حديث: أفيدع إصبعه في فيك تقضمها كما يقضم الفحل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب اتخاذ الأجير في الغزو

عن يعلى بن أمية قال: غزوت مع النبي ﷺ جيش العسرة، فكان من أوثق أعمالي في نفسي، فكان لي أجير، فقاتل إنسانا، فعض أحدهما إصبع صاحبه، فانتزع إصبعه، فأندر ثنيته، فسقطت، فانطلق إلى النبي ﷺ، فأهدر ثنيته، وقال: «أفيدع إصبعه في فيك تَقْضَمها -قال: أحسبه قال: - كما يقضم الفحل».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الإجارة (٢٢٦٥)، ومسلم في القيامة (١٦٧٤: ٢٣) كلاهما من طريق ابن جريج قال: أخبرني عطاء، أخبرني صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه.

عن يعلى بن أمية قال: غزوت مع النبي ﷺ جيش العسرة، فكان من أوثق أعمالي في نفسي، فكان لي أجير، فقاتل إنسانا، فعض أحدهما إصبع صاحبه، فانتزع إصبعه، فأندر ثنيته، فسقطت، فانطلق إلى النبي ﷺ، فأهدر ثنيته، وقال: «أفيدع إصبعه في فيك تَقْضَمها -قال: أحسبه قال: - كما يقضم الفحل».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأرحب بك أيها السائل الكريم، وأشكرك على حرصك على فهم حديث رسول الله ﷺ، وهذا من علامات الإيمان وحب العلم. وسأشرح لك هذا الحديث شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
أولاً: تخريج الحديث ومصدره:
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الديات، باب إذا عض رجل إصبع رجل، ورواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات.
ثانيًا: شرح مفردات الحديث:
● جيش العسرة: هي غزوة تبوك، وسُميت بذلك لشدة المشقة والجهد الذي لاقاه المسلمون فيها من قلة الزاد والماء وشدة الحر.
● أوثق أعمالي في نفسي: أي أعظمها وأثبتها وأكثرها قيمة عندي.
● أجير: خادم يعمل بأجر.
● أندر ثنيته: "أندر" بمعنى قلع وأسقط، و"الثنية" هي السن الأمامية من الأسنان.
● أهدر ثنيته: أي أبطل دعواه فيها ولم يوجب فيها دية أو قصاصًا، بمعنى أن النبي ﷺ حكم بعدم استحقاقه للتعويض.
● تَقْضَمها: تطحنها وتكسرها بالمضغ، من القَضْم وهو الأكل بشدة.
● كما يقضم الفحل: الفحل هو الذكر من الإبل، وشبه النبي ﷺ المعتدي وهو يعض بإصبعه بقوة الفحل عندما يقضم الطعام.
ثالثًا: شرح الحديث ومعناه الإجمالي:
يحدثنا الصحابي الجليل يعلى بن أمية رضي الله عنه عن واقعة حدثت معه في غزوة تبوك، التي كانت شديدة على المسلمين. وكان معه أجير (خادم) خاص به، فوقع شجار بين هذا الأجير ورجل آخر. أثناء المشاجرة، عضَّ أحد الرجلين إصبع الآخر بعنف وشدة. فلم يجد المعضوض (صاحب الإصبع) طريقة ليفك عضته إلا أن ينتزع إصبعه من فمه بقوة، مما أدى إلى اقتلاع سن (ثنية) المعتضِّ (الذي قام بعض الإصبع). فذهب صاحب السن المقلوعة إلى النبي ﷺ يشكو ما حدث ويدعي على صاحب الإصبع تعويضًا عن سنّه.
فأنكر النبي ﷺ دعواه وحكم بعدم أحقيته في أخذ دية أو قصاص لسنّه، وقال له معاتبًا: «أفيدع إصبعه في فيك تَقْضَمها كما يقضم الفحل؟». أي: هل تتوقع أن يتركك تقضم إصبعه في فمه كما تقضم الإبل طعامها دون أن يدافع عن نفسه؟! فأنت المعتدي الأول بعضَّك لإصبعه، وهو لم يفعل إلا الدفاع عن نفسه لإنقاذ إصبعه من أذاك.
رابعًا: الدروس المستفادة والفقهية من الحديث:
1- إهدار دعوى المعتدي: من أعظم القواعد الشرعية "لا قصاص على مُدَافع"، فمن اعتدى على غيره ثم دافع المعتدى عليه عن نفسه وتسبب في إصابة المعتدي، فإن المعتدي الأول لا يستحق تعويضًا. فالدية أو القصاص يسقطان عنه لأنه هو المُبتدئ بالظلم.
2- حكمة النبي ﷺ وقوة استنباطه: استخدم النبي ﷺ تشبيهًا بليغًا يصور قوة العض وشدة الألم الذي تسبب فيه المدعي، مما يبين أن رد الفعل كان دفاعًا مشروعًا عن النفس.
3- العدل ورفض الظلم: يوضح الحديث حرص الشريعة على إقامة العدل ورفض الظلم، وعدم مجرد النظر إلى النتيجة النهائية (سقوط السن) دون النظر إلى سببها وبداية النزاع.
4- تحمل تبعات العدوان: الإنسان يتحمل نتائج عدوانه، فمن يبدأ بالاعتداء فهو المسؤول عما يترتب على ذلك من دفاع الطرف الآخر.
5- الحث على تجنب المشاجرات: الحديث يحذر من التورط في المشاجرات والعنف، لأن نتائجها قد تكون وخيمة وغير متوقعة، وقد يحرم الإنسان حقّه بسبب كونه هو البادئ بالاعتداء.
خامسًا: معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث أصل من أصول باب "الجنايات" و"الديات" في الفقه الإسلامي، ويستدل به الفقهاء على سقوط القصاص عمن كان عدوانه سببًا في دفاع الطرف الآخر عنه.
- فيه دليل على أن الدفاع عن النفس جائز شرعًا إذا كان بالقدر المعقول لدفع الأذى.
- يعلمنا النبي ﷺ في هذا الموقف كيف يكون القاضي الحكيم الذي ينظر إلى أصل المشكلة وجذورها، ولا يحكم بمجرد الظاهر أو النتيجة المباشرة.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين وأن يعلمنا ما ينفعنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الإجارة (٢٢٦٥)، ومسلم في القيامة (١٦٧٤: ٢٣) كلاهما من طريق ابن جريج قال: أخبرني عطاء، أخبرني صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه. واللّفظ للبخاريّ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 120 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أفيدع إصبعه في فيك تقضمها كما يقضم الفحل

  • 📜 حديث: أفيدع إصبعه في فيك تقضمها كما يقضم الفحل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أفيدع إصبعه في فيك تقضمها كما يقضم الفحل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أفيدع إصبعه في فيك تقضمها كما يقضم الفحل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أفيدع إصبعه في فيك تقضمها كما يقضم الفحل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب