مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ

حديث: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ

عن ابن عبّاس، قال: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَنْ أَرادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٥٢٦)، ومسلم في الحج (١١٨١: ١١) كلاهما من طريق حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، ولفظهما سواء.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فحديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي سألت عنه هو حديث عظيم، أصل من أصول مناسك الحج والعمرة، وقد رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

شرح المفردات:

● وَقَّتَ: أي حدد وبيّن.
● ذَا الْحُلَيْفَةِ: مكان معروف جنوب المدينة المنورة، وهو ميقات أهل المدينة ويسمى اليوم "أبيار علي".
● الْجُحْفَةَ: قرية بين المدينة ومكة، وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب ومن جاء من جهتهم، وقد خربت فأصبح الناس يحرمون من رابغ القريبة منها.
● قَرْنَ الْمَنَازِلِ: جبل معروف شرق مكة، وهو ميقات أهل نجد والطائف ومن جاء من جهتهم، ويسمى اليوم "السيل الكبير".
● يَلَمْلَمَ: جبل جنوب مكة، وهو ميقات أهل اليمن والهند ومن جاء من جهتهم.
● مُهَلُّهُ: مكان إهلاله ودخوله في النسك.
● يُهِلُّونَ: يحرمون بالحج أو العمرة.

شرح الحديث:

بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المواقيت المكانية للإحرام بالحج والعمرة، وهي أماكن حددها الشارع الحكيم لا يجوز لمن مر بها أو جاء من جهتهم تجاوزها بدون إحرام إذا كان قاصداً الحج أو العمرة.
فجعل لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم. ثم بين صلى الله عليه وسلم أن هذه المواقيت ليست خاصة بأهل تلك البلاد فقط، بل هي لكل من مر بها من غير أهلها ممن أراد الحج أو العمرة.
ثم بين صلى الله عليه وسلم حكم من كان سكنه دون هذه المواقيت (أي بينها وبين مكة) فإنه يحرم من مكانه الذي هو فيه، حتى أهل مكة أنفسهم فإنهم يحرمون بالحج أو العمرة من مكة.

الدروس المستفادة منه:

1- بيان رحمة الله تعالى وتيسيره على عباده: حيث حدد هذه المواقيت ليكون الإحرام منها سهلاً ميسراً، فلا يكلف الإنسان أكثر من طاقته.
2- التنظيم والترتيب في العبادات: فالإسلام دين نظام، وقد نظم الله تعالى شعائره بما يحقق المصالح ويراعي الظروف.
3- مراعاة أحوال الناس: حيث راعى النبي صلى الله عليه وسلم اختلاف جهات القادمين إلى مكة، فجعل لكل جهة ميقاتاً مناسباً.
4- أن الإحرام من الميقات واجب: ومن تركه يجب عليه دم (ذبح شاة) كما ذهب إلى ذلك جمهور العلماء.
5- أن من كان داخل المواقيت (أي بين الميقات ومكة) فإنه يحرم من مكانه: وهذا تيسير عظيم على الناس.

معلومات إضافية مفيدة:

- هذه المواقيت التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
- من مرّ بأحد هذه المواقيت وهو لا يريد حجاً ولا عمرة، ثم بدا له أن يحج أو يعتمر بعد تجاوز الميقات، فإنه يحرم من مكانه ولا يلزمه العودة إلى الميقات.
- من مرّ بالميقات ولم يحرم ثم أحرم بعد تجاوزه، فعليه دم عند جمهور العلماء لتركه الواجب.
- أهل مكة يحرمون للعمرة من الحل (خارج الحرم) كالتنعيم أو الجعرانة، أما للحج فيجوز لهم الإحرام من مكة.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال، وأن يبلغنا حج بيته الحرام، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحج (١٥٢٦)، ومسلم في الحج (١١٨١: ١١) كلاهما من طريق حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، ولفظهما سواء.
رواه البخاريّ أيضًا (١٥٣٠)، ومسلم (١١٨١: ١٢) من طريق وُهيب، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، به، نحوه.
وقوله: «ممن أراد الحجّ والعمرة» فيه بيان أن الإحرام من هذه المواقيت إنما يجب على من كان مروره بها قاصدًا حجًّا أو عمرة دون من لم يرد شيئًا منهما.
فلو أنّ مدنيًّا مرّ بذي الحليفة وهو لا يريد حجًا ولا عمرة فسار حتى قرب من الحرم، فأراد الحج أو العمرة، فإنه يحرم من حيث حضرته النية ولا يجب عليه دم كما يجب على من خرج من بيته يريد الحجّ أو العمرة فطوى الميقات وأحرم بعد ما جاوزه. أفاده الخطابي.
قوله: «فمن كان دونهن فمهله من أهله» أي ميقاته منزله وبيته ولا يجاوزه من غير إحرام إنْ أراد الحج والعمرة، وأما أهل مكة فإن أرادوا الحج فيهل من بيته، وإن أراد العمرة فيخرج إلى الحل، ويحرم منه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 67 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ

📜 حديث: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية