حديث: الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الشفعة للغائب

روي عن جابر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها، وإن كان غائبا، إذا كان طريقهما واحدا».

صحيح: رواه أبو داود (٣٥١٨)، والترمذي (١٣٦٩)، وابن ماجه (٢٤٩٤)، والبيهقي (٦/ ١٠٦)، وأحمد (١٤٢٥٣) كلّهم من حديث عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر فذكره.

روي عن جابر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها، وإن كان غائبا، إذا كان طريقهما واحدا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر رواه الإمام أحمد في مسنده، والبيهقي في السنن الكبرى، وغيرهم، وهو حديث صحيح بشواهده.
شرح المفردات:
* الجار: هو من جاورك في السكن، سواء كان في بيت أو أرض.
* الشفعة: هي حق يتملك به الشريك أو الجار العقار المبيع من المشتري، بثمن المثل، دون زيادة أو نقصان.
* يَنْتَظِرُ بِهَا: أي ينتظر صاحب الحق (الجار) حتى يُعْلَم بالبيع ليُطَالِبَ بحقِّه في الشفعة، ولا يُعجَّل عليه.
* وَإِنْ كَانَ غَائِبًا: أي حتى لو كان الجار صاحب الحق غير حاضر في البلد حين حصول البيع.
* إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا: هذا قيد مهم، أي إذا كان للجارين مدخل أو مخرج أو طريق مشترك يستعملانه للدخول إلى عقاريهما.
شرح الحديث:
يُبيِّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حقاً من حقوق الجوار، ألَّا وهو حق الشفعة. ومفاد الحديث أن الجار له حق أولوية في شراء ما يجاوره من عقار إذا بيعه جاره لشخص آخر.
فإذا باع رجل أرضه أو داره التي تجاور دارك، فأنت -كجار- لك الحق أن تذهب إلى المشتري وتقول: "أعطني هذا العقار بنفس الثمن الذي اشتريته به، لأن لي حق الشفعة". وهذا الحق ثابت للجار حتى لو كان غائباً عن البلد وقت عقد البيع، فينتظر حتى يعود ليُعْلَم بالبيع ويُعطَى فرصة المطالبة بحقه. وهذا من رحمة الشريعة ومراعاتها للمصالح.
أما قيد "إذا كان طريقهما واحدًا"، فالمقصود به أن حق الشفعة للجار يكون أوكد وأظهر عندما يكون هناك مصلحة مشتركة أو ضرورة، كاشتراكهما في طريق أو مدخل أو قناة ماء أو ما شابه، حيث يكون بيع أحدهما لجاره لغريب قد يسبب ضرراً أو حرجاً للجار صاحب الحق، كأن يمنعه من استعمال الطريق أو يضايقه فيه.
الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- إثبات حق الشفعة للجار: وهذا حق شرعي أقره النبي صلى الله عليه وسلم لحماية الجار من ضرر قد يلحقه من جار جديد لا يعرفه، أو ليدفع عنه الضرر في ملكه.
2- مراعاة مصلحة الجار: الشرع الإسلامي يراعي مصالح الناس جميعاً، ويقدم مصلحة الجار الذي قد يتضرر من دخول شريك غريب عليه في الطريق أو المسلك.
3- الرفق بالغائب واحترام حقوقه: الحديث يأمر بعدم إسقاط حق الغائب، بل ينتظر حتى يعود ليقتضي حقه، مما يدل على حفظ الإسلام للحقوق حتى لأولئك الذين لا يستطيعون المطالبة بها في وقتها.
4- تقوية أواصر الجوار: منح هذا الحق يمنع النزاعات والمشاكل التي قد تنشأ بين الجيران بسبب بيوع العقارات، ويحفظ للجار حرمته وحقه.
5- أن الشفعة لا تسقط بالغياب: غياب صاحب الحق لا يسقط حقه، بل يظل محفوظاً له.
ملاحظة فقهية مهمة:
ذهب جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والحنابلة) إلى أن حق الشفعة ثابت للجار الذي له طريق أو مصلحة مشتركة مع العقار المبيع، كما هو صريح هذا الحديث. بينما ذهب الشافعية إلى أن حق الشفعة خاص بالشريك في الملك فقط (مثل أن يكونا شريكين في أرض فباع أحدهما نصيبه)، وليس لمجرد الجوار. ولكن الحديث الصحيح يدعم قول الجمهور.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن نرعى حقوق جيراننا كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٥١٨)، والترمذي (١٣٦٩)، وابن ماجه (٢٤٩٤)، والبيهقي (٦/ ١٠٦)، وأحمد (١٤٢٥٣) كلّهم من حديث عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر فذكره.
قال الترمذيّ: «حسن غريب». وقال: «ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر. وقد تكلم شعبة في عبد الملك بن أبي سليمان من أجل هذا
الحديث».
وقال: «وعبد الملك هو ثقة مأمون عند أهل الحديث، ولا نعلم أحدا تكلم فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث.
وروي عن ابن المبارك، عن سفيان الثوري قال: عبد الملك بن أبي سليمان ميزان يعني في العلم». انتهى.
قال الشافعي: «سمعنا بعض أهل العلم بالحديث يقول: نخاف أن لا يكون هذا الحديث محفوظا».
وقال أحمد بن حنبل: «ليس العمل على هذا. لا شفعة إلا للخليط». «مسائل ابن هانئ» (٢/ ٢٦).
وقال البيهقي: «هذا حديث أنكره على عبد الملك: شعبة بن الحجاج، ويحيى بن سعيد القطّان، وأحمد بن حنبل، وسائر الحفاظ، حتى قال شعبة: لو روى عبد الملك بن أبي سليمان حديثا آخر مثل حديث الشفعة لتركت حديثه».
وقال الترمذيّ: «قلت لمحمد بن إسماعيل في هذا، فقال: تفرّد به عبد الملك، وروي عن جابر خلاف هذا».
وقد تأول بعض أهل العلم هذا الحديث بأنه المشاع؛ لأن الطريق إنما يكون واحدا على الحقيقة في المشاع دون المقسوم. وفي الحديث ما يدل على ذلك، وهو قوله: «إذا كان طريقهما واحدا».
وعلى هذا فلا يحتاج إلى تضعيف الحديث، وبالتالي لا منافاة بينه وبين رواية جابر المشهورة.
هذا اختيار ابن عبد الهادي في «التنقيح» (٤/ ١٧٥)، وأطال الكلام في تصحيح الحديث.
وأما شفعة الغائب فقال الترمذيّ: «والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن الرجل أحق بشفعته، وإن كان غائبا، فإذا قدم فله الشفعة، وإن تطاول ذلك».
وقال ابن عبد البر: «وأما شفعة الغائب فإن أهل العلم مجمعون على أنه إذا لم يعلم ببيع الحصة التي هو فيها شريك من الدور والأرضين، ثم قدم، فعلم، فله الشفعة مع طول مدة غيبته». «الاستذكار» (٢١/ ٢٧٦).
وأما ما روي عن ابن عمر مرفوعا: «الشفعة كحل العقال». فهو ضعيف. رواه ابن ماجه (٢٥٠٠)، والبيهقي (٦/ ١٠٨) كلاهما من طريق محمد بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر فذكره. واللّفظ لابن ماجه.
وزاد البيهقي في أول الحديث: «لا شفعة لغائب، ولا صغير، ولا شريك على شريك إذا سبقه بالشراء». وفي لفظ: «الشفعة لا ترث، ولا تورث».
قال البيهقي: «محمد بن الحارث البصري متروك، ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني ضعيف، ضعفها يحيى بن معين، وغيره من أئمة الحديث».
وقال: «وقد روي في معارضة الحديث الأول حديث ضعيف عن جابر مرفوعا: «الصبي على شفعته حتى يدرك». وكلاهما منكران».
وقال أبو زرعة: «هذا حديث منكر، ولم يقرأ علينا في كتاب الشفعة، وضربنا عليه».
وقد سئل عن حديث «لا شفعة لغائب، ولا صغير». فقال: «هذا حديث منكر، لا أعلم أحدا قال بهذا، الغائب له شفعة، والصغير حتى يكبر، فلم يقرأ علينا هذا الحديث». «العلل لابن أبي حاتم» (١/ ٤٧٩).
قال الأعظمي: وقد سبق نقل الإجماع على أن الشريك الغائب له شفعة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 113 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا

  • 📜 حديث: الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب