حديث: من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب النهي عن كراء الأرض
متفق عليه: رواه البخاري في الحرث والمزارعة (٢٣٤١)، ومسلم في البيوع (١٥٤٤) كلاهما من طريق أبي توبة الربيع بن نافع، حدّثنا معاوية، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أوتي جوامع الكلم، وهو يتعلق بحقوق الأرض والعمارة، وحق الجوار، وحق الأخوة في الإسلام.
نص الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ».
رواه مسلم في صحيحه.
أولاً. شرح المفردات:
● أَرْضٌ: المقصود بها هنا الأرض الصالحة للزراعة أو البناء والعمران.
● فَلْيَزْرَعْهَا: أي فليستغلّها بنفسه بالزراعة أو البناء أو أي شكل من أشكال الإعمار النافع.
● لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ: "يمنحها" أي يعطيها له بلا عوض، إحساناً وتكرماً، و"أخاه" أي أخاه في الدين، ويشمل كل مسلم.
● فَإِنْ أَبَى: أي إذا امتنع عن فعل الأمرين السابقين (الزراعة أو المنح).
● فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ: أي فليحتفظ بها ويتركها دون أن يمنع غيرَهُ من انتفاعها إذا كان هو لا ينتفع بها.
ثانياً. شرح الحديث:
يوجه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث توجيهاً اجتماعياً واقتصادياً مهماً، ويضع قاعدة ذهبية لاستغلال الموارد، خاصة الأرض، التي هي مصدر للخير والرزق.
1- الخيار الأول: الاستغلال المباشر (فَلْيَزْرَعْهَا):
يأمر النبي صلى الله عليه وسلم مالك الأرض أن يعمرها بنفسه، بأن يزرعها أو يبني عليها، أو يستفيد منها بأي وجه من وجوه الانتفاع المشروع. هذا يحقق مقصدين:
● مقصد ديني: إحياء الأرض وإعمارها، وهو مما يحبه الله ويرضاه، قال تعالى: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]. أي طلب منكم عمارتها.
● مقصد اقتصادي: تحقيق الاكتفاء الذاتي للفرد والمجتمع، وتدوير المال، وتوفير الغذاء والسكن.
2- الخيار الثاني: الإحسان إلى الغير (أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ):
إذا كان المالك غير قادر على استغلال الأرض بنفسه (كأن يكون مشغولاً، أو لا خبرة له في الزراعة، أو لا مال لديه للاستثمار)، فإن الخيار الأمثل الذي يرسمه النبي هو المنحة، أي إعطاء الأرض لأخيه المسلم مجاناً ليزرعها وينتفع بها. هذه ليست إجارة ولا مزارعة بعوض، بل هي هبة وإحسان محض. وهذا يحقق:
● مقصد اجتماعي: تقوية أواصر الأخوة الإسلامية، وإشاعة روح التعاون والتكافل بين المسلمين، "ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
● مقصد اقتصادي: منع كسل المالك وتعطيل الأرض، وتحقيق الانتفاع بها، مما يعود بالنفع على الفقير والمجتمع ككل.
3- الخيار الثالث والنهي الضمني (فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ):
هذا تحذير شديد لمن يبخل بأرضه، فيمتنع عن زراعتها بنفسه، ويمتنع عن منحها لغيره لينتفع بها. قوله: (فَإِنْ أَبَى) أي أبى أن يفعل أحد الخيارين النافعين. وقوله: (فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ) يبدو أنه إذن بالاحتفاظ بها، ولكنه في الحقيقة توبيخ وتقريع، لأنه يعني: "إذا كنت بخيلاً إلى هذه الدرجة، فاحتفظ بها معطلة لا أنت تنتفع بها ولا غيرك، ولكن اعلم أن هذا الفعل مذموم". فهو يشبه قوله تعالى: {وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ} [محمد: 38].
ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه:
1- تحريم إضاعة المال وتعطيل المنافع: هذا الحديث أصل عظيم في النهي عن إضاعة الموارد وتعطيلها عن الانتفاع، سواء كانت أرضاً أو غيرها. وهو من الضمان الذي يحرمه الإسلام.
2- الحث على الإحسان والتعاون: يربي النبي صلى الله عليه وسلم الأمة على خلق السخاء والمواساة، وعدم حبس الخير عن الآخرين.
3- تفضيل المنحة على المؤاجرة في بعض الحالات: هنا فضل النبي إعطاء الأرض مجاناً (منحة) على تأجيرها بمال، لما في المنحة من تحقيق معنى الأخوة والتكافل.
4- حق المجتمع في الموارد: للحديث تأويل أوسع عند بعض العلماء، حيث يرون أن للمجتمع حقاً في انتفاع الأراضي المعطلة، وإذا امتنع ownerها عن إعمارها أو إعطائها لمن يعمرها، كان للحاكم أن يتدخل لإجباره على أحد الخيارين أو أن يؤجره من يزرعه بقوة القانون لصالح المجتمع. وهذا من فقه السياسة الشرعية.
5- النهي عن البخل والشح: الحديث يندد بالبخل ويذم صاحبه، ويصوره بأنه شخص معطل للخير.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 149 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 124 من أكل برقية حق
- 125 دفع إلي رسول الله رجلا أعلمه القرآن فأهدى إلي قوسا
- 126 اقرؤوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه
- 127 من أخذ قوسا على تعليم القرآن قلده الله قوسا من...
- 128 إخراج اليهود من خيبر بعد فتحها
- 129 كفى بالله شهيدا وكفى بالله كفيلا
- 130 لا حاجة لنا فيها، وليس فيها خير
- 131 هل عليه من دين صلوا على صاحبكم
- 132 الزعيم غارم
- 133 مطل الغني ظلم
- 134 يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك؟ أما إنه قد صدقك...
- 135 اشترى شاتين بدينار وباع إحداهما بدينار
- 136 أخذ خمسة عشر وسقا من وكيل خيبر
- 137 بلال يستقرض لأجل كسوة المسلمين وطعامهم
- 138 يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا...
- 139 لا يغرس مسلم غرسا فأكل منه إنسان أو طير أو...
- 140 من كانت في يده فسيلة فليغرسها وإن قامت القيامة
- 141 لا يغرس مسلم غرسا فيأكل منه شيء إلا كانت له...
- 142 المسلم يغرس فيأكل منه إنسان أو دابة أو طير فهو...
- 143 ما أكل منه له صدقة وما سرق منه له صدقة
- 144 من زرع زرعا فأكل منه الطير كان له به صدقة
- 145 من غرس غرسا لم يأكل منه آدمي إلا كان له...
- 146 لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل
- 147 تقسيم الأراضي المفتوحة
- 148 فضل الأرض زراعتها أو منحها للأخ
- 149 من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه
- 150 نهى رسول الله عن المحاقلة والمزابنة
- 151 رسول الله ينهى عن كراء المزارع
- 152 نهى النبي ﷺ عن كراء الأرض.
- 153 رسول الله ﷺ نهى عن كراء الأرض
- 154 رسول الله ﷺ نهى عن كراء المزارع
- 155 نهي النبي ﷺ عن إجارة الأرض بالثلث والربع
- 156 نهي رسول الله ﷺ عن كراء الأرض بالثلث والربع والطعام...
- 157 عنوان الحديث: "من استغنى عن أرضه فليمنحها أخاه أو ليدع"
- 158 نهي النبي عن المزابنة والمحاقلة
- 159 نهي النبي ﷺ عن كراء الأرض بما ينبت على الأربعاء
- 160 نهي النبي ﷺ عن كراء المزارع
- 161 كنا نكري الأرض بالناحية منها مسمى لسيد الأرض
- 162 كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه
- 163 عامل النبي ﷺ خيبر بشطر ما يخرج منها.
- 164 أعطى رسول الله خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو...
- 165 إخراج اليهود من أرض الحجاز في عهد عمر بن الخطاب.
- 166 مقاسمه خيبر واتفاق الرسول مع يهودها على العمل بنصف الثمر
- 167 أعطوا الأرض على أن لكم نصف الثمرة ولنا نصف
- 168 أن يمنح أحدكم أخاه خير من أن يأخذ خرجا معلوما
- 169 لم يحرم المزارعة ولكن أمر أن يرفق بعضهم بعضا
- 170 نهى رسول الله ﷺ عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة
- 171 نهى رسول الله عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والثنيا
- 172 من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من...
- 173 أخذوا زرعكم وردوا عليه النفقة
معلومات عن حديث: من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه
📜 حديث: من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, December 17, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








