أرأيت لو كان عليه دين فقضيته أكان مجزئًا

حديث: أرأيت لو كان عليه دين فقضيته أكان مجزئًا

عن عبد الله بن عباس: أَنَّ رَجُلا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ أَنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْحَجُّ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لا يَثْبُتُ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَإِنْ شَدَدْتُهُ خَشِيتُ أَنْ يَمُوتَ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ أَكَانَ مُجْزِئًا؟». قَال: نَعَمْ، قَال: «فَحُجَّ عَنْ أَبِيكَ».

صحيح: رواه النسائيّ (٢٦٤٠، ٥٣٩٣) عن مجاهد بن موسى، عن هُشيم، عن يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عباس، قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الحديث الشريف:
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: "أن أبي أدركه الحج، وهو شيخ كبير لا يثبت على راحلته، فإن شددته خشيت أن يموت، أفأحج عنه؟" قال: "أرأيت لو كان عليه دين فقضيته، أكان مُجْزِئًا؟" قال: نعم، قال: "فحج عن أبيك".
١. شرح المفردات:
● أَدْرَكَهُ الْحَجُّ: وجب عليه الحج لاستكمال شروط وجوبه (الإسلام، البلوغ، العقل، الحرية، الاستطاعة) لكنه عجز عن أدائه.
● شَيْخٌ كَبِيرٌ: رجل طاعن في السن.
● لا يَثْبُتُ عَلَى رَاحِلَتِهِ: لا يستطيع الثبات على وسيلة الركوب (دابة أو سيارة) بسبب الضعف.
● خَشِيتُ أَنْ يَمُوتَ: خفت أن يتسبب الشد والإجهاد في موته.
● دَيْنٌ: مال مستحق عليه للغير.
● مُجْزِئًا: كافياً وساقطاً به الحق.
٢. شرح الحديث:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه في حالة والده الذي وجب عليه الحج لكنه عجز عن أدائه شخصياً بسبب كبر سنه وضعفه الشديد، حتى إن محاولة تثبيته على الراحلة (الدابة) قد تودي بحياته. فسأل النبي: هل يجوز له أن يحج نيابة عن أبيه؟
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم برد بليغ يعتمد على القياس والتقريب للمعنى، وهو أسلوب حكيم في التعليم. قاس الحج عن الغير على قضاء الدين، فقال: (أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته عنه، هل كان ذلك يُسقط الدين ويبرئ ذمته؟) فأجاب الرجل بالإيجاب، فقال له النبي: (فكذلك الحج، فحج عنه).
٣. الدروس المستفادة:
● جواز النيابة في الحج: الحديث أصل في جواز الحج عن الغير، سواء كان حج فرض أو نذر، لمن عجز عنه لعذر شرعي كمرض أو كبر سن أو موت.
● بر الوالدين: من أعظم البر الإحسان إليهما بعد موتهما، ومن ذلك قضاء ما عليهما من فرائض أو نوذور.
● حكمة النبي في التعليم: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب القياس والتقريب ليفهم السائل الحكم، وهو منهج تربوي رائع.
● الحج فريضة مالية وبدنية: شبهه النبي بقضاء الدين ليبين أنه حق لله يجب أداؤه، ويجوز للغير القيام به عند العجز.
● التيسير ورفع الحرج: من رحمة الإسلام أن شرع النيابة في العبادات البدنية عند العجز، تخفيفاً على العباد.
٤. معلومات إضافية:
- هذا الحديث متفق عليه (أخرجه البخاري ومسلم)، وهو من الأحاديث التي تُستدل بها على مشروعية النيابة في الحج.
- يشترط للنيابة في الحج أن يكون النائب قد حج عن نفسه أولاً، كما في حديث ابن عباس الآخر: "أيما رجل حج عن آخر، فلابد أن يكون قد حج عن نفسه".
- العجز الذي يجيز النيابة قد يكون بدنياً (كمرض لا يرجى برؤه، أو كبر سن) أو يكون بعد الموت (إذا أوصى بالحج عنه).
- يجب على النائب أن يتحرى الإتقان في أداء المناسك، لأنها أمانة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائيّ (٢٦٤٠، ٥٣٩٣) عن مجاهد بن موسى، عن هُشيم، عن يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عباس، قال: فذكره.
ورواه أيضًا الإمام أحمد (١٨١٢) عن هشيم، بإسناده إلا أنه قال: عن ابن عباس أو الفضل بن عباس، فذكره.
لأنه وقع الخلاف على يحيى بن أبي إسحاق فروى هكذا كما مرّ، ورواه أيضًا عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس هكذا.
ورواه شعبة، عن يحيى بن أبي إسحاق، قال: سمعت سليمان بن يسار، حدّثنا الفضل، قال: «كنت رديف رسول الله ﷺ فسأله رجل، فقال: إنّ أبي -أو أمي- شيخ كبير، لا يستطيع الحج» فذكر الحج. رواه الإمام أحمد (١٨١٣) من طريقه.
ورواه النسائيّ من طريقين: من طريقه (٥٣٩٥)، ومن طريق محمد (هو ابن سيرين) (٢٦٤٣، ٥٣٩٤) كلاهما عن يحيى بن أبي إسحاق.
قال النسائي: «سليمان لم يسمع من الفضل بن العباس».
قال الأعظمي: وهو كما قال؛ لأنّ الفضل بن العباس توفي سنة (١٨ هـ) في طاعون عمواس، وسليمان ابن يسار ولد في خلافة عثمان، فالصحيح أن بينهما واسطة، وهو ابن عباس.
فمرة يروي ابن عباس عن الفضل، وأخرى بدونه.
قال الترمذيّ (٣/ ٢٥٩): سألت محمدًا عن هذه الرّوايات فقال: «أصحّ شيء في هذا الباب ما رُوي عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس، عن النبيّ ﷺ. وقال: ويحتمل أن يكون ابن عباس سمعه من الفضل وغيره عن النبيّ ﷺ، ثم روى هذا عن النبيّ ﷺ وأرسله. ولم يذكر الذي سمعه منه».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 56 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أرأيت لو كان عليه دين فقضيته أكان مجزئًا

📜 حديث: أرأيت لو كان عليه دين فقضيته أكان مجزئًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أرأيت لو كان عليه دين فقضيته أكان مجزئًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أرأيت لو كان عليه دين فقضيته أكان مجزئًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أرأيت لو كان عليه دين فقضيته أكان مجزئًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية