حديث: هذا وجه مبارك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من قال: إنّ النبيّ ﷺ وقّت لأهل العراق ذات عرق

عن الحارث بن عمرو السّهميّ، قال: «أَتَيْتُ رَسُول الله ﷺ وَهُوَ بِمِنًى أَوْ بِعَرَفَاتٍ وَقَدْ أَطَافَ بِهِ النَّاسُ قَالَ فَتَجِيءُ الأَعْرَابُ فَإِذَا رَأَوْا وَجْهَهُ قَالُوا: هَذَا وَجْهٌ مُبَارَكٌ. قَال: وَوَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ لأَهْلِ الْعِرَاقِ».

حسن: رواه أبو داود (١٧٤٢) عن أبي معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا عتبة بن عبد الملك السّهميّ، حدثني زرارة بن كُريم، أن الحارث بن عمرو السهمي حدّثه فذكره.

عن الحارث بن عمرو السّهميّ، قال: «أَتَيْتُ رَسُول الله ﷺ وَهُوَ بِمِنًى أَوْ بِعَرَفَاتٍ وَقَدْ أَطَافَ بِهِ النَّاسُ قَالَ فَتَجِيءُ الأَعْرَابُ فَإِذَا رَأَوْا وَجْهَهُ قَالُوا: هَذَا وَجْهٌ مُبَارَكٌ. قَال: وَوَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ لأَهْلِ الْعِرَاقِ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والنسائي في سننهما، وهو حديث صحيح. وهو يتناول جانبين مهمين: جانباً يتعلق بصفة النبي ﷺ، وجانباً فقهياً يتعلق بمناسك الحج.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● أَطَافَ بِهِ النَّاسُ: أي اجتمعوا حوله وحاصروه ينتظرون ما يقول ويأمر.
● الأَعْرَابُ: هم سكان البادية من العرب، المعروفون بصدقهم وفطرتهم السليمة غير الملوثة.
● وَجْهٌ مُبَارَكٌ: أي وجه كثير الخير والبركة، تُرى عليه علامات النور والصلاح.
● وَوَقَّتَ: أي عيّن وجعل مكاناً أو زماناً محدداً.
● ذَاتَ عِرْقٍ: اسم لميقات مكاني، وهو ميقات أهل العراق ومن يمر به من غير أهل الحرم.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبر الصحابي الجليل الحارث بن عمرو السهمي رضي الله عنه أنه أتى رسول الله ﷺ وهو في منى أو عرفات أثناء موسم الحج، وقد احتدم الناس حوله يلتمسون علمه وهديه.
وفي هذا الجو، كان يأتي الأعراب - وهم أهل البادية - الذين لم يعتادوا رؤيته ﷺ كثيراً. فما إن تطالع أعينهم وجهه الكريم حتى تنطلق ألسنتهم من فورها، معبرة عن انطباع فطرتهم النقية، فتقول: "هذا وجه مبارك". لقد رأوا في محياه النور والوقار، والهيبة والسماحة، ما جعلهم يدركون بسليقتهم أنه وجهٌ تحل عليه البركة والخير.
ثم ينتقل الحديث إلى حكم فقهي مهم، حيث إن رسول الله ﷺ جعل "ذات عرق" ميقاتاً إحرام لأهل العراق ولمن يمر به من المسافرين للحج أو العمرة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة النبي ﷺ وبركة وجهه: إن انطباع الأعراب الفطري دليل على ما كان عليه النبي ﷺ من Marks of النور والبهاء في وجهه، حتى كان يُعرف بين الناس بهيئته قبل أن يعرفوه بنسبه. وهذا النور والبركة هي من علامات نبوته ﷺ.
2- صدق الفطرة السليمة: الأعراب، رغم بداوتهم، كانت فطرتهم سليمة لم تشبها شوائب الحضارة المزيفة، فانعكس ذلك على حكمهم الصائب. وهذا يدعونا إلى التحلي بالصفاء الفطري والبعد عن التعقيد.
3- اهتمام الإسلام بالتنظيم والتيسير: تحديد مواقيت الإحرام لأهل كل جهة دليل على سماحة الإسلام وحرصه على تنظيم شؤون الناس وتيسير أداء عبادتهم، ورفع الحرج عنهم.
4- الجمع بين العبادة والأخلاق: الموقف يجمع بين مشهد العبادة (في منى أو عرفات) ومشهد الأدب مع النبي ﷺ وإجلاله، مما يدل على أن الدين كله خلق وعبادة.

رابعاً. معلومات إضافية:


● ذات عرق: يسمى الآن "الضريبة"، وهو يبعد عن مكة حوالي 100 كم تقريباً towards الشمال الشرقي. وهو أحد المواقيت الخمسة المعروفة (ذو الحليفة، الجحفة، قرن المنازل، يلملم، ذات عرق).
● ثبوت رؤية البركة في الوجه: هذا من إلهام الله تعالى للقلوب الصافية، وهو أمر معروف حتى عند غير المسلمين، حيث ينجذبون إلى أصحاب الوجوه المشرقة بالنور والطمأنينة.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا حب نبيه ﷺ واتباع سنته، وأن ينفعنا بما علمنا.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٧٤٢) عن أبي معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا عتبة بن عبد الملك السّهميّ، حدثني زرارة بن كُريم، أن الحارث بن عمرو السهمي حدّثه فذكره.
ورواه الدارقطني (٢٥٠٢)، والبيهقي (٥/ ٢٨) كلاهما من حديث أبي معمر عبد الله بن عمرو، فذكرا مثله. وزاد البيهقي بعد قوله: «ذات عرق لأهل العراق» «ولأهل المشرق».
وقال البيهقي: وإلى هذا ذهب عروة بن الزبير فيما رواه هشام بن عروة عنه قال: إن رسول الله ﷺ وقّت لأهل المشرق ذات عرق.
قال الأعظمي: إنه مرسل جيد.
وحديث الحارث بن عمرو حسن من أجل زرارة بن كريم بن الحارث بن عمرو السهميّ قالوا: له رؤية. ولكن ذكره ابن حبان في «الثقات» (٤/ ٢٦٧) في ثقات التابعين.
وقول البيهقي في «المعرفة» (٧/ ٩٦): «وفي إسناده من هو غير معروف» الصواب أنهم معروفون.
وفي الباب أحاديث أخرى ذكرها الزيلعيّ في نصب الراية (٣/ ١٤) إلا أنها معلولة كلها.
وأما ما رُوي عن ابن عباس: «أنّ النبيّ ﷺ وقّت لأهل المشرق العقيق» فإسناده ضعيف.
رواه أبو داود (١٧٤٠)، والترمذيّ (٨٣٢) كلاهما من حديث وكيع، عن سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن ابن عباس، فذكره. ومن هذا الوجه رواه أيضًا الإمام أحمد (٣٢٠٥). قال الترمذي: حسن.
قال الأعظمي: ليس هو بحسن، بل هو ضعيف لسببين:
السبب الأول: أن فيه يزيد بن أبي زياد فإنه ضعيف باتفاق أهل العلم.
قال النووي في «المجموع» (٧/ ١٩٥) رادًا على تحسين الترمذي: «هو ضعيف باتفاق المحدثين».
وقد ضعّفه قبله المنذري، وقال البيهقي في «المعرفة» (٣/ ٥٣٣): تفرّد به يزيد بن أبي زياد.
والسبب الثاني: أن فيه انقطاعًا فإن محمد بن علي لم يسمع من جده ابن عباس، وإنما الصحيح أنه يروي عن أبيه، عن جدّه.
قال ابن القطان في كتابه «بيان الوهم والإيهام»: «هذا حديث أخاف أن يكون منقطعًا؛ فإن
محمد بن علي بن عبد الله بن عباس إنما عهد يروي عن أبيه عن جده ابن عباس كما جاء ذلك في صحيح مسلم - في صلاته ﷺ من الليل».
وقال مسلم في كتاب (التمييز): «لا نعلم له سماعًا من جده ولا أنه لقيه». ولم يذكر البخاريّ ولا ابن أبي حاتم أنه يروي عن جدّه، وذكر أنه يروي عن أبيه» انتهى. انظر: «نصب الراية» (٣/ ١٤).
ولم يخرج هذا الحديث الشافعيّ في «الأم» إلا أنه نفي أن يكون النبي ﷺ وقت لأهل المشرق ذات عرق، وقال: أخبرنا الثقة عن أيوب، عن ابن سيرين أن عمر بن الخطاب وقّت ذات عرق لأهل المشرق. وقال: وهذا عن عمر بن الخطاب مرسلًا. وذات عرق شبيه بقرن في القرب بيلملم. ولو أهلوا من العقيق كان أحب إليّ. «الأم» (٢/ ١٣٨).
فالظاهر من قوله هذا أنه لم يبلغه إليه توقيت عمر بن الخطاب إلا مرسلًا؛ فلذا لم يقل به، ولو جاءه موصولًا كان أحرص الناس للأخذ به، وبالله التوفيق.
قال البيهقي في الصغرى (١٤٩٧): «وبين العقيق وذات عرق يسير، وقد استحب الشافعي للإحرام منه».
ونقل النووي في «المجموع» (٧/ ١٩٧ - ١٩٨) فقال الشافعي في المختصر والمصنف، وسائر الأصحاب ولو أحرم أهل الشرق من العقيق كان أفضل، وهو واد وراء ذات عرق مما يلي المشرق.
وقال أصحابنا: والاعتماد في ذلك ما في العقيق من الاحتياط. قيل: وفيه سلامة من التباس وقع في ذات عرق؛ لأنّ ذات عرق قرية خربت وحول بناؤها إلى جهة مكة، فالاحتياط الإحرام قبل موضع بنائها الآن. قالوا: ويجب على من أتي من جهة العراق أن يتحرى ويطلب آثار القرية العتيقة ويُحرم حيث ينتهي إليها.
قال الشافعي: «ومن علاماتها المقابر القديمة، فإذا انتهى إليها أحرم. واستأنس المصنف والأصحاب في ذلك ما ذكرناه من الاحتياط بحديث توقيت العقيق السابق والله أعلم».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 71 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: هذا وجه مبارك

  • 📜 حديث: هذا وجه مبارك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: هذا وجه مبارك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: هذا وجه مبارك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: هذا وجه مبارك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب