، فقالت امرأةٌ من الحي، ألا تُغطُّوا عنا اسْت قارئكم، فاشتروا فقطعوا لي قميصًا، فما فرِحْتُ بشيءٍ فَرحي بذلك القَمِيص.

صحيح: رواه البخاري في المغازي (٤٣٠٢) عن سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عمرو بن سلمة قال: قال لي أبو قِلابة: ألا تلقاه فتسأله؟ قال: فلقيتُه فسألتُه فقال: فذكر الحديث.

عن عمرو بن سلمة قال: كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبانُ فنسألهم، ما للناس. ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسلَه، أوحى إليه، أو: أوحى الله بكذا، فكُنْتُ أحفظ ذلك الكلام، وكأنما يُقَرُّ في صدري، وكانت العرب تلوَّم بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوهُ وقومَه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبِيُّ صادقٌ، فلما كانت وقعةُ أهل الفتح، بادر كلُّ قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قَدِمَ قال: جئْتُكم والله! من عند النبي ﷺ حقًّا، فقال: «صَلُّوا صلاةَ كذا في حين كذا، وصَلُّوا كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاةُ فَلْيؤَذِّنْ أحدُكم، ولْيؤُمَّكُمْ أكثرُكم قُرْآنا»، فنظروا فلم يكن أحدٌ أكثر قرآنًا مني، لِمَا كنتُ أتلقَى من الركبان، فقدَّموني بينَ أيديهم، وأنا ابنُ ستٍ أو سبع سنين، وكانت عليّ بُردَةٌ، كنتُ إذا سجَدْتُ تقلّصتْ عني، فقالت امرأةٌ من الحي، ألا تُغطُّوا عنا اسْت قارئكم، فاشتروا فقطعوا لي قميصًا، فما فرِحْتُ بشيءٍ فَرحي بذلك القَمِيص.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً بك، هذا حديث عظيم رواه البخاري في صحيحه، وفيه قصة إسلام عمرو بن سلمة الجرمي وأهل قومه، وهو مليء بالدروس والعبر. سأشرحه لك جزءاً جزءاً معتمداً على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● بِمَاءٍ مَمَرِّ النَّاسِ: مكان فيه ماء يمر به المسافرون ويتوقفون عنده.
● تَلُومُ بإسلامهم: تؤخر وتتأخر في إسلامهم، تتربص وتراقب.
● بَادَرَ: أسرع وأسبق.
● بَدَرَ أَبِي قَوْمِي: سبق أبي قومي إلى الإسلام.
● يُقَرُّ فِي صَدْرِي: يثبت ويستقر في قلبي ويطمئن له.
● تَقَلَّصَتْ عَنِّي: ارتفعت وانكشفت بسبب صغر سنه.
● اسْت قَارِئِكُمْ: مؤخرته (عورة الصبي) عندما يسجد.


ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل عمرو بن سلمة الجرمي -رضي الله عنه- عن قصة إسلامه وهو صغير. كان يعيش مع قومه عند مكان به ماء يمر به المسافرون، فكانوا كلما مر بهم ركب يسألونهم عن الأخبار، فيخبروهم عن النبي محمد ﷺ وأن الله أرسله ووحى إليه. فكان عمرو الصغير يحفظ ما يسمعه من قرآن وأخبار ويشعر بصدقه في قلبه.
كانت القبائل العربية تتربص وتتأخر في الدخول في الإسلام حتى يتحقق نصر النبي ﷺ، فإذا انتصر فهو نبي صادق. فلما كان عام الفتح (فتح مكة) وأظهر الله نبيه، أسرع كل قوم إلى إعلان إسلامهم، وكان أبوه من أوائل من أسلم في قومه.
ذهب أبوه إلى النبي ﷺ ثم عاد وأخبرهم أن النبي ﷺ أمرهم أن يقيموا الصلاة في أوقاتها، وأن يؤذن أحدهم للصلاة، وأن يتقدمهم أكثرهم حفظاً للقرآن. فبحث القوم عن أكثرهم حفظاً فلم يجدوا أحداً أكثر من عمرو الصغير بسبب ما كان يحفظه من الركبان، فتقدم ليصلي بهم إماماً وهو ابن ست أو سبع سنين. وكان يلبس بردة (رداء) صغيرة إذا سجد انكشفت عنه، فنبهتهم امرأة من القوم على ذلك، فاشتروا له قميصاً ففرح به فرحاً شديداً.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- قبول عمل الصغير وولايته: الحديث دليل على صحة إمامة الصبي المميز للبالغين، وهذا مذهب جمهور العلماء (الشافعية والحنابلة وبعض المالكية). شروط الإمامة هنا هي العلم بالقرآن والقدرة على أداء الصلاة، وليس السن.
2- فضل حفظ القرآن والعلم: تقدميه ﷺ للأكثر قرآناً يدل على فضل العلم وحفظ القرآن، وأنه معيار التفضيل في الإمامة، وليس السن أو النسب أو الغنى.
3- الفرح بنعمة الله ولو كانت صغيرة: فرحه الشديد بالقميص يدل على قناعة القلب وفرحه بما تيسر من اللباس الحلال الذي يستره في صلاته.
4- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فعل المرأة التي أنكرت انكشاف عورته يدل على وجوب الإنكار والتستر في الصلاة، وعلى أن هذا الأمر مشترك بين الرجال والنساء.
5- حسن الاستماع والتلقي للخير: حرصه وهو صغير على سماع أخبار النبي ﷺ وحفظ القرآن كان سبباً في نيله هذه الفضيلة.
6- بركة طاعة الوالدين واتباع السنة: إذعان القوم لأمر النبي ﷺ الذي جاءهم به الأب وطاعتهم له، كان سبباً في حصول الخير لهم.
7- علامات صدق النبي ﷺ: اعتراف العرب بأن انتصاره دليل على صدقه، وهو ما تحقق فعلاً بفتح مكة.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● الفتح المقصود: هو فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، وهو حدث عظيم أعز الله به الإسلام وأذل به الشرك.
● حكم إمامة الصبي: كما ذكرنا، جمهور العلماء على جوازها مع وجود الأفضل، خلافاً لأبي حنيفة الذي اشترط البلوغ.
● العبرة من القصة: أن الله يرفع الناس ويؤتيهم الفضل بحسب تقواهم وعلمهم، لا بحسب سنهم أو مكانتهم الدنيوية.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٣٠٢) عن سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عمرو بن سلمة قال: قال لي أبو قِلابة: ألا تلقاه فتسأله؟ قال: فلقيتُه فسألتُه فقال: فذكر الحديث.
قوله: قال لي أبو قِلابة - أي قال لأيوب الستخياني.
وقوله: فلقيته - أي أن أيوب لقي عمرو بن سلمة فسأله.
كذا جاء التصريح في سنن النسائي (٦٣٦) وسنن أبي داود (٥٨٥) عن حماد، عن أيوب، عن
عمرو بن سلمة قال: كنا بحاضِر .. وليس فيه ذكر لأبي قِلابة.
وفي رواية عنده من طريق عاصم الأحول، عن عمرو بن سلمة بهذا الخبر، قال: فكنتُ أؤمهم في بردة موصَّلةٍ فيها فتق، فكنتُ إذا سجدتُ خرجت اسْتِي.
قال الخطابي: وقد اختلف الناس في إمامة الصبي غير البالغ إذا عقل الصلاة، فممن أجاز ذلك الحسنُ وإسحاقُ بن راهويه، وقال الشافعي: يؤمُ الصبي غير المحتلم إذا عقل الصلاة إلّا في الجمعة. وكره الصلاةَ خلف الغلام قبل أن يحتلم عطاءُ والشعبي ومالك والثوري والأوزاعي. وإليه ذهب أصحاب الرأي، وكان أحمد بن حنبل يُضعف أمر عمرو بن سلمة، وقال مرة: دعه ليس بشيء بيّنٍ، وقال الزهري: إذا اضطروا إليه أمَّهم.
ثم قال الخطابي: «وفي جواز صلاة عمرو بن سلمة لقومه دليل على جواز المفترض خلف المتنفل، لأن صلاة الصبي نافلة».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 502 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إمامة الصبي ابن ست أو سبع سنين

  • 📜 حديث: إمامة الصبي ابن ست أو سبع سنين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إمامة الصبي ابن ست أو سبع سنين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إمامة الصبي ابن ست أو سبع سنين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إمامة الصبي ابن ست أو سبع سنين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب