مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ

حديث: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ

عن أَبي الزُّبَير أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ﵄ يُسْأَلُ عَنِ المُهَلِّ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ -أَحْسَبُهُ رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ- فَقَالَ: «مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَالطَّرِيقُ الآخَرُ الْجُحْفَةُ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ».

صحيح: رواه مسلم (١١٨٣) من طرق عن محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، به، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فأقدم لكم شرحًا لهذا الحديث النبوي الشريف الذي يبين مواقيت الإحرام المكانية لأهل الإسلام، معتمدًا على كبار شروح الحديث المعتمدة عند أهل السنة والجماعة.
### أولاً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (1526)، ومسلم في صحيحه (1181)، عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يُسأل عن المهل، فقال: سمعت -أحسبه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم- فقال: «مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة، ومهل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلملم».
### ثانيًا. شرح المفردات
● المُهَلِّ: بكسر الميم وفتح الهاء، وهو مَوَاقِتُ الإِحْرَامِ المكانية، أي الأماكن التي يُحْرِمُ منها الحجاج والمعتمرون.
● ذِي الْحُلَيْفَةِ: موضع معروف على بعد 7 كم من المدينة المنورة، وهو أبعد المواقيت عن مكة، ويعرف اليوم بـ "أبيار علي".
● الْجُحْفَةِ: قرية بين مكة والمدينة، كانت ميقاتًا لأهل الشام ومصر والمغرب، وقد اندثرت الآن، ويُحرم الناس من رابغ التي قريبًا منها.
● ذَاتِ عِرْقٍ: ميقات أهل العراق ومن عبر معهم، ويعرف اليوم بـ "الضريبة".
● قَرْنٍ: جبل معروف، وهو ميقات أهل نجد والطائف، ويعرف اليوم بـ "السيل الكبير" أو "قرن المنازل".
● يَلَمْلَمَ: جبل أو مكان جنوب مكة، وهو ميقات أهل اليمن والهند وغيرهم، ويعرف اليوم بـ "السعدية".
### ثالثًا. شرح الحديث
يبيّن هذا الحديث العظيم منزلة الشريعة الإسلامية السمحة، التي تراعي أحوال الناس وتيسر عليهم، فجعلت مواقيت للإحرام بحسب اتجاهات القادمين إلى مكة، حتى لا يضطروا إلى تجاوزها أو يشق عليهم الوصول إليها.
فقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم أماكن معينة ينوي عندها الحاج أو المعتمر الدخول في النسك، ويُحرم منها، بحسب البلد الذي يأتي منه:
1- أهل المدينة: ميقاتهم ذي الحليفة.
2- أهل الشام ومصر والمغرب (الطريق الآخر): ميقاتهم الجحفة.
3- أهل العراق: ميقاتهم ذات عرق.
4- أهل نجد: ميقاتهم قرن المنازل.
5- أهل اليمن: ميقاتهم يلملم.
وهذه المواقيت هي لأهل تلك البلاد ولمن مر بها من غيرهم، فمن مر بها وهو يريد الحج أو العمرة وجب عليه أن يحرم منها، ولا يتجاوزها بدون إحرام.
### رابعًا. الدروس المستفادة والعبر
1- يُسْر الشريعة الإسلامية ومراعاتها لأحوال الناس: فجعلت المواقيت في أماكن مناسبة على الطرقات leading إلى مكة، تيسيرًا على المسافرين ورفعًا للحرج عنهم.
2- التنظيم والإحكام: في تشريعات الإسلام، مما يدل على كمال هذه الشريعة وشمولها.
3- الاهتمام بحدود الله ومراعاة أحكامه: فمن تجاوز الميقات بدون إحرام وهو يريد الحج أو العمرة، وجب عليه الرجوع إليه للإحرام، أو عليه فدية.
4- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب: فالحديث وإن كان جوابًا عن سؤال، إلا أن أحكامه عامة لكل من يريد الحج أو العمرة.
### خامسًا. أحكام فقهية متعلقة بالحديث
- من كان داخل المواقيت أو في مكة نفسها فأهل مكة يحرمون منها للحج، أما للعمرة فيجب عليهم الخروج إلى الحل، كالتنعيم أو غيره.
- من مرّ بأكثر من ميقات، فإنه يحرم من أول ميقات يمر به.
- من تجاوز الميقات بدون إحرام وهو يريد النسك، فإنه must يرجع إليه ليحرم منه، فإن أحرم من بعده وجب عليه دم (ذبح شاة) يوزع على فقراء الحرم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم (١١٨٣) من طرق عن محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، به، فذكره.
هكذا رواه ابن جريج على الشّك، وبناء عليه ضعّفه النووي في «المجموع» (٧/ ١٩٤) وذكر أن ابن ماجه (٢٩١٥) رواه من طريق إبراهيم بن يزيد الخوري -بضم المعجمة- باسناده عن جابر مرفوعًا بغير شكّ. لكن الخوزيّ ضعيف لا يحتجّ بروايته.
ورواه الإمام أحمد (٦٦٩٧) عن جابر، عن النبيّ ﷺ بلا شك أيضًا، لكن من رواية الحجاج ابن أرطاة وهو ضعيف, انتهى.
وفاتته طريق ثالثة وهي ما رواه البيهقي (٥/ ٢٧) بإسناد حسن من طريق ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ومهلّ العراق من ذات عرق». ورواية عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة مستقيمة.
ورواه الإمام أحمد (١٤٦١٥) عن حسن، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا أبو الزبير، قال: سألت جابرًا عن المهلّ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ومهل أهل الطريق الأخرى من الجحفة، ومهل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلملم».
وفاتته أيضًا طريق رابعة، وهي ما أشار إليها البيهقيّ عن ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزبير إلّا أنّ البيهقيّ قال: «والصحيح رواية ابن جريج» انتهى.
وترجيح البيهقيّ رواية ابن جريج المشكوك في رفعها من دون اعتبار من لم يشك في رفعه فيه نظر، وخاصة رواية ابن لهيعة التي عن أحد العبادلة عنه.
وقد قال كثير من أهل العلم: إذا روى عنه أحد العبادلة وهم: ابن المبارك، وابن وهب، والمقرئ فهو صحيح. ذكره عبد الغني بن سعيد الأزديّ، والسّاجي وغيرهما.
ومتابعة حسن وهو ابن موسى الأشيب لابن وهب يقوّي أن ابن لهيعة لم يخطئ فيه ولم يختلط.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 68 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ

📜 حديث: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية