حديث: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب فيمن زرع في أرض قوم بغير إذنهم
حسن: رواه أبو داود (٣٤٠٣)، والترمذي (١٣٦٦)، وابن ماجه (٣٤٦٦)، وأحمد (١٥٨٢١) كلّهم من حديث شريك، عن أبي إسحاق، عن عطاء، عن رافع بن خديج فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي ﷺ، يضع قاعدةً مهمةً في باب المعاملات المالية وحقوق الملكية. وفيما يلي شرحه تفصيلاً:
### أولاً. نص الحديث ومصدره
● الراوي: رافع بن خديج رضي الله عنه، وهو من الأنصار، وكان ممن شهد بدراً.
● المصدر: أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم، وغيرهم، وصححه جمع من أهل العلم منهم الألباني.
ثانياً. شرح المفردات:
● «من زرع»: أي من بذر البذور وفلح الأرض لإنبات الزرع.
● «في أرض قوم»: أي في ملكية جماعة من الناس أو فرد دون حق له فيها.
● «بغير إذنهم»: دون رضاهم وموافقتهم.
● «فليس له من الزرع شيء»: لا حق له في المحصول الناتج.
● «وله نفقته»: له أن يسترد ما أنفقه من تكاليف الزراعة من بذور وأجرة عمال وغير ذلك.
ثالثاً. شرح الحديث:
يُبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث حكماً بالغ الأهمية يتعلق بالتصرف في ملك الغير، فيقرر المبادئ التالية:
1- حرمة التعدي على ملكية الآخرين: فالأرض ملك للغير، والتصرف فيها دون إذن صاحبها اعتداء على حقه، وهو محرم شرعاً.
2- عدم استحقاق المعتدي لثمرة تعديه: فمن زرع في أرض غيره بغير إذنه، فإن الزرع كله يكون ملكاً لصاحب الأرض، ولا يحق للزارع أن يأخذ منه شيئاً، لأنه نبت في ملك الغير بغير حق.
3- استحقاق المعتدي للتكاليف فقط: له أن يأخذ قدر ما أنفقه من النفقة فقط، وذلك من باب العدل؛ لئلا يضيع ماله كله، ولكن بدون ربح، لأن الربح جاء من خلال التعدي والمخالفة.
4- الحكمة من إعطائه النفقة: فيها تخفيفٌ عليه ودفعٌ للضرر عنه، مع عدم مكافأته على تعديه، بل يُعطى نفقة فقط ليرد عليه ماله، ولا يزيد على ذلك.
رابعاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- احترام الملكية الفردية: الإسلام يحترم الملكية الخاصة، ويحرّم أي اعتداء عليها، سواء بالغصب أو التعدي أو الاستيلاء بغير حق.
2- الزرع تابع للأرض: مما يستفاد من الحديث أن الزرع تابع للأرض في الملكية، فمن كان الأرض ملكه فزرعه له، إلا إذا كان هناك عقد شرعي يخالف ذلك كالمزارعة أو المساقاة بإذن صاحب الأرض.
3- العدل في المعاملات: الحديث يدل على عدل الشريعة، حيث أعطت صاحب الحق حقه كاملاً، ولم تجعل للمعتدي إلا رأس ماله دون ربح.
4- التنبيه على أهمية الإذن: لا يجوز التصرف في ممتلكات الآخرين دون إذنهم، سواء كانت أرضاً أو غيرها.
5- الحديث يدخل في باب الغصب: وهذا الحكم من أحكام الغصب، فالغاصب إذا غصب أرضاً وزرعها، فالنبات لصاحب الأرض، وله أن يأخذ النفقة فقط.
خامساً:
تطبيقات معاصرة:- لو استولى شخص على أرض غيره وبنى فيها بغير إذن، فالبناء لصاحب الأرض، وله أن يأخذ تكاليف البناء فقط دون ربح.
- لو غصب أرضاً وزرعها، فالحصاد لصاحب الأرض، وله أجرة الأرض إن كانت مؤجرة، والزارع له نفقته فقط.
- ينطبق هذا على كل من تعدى على ملك غيره بأي شكل من الأشكال، فيجب رد الحقوق لأصحابها.
سادساً:
خلاصة:الحديث يُعلّمنا احترام ملكية الآخرين، ويُحذر من التعدي عليها، ويُقرر قاعدة ذهبية: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته»، أي أن الزرع كله لصاحب الأرض، والزارع المعتدي لا يستحق إلا ما أنفقه فقط.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
قال الترمذيّ: «هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من هذا الوجه من حديث شريك بن عبد اللَّه، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق.
وسألت محمد بن إسمعيل عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن. وقال: لا أعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من رواية شريك.
قال محمد: حدّثنا معقل بن مالك، حدّثنا عقبة بن الأصم، عن عطاء، عن رافع بن خديج، عن النبي ﷺ نحوه». انتهى كلام الترمذيّ.
قال الأعظمي: كذا قالا! أي من حديث شريك، عن أبي إسحاق.
وقد رواه يحيى بن آدم في كتاب الخراج (٢٩٦) عن قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق به مثله. إلا أن قيس بن الربيع ضعيف عند أهل العلم، وأنه لما كبر تغير، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه، فحدث به، وهي متابعة ضعيفة لشريك؛ لأنه أيضًا سيء الحفظ، ولكن يستأنس به.
وفي الإسناد علة أخرى، وهي الانقطاع؛ فإن عطاء، هو ابن أبي رباح، كما جاء التصريح به عند أبي عبيد في «الأموال» (٧٠٦)، وأحمد في مسنده، وكذا صرح أيضًا المزي في «تحفة الأشراف» (٣/ ١٥٢). وابن أبي رباح هذا لم يسمع من رافع بن خديج، كما قال أبو زرعة. انظر «المراسيل» (٥٦٩).
وكذلك قال الشافعي، نقل عنه البيهقي (٦/ ١٣٦) بأنه منقطع.
وأظهر ابن عدي في «الكامل» (٤/ ١٣٣٤) علة أخرى مع الانقطاع بين عطاء ورافع، وهي الإرسال بين أبي إسحاق وبين عطاء، فقال:
»وكنت أظن أن عطاء عن رافع بن خديج مرسل حتى تبين لي أن أبا إسحاق أيضًا عن عطاء مرسل، فذكر الإسناد الذي فيه الواسطة بين أبي إسحاق وعطاء.
ونقل الخطابي في معالم السنن عن البخاري تضعيف هذا الحديث إلا أنه نقل بالمعنى، فإن البخاري قال -كما في «العلل الكبير» (٤/ ٥٦٤) -: هو حديث شريك الذي تفرّد به عن أبي إسحاق. وقال: نا معقل بن مالك، عن عقبة بن الأصم، عن عطاء قال: نا رافع بن خديج بهذا الحديث». وليس فيه التصريح بأنه ضَعَّفَ الحديث.
وأما قول ابن عدي: الإرسال بين أبي إسحاق وبين عطاء فتعقبه ابن التركماني في الجوهر النقي، فقال: وأخرج البخاري في كتاب الحج من صحيحه من حديث أبي إسحاق قال: سألت مسروقا وعطاء ومجاهدا، فقالوا: أعتمر رسول اللَّه ﷺ في ذي الحجة قبل أن يحج. وهذا تصريح بسماع أبي إسحاق من عطاء». انتهى.
وأما قول البخاري -كما نقله الترمذيّ- بأنه حديث حسن، فإما أن يحمل على أنه قول حسن، أو حسن بمجموع طريقيه، وإن كان في الطريق الثاني عقبة بن الأصم لا يحتج به، كما قال البيهقي، وذلك إذا انفرد، ولكن هذا الطريق يصلح أن يكون متابعا للطريق الأول، وبهذا صح قول البخاري بأنه حديث حسن.
ويشهد له حديث سعيد بن المسيب عن رافع، كما سيأتي. وبه يقوي أبو حاتم الرازي هذا الحديث.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 172 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 147 تقسيم الأراضي المفتوحة
- 148 فضل الأرض زراعتها أو منحها للأخ
- 149 من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه
- 150 نهى رسول الله عن المحاقلة والمزابنة
- 151 رسول الله ينهى عن كراء المزارع
- 152 نهى النبي ﷺ عن كراء الأرض.
- 153 رسول الله ﷺ نهى عن كراء الأرض
- 154 رسول الله ﷺ نهى عن كراء المزارع
- 155 نهي النبي ﷺ عن إجارة الأرض بالثلث والربع
- 156 نهي رسول الله ﷺ عن كراء الأرض بالثلث والربع والطعام...
- 157 عنوان الحديث: "من استغنى عن أرضه فليمنحها أخاه أو ليدع"
- 158 نهي النبي عن المزابنة والمحاقلة
- 159 نهي النبي ﷺ عن كراء الأرض بما ينبت على الأربعاء
- 160 نهي النبي ﷺ عن كراء المزارع
- 161 كنا نكري الأرض بالناحية منها مسمى لسيد الأرض
- 162 كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه
- 163 عامل النبي ﷺ خيبر بشطر ما يخرج منها.
- 164 أعطى رسول الله خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو...
- 165 إخراج اليهود من أرض الحجاز في عهد عمر بن الخطاب.
- 166 مقاسمه خيبر واتفاق الرسول مع يهودها على العمل بنصف الثمر
- 167 أعطوا الأرض على أن لكم نصف الثمرة ولنا نصف
- 168 أن يمنح أحدكم أخاه خير من أن يأخذ خرجا معلوما
- 169 لم يحرم المزارعة ولكن أمر أن يرفق بعضهم بعضا
- 170 نهى رسول الله ﷺ عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة
- 171 نهى رسول الله عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والثنيا
- 172 من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من...
- 173 أخذوا زرعكم وردوا عليه النفقة
- 174 اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك
- 175 ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم
- 176 لو تركت زمزم لكانت عينا معينا
- 177 من أعمر أرضا ليست لأحد فهو أحق
- 178 من أحيا أرضا ميتة فهي له
- 179 من أحاط حائطا على أرض فهي له
- 180 ستَرونَ بَعدي أَثَرَةً فَاصبِروا حَتّى تَلقَوني
- 181 كنت أنقل النوى من أرض الزبير على رأسي
- 182 أعطني نعلك فقال انتعل ظل الناقة
- 183 ما يحمى من الأراك ما لم تبلغه أخفاف الإبل
- 184 لا حمى في الأراك
- 185 أعطى النبي المعادن القبلية جلسيّها وغوريّها
- 186 «إن الله لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه»
- 187 من أهل ذي المروة؟
- 188 معنى لا حمى إلا لله ولرسوله
- 189 لا حمى إلا لله ولرسوله
- 190 شرح لا حمى إلا لله ولرسوله
- 191 من أمسك كلبا فإنه ينقص كل يوم من عمله قيراط
- 192 تقاضى دينا كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما
- 193 الصلح جائز بين المسلمين
- 194 خيركم من أعتق عند الموت
- 195 خاصم الزبير عند رسول الله ﷺ في شراج الحرة التي...
- 196 اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك
معلومات عن حديث: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء
📜 حديث: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








