مطل الغني ظلم

حديث: مطل الغني ظلم

عن أبي هريرة أن رسول اللَّه ﷺ قال: «مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع».

متفق عليه: رواه مالك في البيوع (٨٤) عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة به.

عن أبي هريرة أن رسول اللَّه ﷺ قال: «مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يتعلق بآداب المعاملات المالية والوفاء بالديون، وهو من رواية الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، وقد أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● مَطْلُ: هو التأخير والمماطلة في أداء الحق الواجب مع القدرة على أدائه.
● الغَنِيُّ: هو الشخص القادر على السداد، الذي يملك المال الذي يستطيع به وفاء دينه.
● ظُلْمٌ: هو وضع الشيء في غير موضعه، وهو مجاوزة الحد والتعدي على حقوق الآخرين.
● أُتْبِعَ: أي وُجِّه إليه طلب الحصول على حقه أو طُلِب منه السداد.
● مَلِيءٌ: هو الشخص السوي الكافي، الذي يكون غنياً قادراً على الوفاء، وثقة في أداء ما عليه.

ثانياً. شرح الحديث:

ينقسم هذا الحديث الشريف إلى جزأين، لكل منهما معنى عظيم:
الجزء الأول: "مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْم"
هذا تأكيد من النبي صلى الله عليه وسلم على أن تأخير الغني القادر للسداد عن أداء دينه هو من الظلم المحرم. فليس من العدل أن يتملك الشخص مالاً يمكنه به سداد دينه، ومع ذلك يماطل ويتأخر في أداء الحق لصاحبه. وهذا الظلم له أوجه متعددة:
- ظلم للدائن بحرمانه من حقه الذي يحتاجه.
- ظلم للنفس بارتكاب إثم المماطلة.
- ظلم للمجتمع بإضعاف الثقة بين الناس وتعطيل مصالحهم.
الجزء الثاني: "وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَع"
هذا توجيه نبوي كريم للدائن الذي له حق عند غني قادر على السداد. والمعنى: إذا طلب منك صاحب الحق (الدائن) أن ترافقه أو تساعده في المطالبة بحقه من شخص غني قادر على السداد (مليء)، فاستجب لطلبه وساعده في取حقّه. وهذا من التعاون على البر والتقوى، وإغاثة الملهوف، وإعانة المسلم على أخيه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- تحريم مماطلة الغني في السداد: وهذا من كبائر الذنوب، لأنها اعتداء على حق المسلم.
2- التأكيد على أهمية الوفاء بالديون: فالديون لها أهمية عظيمة في الإسلام، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من المأثم والمغرم (أي الدين).
3- الحث على التعاون في استيفاء الحقوق: فمساعدة الدائن في取حقه من الغني القادر من التعاون على البر والتقوى.
4- مراعاة حال المدين: فالحديث خصص الظلم بالمماطلة من الغني، أما المعسر الذي لا يقدر على السداد فله حكم آخر، قال تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ}.
5- بناء مجتمع قائم على الثقة والعدل: حيث يأخذ كل ذي حق حقه، دون ظلم أو مماطلة.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث يدخل في باب "إعانة المظلوم" فإن الدائن الذي لم يقبض حقه من غني مماطل يعتبر مظلوماً.
- من صور إتباع المليء: مرافقة الدائن إلى القاضي، أو الشهادة له، أو السعي في الصلح بينهما.
- المماطلة من الأخلاق الذميمة التي نهى عنها الإسلام، وهي من علامات نفاق العمل كما في الحديث: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ".
- على الدائن أن يتحلى بالرفق واللين في المطالبة، وعلى المدين أن يتحلى بالأمانة والمسارعة في السداد.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على أداء حقوقه وحقوق عباده، وأن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في البيوع (٨٤) عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة به. ورواه البخاري في الحوالة (٢٢٨٧)، ومسلم في المساقاة (١٥١٤) كلاهما من طريق مالك به مثله.
قوله: «مطل الغني» أصل المطل المد، يقال: مطلت الحديدة إذا مددتها لتطول. والمراد تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر.
ومعناه إذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع، فقال بعض أهل العلم: إذا أحيل الرجل على مليء، فاحتاله، فقد برئ المحيل، وليس له أن يرجع على المحيل، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق. ذكره الترمذيّ (١٣٠٨).
قال الأعظمي: وهو الذي يدل عليه الحديث. ولأهل العلم أقوال أخرى ذكرها الترمذيّ.
أما ما روي عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «مطل الغني ظلم، وإن أحلت على مليء فاتبعه، ولا تبع بيعتين في بيعة» ففيه انقطاع.
رواه الترمذيّ (١٣٠٩)، وابن ماجه (٢٤٠٤)، وأحمد (٥٣٩٥)، والطحاوي في مشكله (٢٧٥٤)، وابن الجارود (٥٩٩) كلّهم من طرق عن هشيم بن بشير، حدّثنا يونس بن عبيد، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
ويونس بن عبيد لم يسمع من نافع أول الحديث، كما صرح به ابن معين.
انظر تخريجه في جموع أبواب ما ينهى عنه من البيوع، باب فيمن باع بيعتين في بيعة. وانظر فقه الحديث في «المنة الكبرى» (٥/ ٣٣٠).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 133 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مطل الغني ظلم

📜 حديث: مطل الغني ظلم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: مطل الغني ظلم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: مطل الغني ظلم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: مطل الغني ظلم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية