التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن

حديث: التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن

عن عائشة أنها كانت إذا مات الميت من أهلها، فاجتمع لذلك النساء، ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها -أمرتْ ببرمةٍ من تلبينةٍ فطُبخت، ثم صُنع ثَريد، فصُبَّت التلبينةُ عليها، ثم قالت: كلن منها، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «التلبينة مُجِمَّة لفُؤاد المريض، تُذهب بعضَ الحزن».

متفق عليه: رواه البخاري في الأطعمة (٥٤١٧)، ومسلم في السلام (٢٢١٦) كلاهما من حديث الليث بن سعد، عن عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا مات الميت من أهلها، فاجتمع لذلك النساء، ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها -أمرتْ ببرمةٍ من تلبينةٍ فطُبخت، ثم صُنع ثَريد، فصُبَّت التلبينةُ عليها، ثم قالت: كلن منها، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «التلبينة مُجِمَّة لفُؤاد المريض، تُذهب بعضَ الحزن».
رواه البخاري ومسلم.

### أولاً. شرح المفردات
* فاجتمع لذلك النساء: أي تجمع النساء لتقديم العزاء ومواساة أهل الميت.
* أهلها وخاصتها: أقاربها المقربين وصديقاتها الخالصات.
* بِرْمَة: (بكسر الباء) إناءٌ كبيرٌ من حجر أو خزف يُطبخ فيه.
* التَّلْبِينَة: طعامٌ يُصنع من دقيق الشعير أو نخالته (قشوره)، ثم يُمزج باللبن أو بالماء والعسل. وسُميت بذلك لشبهها باللبن في بياضها ورقتها. وهي قريبة من "الشعيرية" لكنها أرق.
* ثَريد: طعام معروف، وهو خبز يُفتت ثم يُصَب عليه المرق.
* مُجِمَّة: (بكسر الميم وتشديد الجيم) من الإجمام، وهو الإراحة والسكون. أي أنها تريح الفؤاد (القلب) وتَسكُنه وتُزيل عنه الضيق والتعب.
* لفُؤاد المريض: الفؤاد هو القلب. والمريض هنا قد يكون المريض جسمانيًا، أو المريض قلبًا وحزنًا على فقيد.
* تُذهب بعض الحزن: تخفف من شدة الحزن والهم والغم.

### ثانيًا. شرح الحديث
يصف هذا الحديث فعل السيدة عائشة رضي الله عنها -وهي الحبيبة بنت الحبيب صلى الله عليه وسلم- وهي تترجم سنة نبوية إلى عمل عملي.
1- الموقف: بعد انتهاء مراسم العزاء وتفرق معظم الناس، تبقى مجموعة مقربة من أهل الميت وخاصتهم، وهم الأكثر تأثرًا وحزنًا.
2- الفعل: في هذا الوقت، حيث يشتد الحزن ويستولي الهم على القلوب، تأمر أم المؤمنين بتحضير طعام "التلبينة" وتقديمه للجلساء.
3- الحكمة: ليست التلبينة مجرد طعام لسد الجوع، بل هي "دواء" و"علاج" أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم. فهي:
* مُجِمَّةٌ لفُؤاد المريض: تريح القلب وتُسكن خفقانه وضيقَه الناتج عن المرض أو عن الصدمة والحزن. وهذا له أصل طبي، فالشعير يحتوي على عناصر مغذية ومهدئة.
* تُذهب بعض الحزن: لها أثر نفسي في تخفيف وطأة الحزن ورفع المعنويات. وهذا يتوافق مع نصوص أخرى تحث على مواساة أهل الميت وإطعامهم، لقوله تعالى: {وَطَعَامٌ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8]. فالإطعام فيه مواساة وتخفيف لألم المصاب.

### ثالثًا. الدروس المستفادة والفَوائد
1- الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم: في كل كبيرة وصغيرة، حتى في نوع الطعام الذي نقدمه للمحزون والمريض. فالسيدة عائشة رضي الله عنها لم تفعل هذا من تلقاء نفسها، بل تنفيذًا لسنة heardتها من رسول الله.
2- الرحمة والعطف على المصاب: من السنة المواساة بالفعل لا بالقول فقط، ومن ذلك إطعام أهل الميت وتقديم ما يخفف عنهم ويريحهم.
3- التلبينة دواء نَبوي: فيه إشارة إلى التداوي بما هو طبيعي ونافع، وقد أثبت العلم الحديث فوائد الشعير الكثيرة في تهدئة الجهاز الهضمي والعصبي وتغذية الجسم.
4- الجمع بين العبادة والعادة: تقديم الطعام للمصاب عادة كريمة، ولكن عندما نقصد بها المواساة واتباع السنة، تتحول إلى عبادة يؤجر عليها المسلم.
5- حكمة التشريع: أن الإسلام لم يترك شيئًا إلا ووجهنا إليه الوجهة الصحيحة، حتى في التعامل مع الحزن وعلاج القلوب المنكسرة.

### رابعًا. معلومات إضافية مفيدة
* يستحب للمسلم أن يحرص على إطعام أهل الميت ومواساتهم، اقتداءً بهذا الفعل.
* التلبينة من الأطعمة المفيدة صحياً وهي سهلة الهضم، مما يجعلها مناسبة للمحزون والمريض الذي قد يفقد شهيته للطعام.
* هذا الحديث من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر عن حقيقة طبية لم تكن معروفة بدقة في زمنه، وهي الأثر المهدئ للتلبينة على القلب والنفس.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأطعمة (٥٤١٧)، ومسلم في السلام (٢٢١٦) كلاهما من حديث الليث بن سعد، عن عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة فذكرته.
والتلبينة: هي حساء دقيق أو نُخالة، قالوا: وربما جعل فيها عسل، قال الهروي وغيره: سميت تلبينة تشبيهًا باللبن لبياضها ورقّتها.
ومُجِمَّة: بضم الميم وكسر الجيم - أي تريح الفؤاد، وتزيل عنه الهم، وتنشطه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 232 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن

📜 حديث: التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية