حديث: من أخذ قوسا على تعليم القرآن قلده الله قوسا من نار

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من كره أخذ الأجرة على تعليم القرآن

عن أبي الدرداء أن رسول اللَّه ﷺ قال: «من أخذ قوسا على تعليم القرآن قلده اللَّه قوسا من نار».

حسن: رواه البيهقي (٦/ ١٢٦) من حديث عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا عبد الرحمن بن يحيى ابن إسماعيل بن عبيد اللَّه، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عبيد اللَّه، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء فذكره.

عن أبي الدرداء أن رسول اللَّه ﷺ قال: «من أخذ قوسا على تعليم القرآن قلده اللَّه قوسا من نار».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديثٌ عظيمٌ يتعلق بمنهج تعليم القرآن الكريم، وسأشرحه لك على النحو التالي، مستنداً إلى كلام أهل العلم المعتبرين:
### أولاً. نص الحديث ومصدره
الحديث رواه الطبراني في "المعجم الكبير" عن الصحابي الجليل أبي الدرداء رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَخَذَ قَوْسًا عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ قَلَّدَهُ اللَّهُ قَوْسًا مِنْ نَارٍ».
### ثانياً. شرح المفردات
● قَوْسًا: المقصود هنا العصا أو الآلة التي يُضرب بها المتعلم. والقوس في الأصل هو سلاح الرمي المعروف، ولكنه هنا كناية عن أي أداة تأديب.
● عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ: أي جعل تعليم القرآن سبباً أو شرطاً لاستخدام هذه الآلة في الضرب أو التأديب.
● قَلَّدَهُ اللَّهُ: أي جعل الله له قلادة أو طوقاً.
● قَوْسًا مِنْ نَارٍ: أي طوقاً أو قلادة من نارٍ تُعذبه يوم القيامة.
### ثالثاً. شرح الحديث
يُحذّر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المعلمين والمؤدبين من استخدام العنف والقسوة المفرطة مع متعلمي القرآن الكريم، خاصة الصغار منهم. فمن جعل منهجه في التعليم قائماً على الإيذاء البدني (الضرب بالعصا أو ما شابهها) وجعل ذلك جزءاً من نظامه التعليمي، فإن عقابه من جنس عمله، فيُقلّده الله تعالى يوم القيامة قلادةً من نار مكان تلك الآلة التي كان يعذب بها طلابه.
والحديث ليس تحريماً مطلقاً للضرب التأديبي الذي يكون بالمعروف وبدون مبالغة، إنما هو تحذير من جعل العنف منهجاً أساسياً أو وسيلةً دائمة في تعليم القرآن، مما ينفّر الطلاب من القرآن ويجعلهم يكرهون تعلّمه.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- الحث على الرفق في التعليم: يجب على معلم القرآن أن يكون رفيقاً بطلابه، متحلياً بالحلم والصبر، لأن القرآن نزل ليكون نوراً وهدىً، لا عذاباً وناراً.
2- خطورة التنفير من القرآن: من أهم مقاصد الشريعة جذب الناس إلى الدين بالحكمة والموعظة الحسنة، فمن使用了 العنف في التعليم فقد خالف هذه الحكمة.
3- العقوبة من جنس العمل: هذا من السنن الإلهية، فكما أن المعلم قَلَّد طلابه آلة العذاب في الدنيا، فإن الله يقلده عذاباً من جنس عمله في الآخرة.
4- أهمية اختيار منهجية تربوية صحيحة: التعليم مسؤولية عظيمة، خاصة تعليم القرآن، فيجب على المعلم أن يختار الأساليب التربوية المناسبة التي تحقق المقصود دون إيذاء.

خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
- هذا الحديث وإن كان في سنده ضعف كما ذكر بعض المحدثين، إلا أن معناه صحيح ومقبول، لأنه يدخل في العمومات والقصود الشرعية الكلية، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» (رواه مسلم).
- ينبغي للمعلم أن يفرق بين الضرب التأديبي المعتدل الذي تبيحه الشريعة في بعض الحالات الخاصة، وبين جعل العنف منهجاً أساسياً. فالضرب إن حصل يجب أن يكون غير مبرح، وغير موجه للوجه، وأن يكون آخر العلاج بعد استنفاد وسائل الترغيب والتنفير المعنوي.
- من الأمثلة العملية على الرفق في التعليم: قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، فلم يعنفّه النبي صلى الله عليه وسلم، بل تعامل مع الموقف بحكمة ورفق، مما كان سبباً في إسلام الرجل وأهله.
أسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وأن يعيننا على تعلمه وتعليمه على الوجه الذي يرضيه.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البيهقي (٦/ ١٢٦) من حديث عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا عبد الرحمن بن يحيى ابن إسماعيل بن عبيد اللَّه، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عبيد اللَّه، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء فذكره.
ضعفه البيهقي، ونقل عن دحيم أنه قال: ليس له أصل.
وقال ابن عبد الهادي في «التنقيح» (٤/ ١٨٦): «ورواه سمويه في فوائده عن عبد الرحمن. وقد روى مسلم في صحيحه حديثا عن داود بن رشيد، عن الوليد بن مسلم بهذا الإسناد عن أبي الدرداء
في الصوم في السفر (١١٢٢).
وعبد الرحمن هذا قال ابن أبي حاتم: «روى عنه أبي، وسمع منه في الرحلة الأولى، وسألته عنه، فقال: ما بحديثه بأس، صدوق». انتهى.
وقال ابن التركماني في الجوهر النقي: «أخرجه البيهقي بسند جيد، فلا أدري ما وجه ضعفه، وكونه لا أصل له».
وفي الباب ما روي عن أبي بن كعب قال: علمت رجلا القرآن، فأهدى إلي قوسا، فذكرت ذلك لرسول اللَّه ﷺ، فقال: «إن أخذتها أخذت قوسا من نار»، فرددتها.
رواه ابن ماجه (٢١٥٨) عن سهل بن أبي سهل قال: حدّثنا يحيى بن سعيد، عن ثور بن يزيد قال: حدّثنا خالد بن معدان قال: حدثني عبد الرحمن بن سلم، عن عطية الكلاعي، عن أبي بن كعب فذكره.
ورواه البيهقي (٦/ ١٢٥ - ١٢٦) من وجه آخر، عن يحيى بن سعيد بإسناده، إلا أنه أسقط خالد ابن معدان بين ثور وعبد الرحمن.
وفي الإسناد عبد الرحمن بن سلم، وهو شامي، قال المزي في تهذيبه: «روى عنه ثور بن يزيد، وفي إسناد حديثه اختلاف كثير». وكذا في تهذيب التهذيب، وأنهما عزيا حديثه إلى ابن ماجه. قال المزي: «روى له ابن ماجه هذا الحديث الواحد».
وفي النسخة المطبوعة لسنن بن ماجه بتحقيق فؤاد عبد الباقي بإثبات خالد بن معدان. وكذا في تحفة الأشراف (١/ ٣٥) أيضًا. ولكن في نسخة السنن بتحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي بدونه. فالظاهر أنه وقع خلاف بين نسخ ابن ماجه من القديم.
وعلى كل، فإن عبد الرحمن بن سلم مجهول.
وفي الإسناد أيضًا عطية وهو ابن قيس الكلاعي، ذكر العلائي في جامع التحصيل (٥٢٧) عن أبي بن كعب، وأبي الدرداء مرسلا قاله في التهذيب.
كذا قال! ولم يذكر في التهذيب، ولا في تهذيب التهذيب أن روايته عن أبي بن كعب، وأبي الدرداء مرسلة. بل في التهذيب: قال أبو مسهر: كان مولد عطية بن قيس في حياة رسول اللَّه ﷺ في سنة سبع، وغزا في خلافة معاوية، وتوفي سنة عشر ومائة. وقال ابنه: «مات أبي وهو ابن أربع ومائه». فلقاؤه ممكن. ثم عطية هذا قد توبع في بعض الروايات، تابعه أبان عن أبي بن كعب.
فانحصرت العلة في جهالة عبد الرحمن بن سلم.
فقه هذا الباب: أحاديث هذا الباب تدل على كراهة أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وبه قال أبو حنيفة، وإسحاق. ثم اختلف أهل العلم في بعض الصور دون الأخرى: فمنهم من جعل الكراهة إذا اشترط بذلك.
ومنهم من جعل الكراهة إذا كان عمل حسبة للَّه، فليس له أن يأخذ عليه أجرا؛ لأن الأجر مناف للحسبة. وأما إذا لم يحتسب ولم يطلب عليه الأجرة فجائز كما في حديث ابن عباس في الباب السابق.
ومنهم من قال: إذا لا يوجد في المسلمين من يعلم القرآن إلا شخص واحد فعليه أن يعلمهم، ولا يأخذ عليه أجرا؛ لأن تعليمه إياهم صار عليه فرض عين بخلاف إذا كان فيهم غيره، فجاز له أخذ الأجرة.
أما إذا كان هذا الأجر من الحاكم الذي هو الراعي لمصلحة الأمة فلا كراهة في ذلك بالاتفاق؛ لأن تحديد الأجر منه يساعد على إدارة شؤون البلاد، وهذا الذي جرى عليه العمل منذ الخلفاء الراشدين إلى يومنا هذا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 127 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أخذ قوسا على تعليم القرآن قلده الله قوسا من نار

  • 📜 حديث: من أخذ قوسا على تعليم القرآن قلده الله قوسا من نار

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من أخذ قوسا على تعليم القرآن قلده الله قوسا من نار

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من أخذ قوسا على تعليم القرآن قلده الله قوسا من نار

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من أخذ قوسا على تعليم القرآن قلده الله قوسا من نار

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب