حديث: بلال يستقرض لأجل كسوة المسلمين وطعامهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الوكالة في البيع والشراء

عن عبد اللَّه الهوزني قال: لقيت بلالا مؤذن رسول اللَّه ﷺ بحلب، فقلت: يا بلال، حدثني كيف كانت نفقة رسول اللَّه ﷺ؟ قال: ما كان له شيء. كنت أنا الذي ألي ذلك منه منذ بعثه اللَّه إلى أن توفي، وكان إذا أتاه الانسان مسلما فرآه عاريا يأمرني، فأنطلق فأستقرض، فأشتري له البردة، فأكسوه، وأطعمه حتى اعترضني
رجل من المشركين، فقال: يا بلال، إن عندي سعة فلا تستقرض من أحد إلا مني، ففعلت، فلما أن كان ذات يوم توضأت، ثم قمت لأؤذن بالصلاة، فإذا المشرك قد أقبل في عصابة من التجار، فلما أن رآني قال: يا حبشي. قلت: يالبَّاه. فتجهمني، وقال لي قولا غليظا، وقال لي: أتدري كم بينك وبين الشهر؟ قال: قلت: قريب. قال: إنما بينك وبينه أربع، فآخذك بالذي عليك، فأردك ترعى الغنم كما كنت قبل ذلك، فأخذ في نفسي ما يأخذ في أنفس النّاس حتى إذا صليت العتمة رجع رسول اللَّه ﷺ إلى أهله، فاستأذنت عليه، فأذن لي، فقلت: يا رسول اللَّه، بأبي أنت وأمي إن المشرك الذي كنت أتدين منه قال لي كذا وكذا، وليس عندك ما تقضي عني ولا عندي، وهو فاضحِي، فأذن لي أن آبق إلى بعض هؤلاء الأحياء الذين قد أسلموا حتى يرزق اللَّه رسول ﷺ ما يقضي عني، فخرجت حتى إذا أتيت منزلي، فجعلت سيفي وجرابي ونعلي ومجنِّي عند رأسي، حتى إذا انشق عمود الصبح الأول أردت أن أنطلق، فإذا إنسان يسعى يدعو: يا بلال، أجب رسول اللَّه ﷺ. فانطلقت حتى أتيته، فإذا أربع ركائب مناخات عليهن أحمالهن، فاستأذنت، فقال لي رسول اللَّه ﷺ: «أبشر، فقد جاءك اللَّه بقضائك». ثم قال: «ألم تر الركائب المناخات الأربع؟» فقلت: بلى. فقال: «إن لك رقابهن وما عليهن، فإن عليهن كسوة وطعاما أهداهن إلي عظيم فدك، فاقبضهن، واقض دينك». ففعلت. فذكر الحديث. ثم انطلقت إلى المسجد، فإذا رسول اللَّه ﷺ قاعد في المسجد، فسلمت عليه، فقال: «ما فعل ما قِبلك؟» قلت: قد قضى اللَّه كل شيء كان على رسول اللَّه ﷺ، فلم يبق شيء. قال: «أفضل شيء؟» قلت: نعم. قال: «انظر أن تريحني منه، فإني لست بداخل على أحد من أهلي حتى تريحني منه». فلما صلى رسول اللَّه ﷺ العتمة دعاني، فقال: ما فعل الذي قبلك؟ «قال: قلت: هو معي لم يأتنا أحد، فبات رسول اللَّه ﷺ في المسجد، وقص الحديث. قال: حتى إذا صلى العتمة -يعني من الغد- دعاني قال: «ما فعل الذي قِبلك؟ » قال: قلت: قد أراحك اللَّه منه يا رسول اللَّه، فكبر، وحمد اللَّه شفقا من أن يدركه الموت، وعنده ذلك. ثم اتبعته حتى إذا جاء أزواجه فسلم على امرأة امرأة، حتى أتى مبيته. فهذا الذي سألتني عنه.

صحيح: رواه أبو داود (٣٠٥٥) عن أبي توبة الربيع بن نافع، حدّثنا معاوية -يعني ابن سلام-، عن زيد أنه سمع أبا سلام قال: حدثني عبد اللَّه الهوزني فذكره.

عن عبد اللَّه الهوزني قال: لقيت بلالا مؤذن رسول اللَّه ﷺ بحلب، فقلت: يا بلال، حدثني كيف كانت نفقة رسول اللَّه ﷺ؟ قال: ما كان له شيء. كنت أنا الذي ألي ذلك منه منذ بعثه اللَّه إلى أن توفي، وكان إذا أتاه الانسان مسلما فرآه عاريا يأمرني، فأنطلق فأستقرض، فأشتري له البردة، فأكسوه، وأطعمه حتى اعترضني
رجل من المشركين، فقال: يا بلال، إن عندي سعة فلا تستقرض من أحد إلا مني، ففعلت، فلما أن كان ذات يوم توضأت، ثم قمت لأؤذن بالصلاة، فإذا المشرك قد أقبل في عصابة من التجار، فلما أن رآني قال: يا حبشي. قلت: يالبَّاه. فتجهمني، وقال لي قولا غليظا، وقال لي: أتدري كم بينك وبين الشهر؟ قال: قلت: قريب. قال: إنما بينك وبينه أربع، فآخذك بالذي عليك، فأردك ترعى الغنم كما كنت قبل ذلك، فأخذ في نفسي ما يأخذ في أنفس النّاس حتى إذا صليت العتمة رجع رسول اللَّه ﷺ إلى أهله، فاستأذنت عليه، فأذن لي، فقلت: يا رسول اللَّه، بأبي أنت وأمي إن المشرك الذي كنت أتدين منه قال لي كذا وكذا، وليس عندك ما تقضي عني ولا عندي، وهو فاضحِي، فأذن لي أن آبق إلى بعض هؤلاء الأحياء الذين قد أسلموا حتى يرزق اللَّه رسول ﷺ ما يقضي عني، فخرجت حتى إذا أتيت منزلي، فجعلت سيفي وجرابي ونعلي ومجنِّي عند رأسي، حتى إذا انشق عمود الصبح الأول أردت أن أنطلق، فإذا إنسان يسعى يدعو: يا بلال، أجب رسول اللَّه ﷺ. فانطلقت حتى أتيته، فإذا أربع ركائب مناخات عليهن أحمالهن، فاستأذنت، فقال لي رسول اللَّه ﷺ: «أبشر، فقد جاءك اللَّه بقضائك». ثم قال: «ألم تر الركائب المناخات الأربع؟» فقلت: بلى. فقال: «إن لك رقابهن وما عليهن، فإن عليهن كسوة وطعاما أهداهن إلي عظيم فدك، فاقبضهن، واقض دينك». ففعلت. فذكر الحديث. ثم انطلقت إلى المسجد، فإذا رسول اللَّه ﷺ قاعد في المسجد، فسلمت عليه، فقال: «ما فعل ما قِبلك؟» قلت: قد قضى اللَّه كل شيء كان على رسول اللَّه ﷺ، فلم يبق شيء. قال: «أفضل شيء؟» قلت: نعم. قال: «انظر أن تريحني منه، فإني لست بداخل على أحد من أهلي حتى تريحني منه». فلما صلى رسول اللَّه ﷺ العتمة دعاني، فقال: ما فعل الذي قبلك؟ «قال: قلت: هو معي لم يأتنا أحد، فبات رسول اللَّه ﷺ في المسجد، وقص الحديث. قال: حتى إذا صلى العتمة -يعني من الغد- دعاني قال: «ما فعل الذي قِبلك؟ » قال: قلت: قد أراحك اللَّه منه يا رسول اللَّه، فكبر، وحمد اللَّه شفقا من أن يدركه الموت، وعنده ذلك. ثم اتبعته حتى إذا جاء أزواجه فسلم على امرأة امرأة، حتى أتى مبيته. فهذا الذي سألتني عنه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يرويه الصحابي الجليل بلال بن رباح -رضي الله عنه- مؤذن رسول الله ﷺ، يذكر فيه جانبًا من جوانب كرم النبي ﷺ وتواضعه وثقته بربه، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان الدروس المستفادة منه.

أولاً. شرح المفردات:


● نفقة رسول الله ﷺ: ما ينفقه على نفسه وأهله وأصحابه.
● ألي ذلك: أتولى أمر ذلك وأقوم به.
● يعترضني: يقابلني ويصادفني.
● عصابة من التجار: جماعة منهم.
● يا حبشي: نداء لبلال بإشارة إلى لونه؛ لأن أصله من الحبشة.
● يالبَّاه: كلمة تعجب، كأن يقول: ماذا تريد؟
● تجهمني: قابلني بوجه عابس غاضب.
● آبق: أهرب وأختفي.
● الركائب المناخات: الإبل التي أنيخت وحملت.
● أفضل شيء؟: هل بقي شيء زائد بعد القضاء؟
● تريحني منه: تخلصني منه وتزيله عني.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بأن عبد الله الهوزني سأل بلالًا عن نفقة رسول الله ﷺ، فأخبره بلال أنه كان يتولى أمر النفقة منذ بعثة النبي ﷺ حتى وفاته، وأن النبي ﷺ لم يكن يملك شيئًا خاصًا به، بل كان يعطي كل ما يأتيه للمحتاجين.
ثم يحكي بلال قصة دينه: كان يستقرض من رجل مشكر ليشترى كسوة وطعامًا للمسلمين المحتاجين بأمر النبي ﷺ، ثم جاء ذلك المشرك يوماً فتهدده وطلب دينه خلال أربعة أيام، فخاف بلال وأراد الهروب إلى بعض القبائل المسلمة حتى ييسر الله لرسوله ﷺ سداد الدين، ولكن الله تعالى أرسل لهدايا من عظيم فدك (وهي أربع ركائب محملة بالكسوة والطعام)، فأعطاه النبي ﷺ إياها ليقضي دينه.
بعد ذلك، سأله النبي ﷺ إن كان بقي شيء من الهدية بعد قضاء الدين، فأخبره أن هناك فضلة، فأمره النبي ﷺ أن يتخلص منها ويوزعها على الفقراء، ولم يدخل على أهله حتى تأكد من توزيعها كلها.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- تواضع النبي ﷺ وزهده: لم يكن يملك مالاً خاصًا به، بل كان يعيش حياة بسيطة ويعطي كل ما يأتيه في سبيل الله.
2- كرم النبي ﷺ وسخاؤه: كان يُعطي المحتاجين حتى لو لم يكن عنده شيء، ويستقرض من أجلهم.
3- ثقة النبي ﷺ بربه: لم يقلق من الدين رغم تهديد المشرك، وكان واثقًا أن الله سيفرج همّه.
4- بركة الطاعة والصدقة: فإن الله تعالى أرسل الرزق من حيث لا يحتسب بلال.
5- حرص النبي ﷺ على التخلص من الفضلة: لم يشأ أن يبقي شيئًا زائدًا عنده، بل أمر بتوزيعه على المحتاجين قبل أن يدخل بيته.
6- فضل بلال وصبره: تحمل المسؤولية وكان أمينًا على مال النبي ﷺ ونفقته.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حسن.
- فيه بيان أن النبي ﷺ كان يستقرض أحيانًا ليقضي حاجة المسلمين، وهذا من رحمته بأمته.
- القصة تدل على أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فقد كافأ الله بلالًا على صبره وأمانته بأن فرج كربه.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتأسين برسول الله ﷺ في كرمه وتواضعه وثقته بالله، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٠٥٥) عن أبي توبة الربيع بن نافع، حدّثنا معاوية -يعني ابن سلام-، عن زيد أنه سمع أبا سلام قال: حدثني عبد اللَّه الهوزني فذكره. وصحّحه ابن حبان (٦٣٥١)،
ورواه أيضًا البيهقي (٦/ ٨٠) كلهم من حديث معاوية بن سلام به. وإسناده صحيح.
وقوله: «يالباه» يريد لبيك.
وقوله: «تجهمني» أي تلقاني بوجه كريه.
وقوله: «مجني» من المجن -بكسر الميم، وفتح الجيم، وتشديد النون- الترس.
وقوله: «شفقاء -بفتح الشين والفاء- الخوف.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 137 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بلال يستقرض لأجل كسوة المسلمين وطعامهم

  • 📜 حديث: بلال يستقرض لأجل كسوة المسلمين وطعامهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بلال يستقرض لأجل كسوة المسلمين وطعامهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بلال يستقرض لأجل كسوة المسلمين وطعامهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بلال يستقرض لأجل كسوة المسلمين وطعامهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب