حديث: أعطى النبي المعادن القبلية جلسيّها وغوريّها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الإقطاع

عن عبد اللَّه بن عباس أنه قال: أعطى النبي ﷺ بلال بن الحارث المزني المعادن القبلية جلسيّها وغوريّها، وحيث يصلح الزرع من قدس.

حسن: رواه ابن زنجويه في «كتاب الأموال» (١٢٦٥) عن حميد، حدّثنا ابن أبي أويس، حدثني أبي، عن ثور بن زيد الديلي، وعن خاله موسى بن ميسرة، عن عكرمة مولى عبد اللَّه بن
عباس، عن عبد اللَّه بن عباس فذكره.

عن عبد اللَّه بن عباس أنه قال: أعطى النبي ﷺ بلال بن الحارث المزني المعادن القبلية جلسيّها وغوريّها، وحيث يصلح الزرع من قدس.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين.
أما بعد، فقد ورد هذا الحديث في كتب السنة المعتمدة، ومنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهم. وها أنا أشرحه لكم شرحاً وافياً مستعيناً بالله تعالى، معتمداً على كلام أهل العلم المعتبرين.

الحديث بلفظه كاملاً:


عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "أعطى النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المزني المعادن القبلية جلسيّها وغوريّها، وحيث يصلح الزرع من قدس".


1. شرح المفردات:


● بلال بن الحارث المزني: صحابي جليل من قبيلة مزينة، كان شريفاً في قومه، وقد أسلم قديماً وحسن إسلامه.
● المعادن: جمع معدن، وهي الأماكن التي تستخرج منها المعادن كالذهب والفضة والنحاس وغيرها. والمقصود هنا الأراضي التي فيها معادن.
● القبلية: نسبة إلى القبلة، أي جهة الجنوب، أو قد تكون اسماً لموضع معين.
● جلسيّها: ما كان منها ظاهراً على سطح الأرض لا يحتاج إلى حفر عميق للوصول إليه.
● غوريّها: ما كان منها في باطن الأرض يحتاج إلى حفر وتنقيب للوصول إليه (الغور: العمق).
● قدس: اسم مكان، وهو وادٍ معروف بالقرب من المدينة المنورة، وكانت فيه زراعة.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث يروي قصة إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم لبلال بن الحارث المزني права الانتفاع بمناجم المعادن في منطقة "قدس" وما حولها، سواء كانت معادن سطحية (جلسية) أو عميقة (غورية)، وكذلك الأراضي الصالحة للزراعة في تلك المنطقة.
وذلك أن بلال بن الحارث جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله أن يُمكِّنه من استغلال تلك المعادن والأراضي، فأعطاه إياها بشرط أن يؤدي حق الله فيها (الزكاة والخراج)، فجعلها له مِلْكاً خاصاً يستفيد منه ويستغله.


3. الدروس المستفادة منه:


1- جواز تملك المعادن واستغلالها: دل الحديث على أن المعادن يمكن أن تكون مملوكة للأفراد إذا أذن لهم ولي الأمر بذلك، بشرط أداء الحقوق الواجبة فيها.
2- تفويض الإمام للمنافع العامة: للإمام (الحاكم) أن يمنح بعض الأشخاص حق استغلال الأراضي العامة أو المعادن إذا رأى في ذلك مصلحة للمسلمين، كتنمية الثروات وتشغيل الأيدي العاملة.
3- تشجيع الاستثمار والتنمية: في هذا إشارة إلى أهمية استثمار الموارد الطبيعية لتنمية الاقتصاد وتحقيق المنفعة للأفراد والمجتمع.
4- العدل في التوزيع: ينبغي للإمام أن يعدل في توزيع الثروات والأراضي العامة، فلا يمنحها إلا لمن يستحقها ويستطيع استغلالها على الوجه المشروع.
5- أداء الحقوق الواجبة: يجب على من يمنحه الإمام هذه الامتيازات أن يؤدي زكاة ما يخرج من المعادن أو الزرع، كما هو مقرر في الشريعة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث استدل به الفقهاء على أن المعادن التي لا تزال في باطن الأرض يمكن تملكها بإذن الإمام، بخلاف المعادن الظاهرة التي تكون للجميع إلا إذا أحياها شخص فأصبحت ملكاً له.
- المنطقة المذكورة (قدس) هي وادٍ قرب المدينة، وكانت معروفة بخصوبتها وجودة معادنها.
- بلال بن الحارث المزني كان من أهل البادية، وقد استفاد من هذا العطاء في تطوير منطقته ومساعدة قومه.
- هذا العطاء من النبي صلى الله عليه وسلم كان بمثابة عقد إقطاع، وهو جائز بشروطه، ومنها أن لا يضر بمصالح المسلمين العامة.

أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفقه في الدين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن زنجويه في «كتاب الأموال» (١٢٦٥) عن حميد، حدّثنا ابن أبي أويس، حدثني أبي، عن ثور بن زيد الديلي، وعن خاله موسى بن ميسرة، عن عكرمة مولى عبد اللَّه بن
عباس، عن عبد اللَّه بن عباس فذكره.
ورواه أبو داود (٣٠٦٢)، وأحمد (٢٧٨٦)، والبيهقي (٦/ ١٤٥) كلهم من وجه آخر، عن الحسين بن محمد، حدّثنا أبو أويس بإسناده إلا أنهم لم يسوقوا لفظ الحديث، وإنما أحالوا على لفظ عمرو بن عوف المزني.
وإسناده حسن من أجل الكلام في أبي أويس، واسمه عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن أويس مختلف فيه غير أنه حسن الحديث، إلا أنه انفرد برواية هذا الحديث عن ثور بن زيد.
وحديث ابن عباس يشهد له ما روي عن عمرو بن عوف المزني أن رسول اللَّه ﷺ أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جليها وغوريها وقال غيره: جلسيها وغوريها وحيث يصلح للزرع من قدس، ولم يعطه حق مسلم، وكتب له النبي ﷺ:
«بسم اللَّه الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى محمد رسول اللَّه بلال بن الحارث المزني، أعطاه معادن القبلية جلسيها وغوريها، وحيث يصلح الزرع من قدس ولم يعطه حق مسلم».
أخرجه أبو داود (٣٠٦٢ - ٣٠٦٣)، وأحمد (٢٧٨٥)، والبيهقي (٦/ ١٤٥) كلهم من حديث محمد بن الحسين المروزي، حدّثنا أبو أويس، حدّثنا كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده فذكره.
وأبو أويس اسمه عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن أويس مختلف فيه غير أنه حسن الحديث، كما مضى. ولكن آفته شيخه كثير بن عبد اللَّه؛ فهو ضعيف باتفاق أهل العلم إلا أن البخاري كان حسن الرأي فيه، ولذا كان الترمذيّ يصحح حديثه في سنته، وكان موضع النقد من أئمة الحديث.
وله شاهد آخر، وهو ما رواه الحارث بن بلال بن الحارث المزني، عن أبيه أن رسول اللَّه ﷺ أقطعه العقيق أجمع. قال: فلما كان عمر قال لبلال: إن رسول اللَّه ﷺ لم يقطعك لتحتجزه عن النّاس، إنما أقطعه لتعمل، فخذ منها ما قدرت على عمارته، ورد الباقي.
رواه ابن زنجويه في «الأموال» (١٠٦٩)، والحاكم (١/ ٤٠٤)، وعنه البيهقي (٤/ ١٥٢) كلهم من حديث نعيم بن حماد، ثنا عبد العزيز بن محمد (الدراوردي)، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن الحارث بن بلال بن الحارث، عن أبيه فذكره.
قال الحاكم: «قد احتج البخاري بنعيم بن حماد، ومسلم بالدراوردي، وهذا حديث صحيح، ولم يخرجاه».
ولكن فيه الحارث بن بلال لم يوثّقه أحد حتى ابن حبان مع أنه على شرطه، وفي الميزان (١/ ٤٣٢): عن أبيه في فسخ الحج لهم خاصة، روى عن ربيعة الرأي وحده، وعنه الدراوردي. قال أحمد: لا أقول به، وليس إسناده بالمعروف.
قال الأعظمي: ورواه مالك في الموطأ (١/ ٢٤٨) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن غير واحد من
علمائهم أن النبي ﷺ قطع لبلال بن الحارث معادن القبلية، وهي من ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزّكاة إلى اليوم.
قال الشافعي: «ليس هذا مما يثبت أهل الحديث، ولو ثبتوه لم تكن فيه رواية عن النبي ﷺ إلا إقطاعه، فأما الزّكاة في المعادن دون الخمس فلست مروية عن النبي ﷺ فيه».
قال البيهقي (٤/ ١٥٢) بعد ما نقل كلام الشافعي: هو كما قال الشافعي في رواية مالك، وقد روي عن عبد العزيز الدراوردي، عن ربيعة موصولا، ثم ذكر الموصول، كما سبق.
والخلاصة فيه أن إقطاع النبي ﷺ لبلال بن الحارث صحيح ثابت من تعدد طرقه، وأكتفي بذكر بعضها، ولم يثبت أخذ الزّكاة من المعادن.
وقوله: «معادن القبلية من ناحية الفرع» الفرع بفتح الفاء، قرب سويقة في ديار جهينة.
وقوله: «جلسيها» يريد نجديها، ويقال لنجد جلس.
قال الأصمعي: وكل مرتفع جلس.
وقوله: «الغور» هو ما انخفض من الأرض.
يريد أنه أقطعه وهادها ورباها.
وقوله: «قدس» بضم القاف، وسكون الدال، جبل معروف. وقيل: هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزراعة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 185 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أعطى النبي المعادن القبلية جلسيّها وغوريّها

  • 📜 حديث: أعطى النبي المعادن القبلية جلسيّها وغوريّها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أعطى النبي المعادن القبلية جلسيّها وغوريّها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أعطى النبي المعادن القبلية جلسيّها وغوريّها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أعطى النبي المعادن القبلية جلسيّها وغوريّها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب