حديث: ما يحمى من الأراك ما لم تبلغه أخفاف الإبل
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في الإقطاع
حسن: رواه أبو داود (٣٠٦٤)، والترمذي (١٣٨٠)، وابن حبان (٤٤٩٩)، والدارقطني (٤/ ٢٢١) كلّهم من طريق محمد بن يحيى بن قيس المأربي قال: حدّثنا أبي، عن ثمامة بن شراحيل، عن سمي بن قيس، عن شُمير بن عبد المدان، عن أبيض بن حمال فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما، وهو حديث صحيح.
أولاً. شرح المفردات:
● أبيض بن حمال: هو صحابي جليل، من قبيلة مَذْحِج، وفد على النبي ﷺ.
● وفد إلى رسول الله ﷺ: أي قدم عليه مع وفد قومه.
● فاستقطعه: طلب منه أن يقطع له أرضاً أو منفعة (أي يعطيه إياها ملكاً أو منفعة دائمة).
● فأقطعه الملح: فأعطاه النبي ﷺ права استخراج الملح من أرض معينة (معدن الملح).
● الماء العِدَّ: (بكسر العين وتشديد الدال) هو الماء الدائم الجاري الذي لا ينقطع، كالعيون والأنهار. وقيل: هو الماء الكثير.
● فرجع فيه: أي تراجع النبي ﷺ عن إقطاعه وألغاه.
● ما يحمى من الأراك: أي ما المساحة التي يجوز للإنسان أن يخصصها (يحميها) لنفسه من أرض فيها شجر الأراك (السواك) ليرعى إبله أو غنمه فيها.
● أخفاف الإبل: هي أقدام الإبل.
ثانياً. شرح الحديث:
يحدثنا الصحابي الجليل أبيض بن حمال رضي الله عنه أنه حينما قدم مع وفد قومه على النبي ﷺ، طلب منه أن يمنحه حق استخراج الملح من أرض معينة (معدن للملح)، فاستجاب النبي ﷺ لطلبه وأعطاه هذا الحق (أقطعه إياه).
وبعد أن انصرف الرجل من عند النبي ﷺ، نبه أحد الحاضرين النبيَ ﷺ إلى طبيعة ما أعطاه، قائلاً: "يا رسول الله، هل تعلم ما الذي منحته إياه؟ إنما منحته الماء العِدَّ"، أي أن منحه معدن الملح هو في حقيقته منح له مورداً مائياً دائماً لا ينضب، لأن استخراج الملح يحتاج إلى غسله بالماء، فهو يعتمد على الماء اعتماداً أساسياً.
ففهم النبي ﷺ أن هذا الإقطاع يشبه منحه احتكاراً لمورد عام ضروري للناس (الماء)، فلم يُتمِّم هذا العطاء، بل تراجع عنه وألغاه رعاية للمصلحة العامة.
ثم سأله أبيض بن حمال عن مسألة أخرى، وهي: ما مقدار الأرض التي يجوز له أن يخصصها (يحميها) لرعي livestock في منطقة فيها شجر الأراك (الذي يستخدم للسواك، وفيه منفعة عامة)؟ فأجابه النبي ﷺ بقاعدة عادلة: «مَا لَمْ تَبْلُغْهُ أَخْفَافُ الإِبِلِ»، أي لا يجوز لك أن تحتكر مساحة كبيرة جداً، بل فقط المساحة التي تستطيع إبلك أن ترعاها وتصل إليها، فلا تضر بحق الآخرين في الانتفاع ببقية الأرض والمرعى.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- تحري المصلحة العامة ورفع الضرر عن الناس: هذا الحديث من أبلغ الأدلة على حرص الإسلام على المصلحة العامة ودرء المفاسد. فالنبي ﷺ لم يتردد في الرجوع عن قراره حين علم أنه قد يترتب عليه ضرر للناس أو احتكار لمورد عام.
2- تحريم احتكار الموارد العامة: مثل الماء والكلأ (المرعى) والنار (ومنه اليوم مصادر الطاقة)، فهذه من الأشياء التي هي مشاعة بين جميع المسلمين، لا يجوز لأحد أن يحتكرها أو يمنع الناس منها. وقد قال ﷺ: «المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار».
3- العدل والإنصاف في التصرفات: قاعدة «مَا لَمْ تَبْلُغْهُ أَخْفَافُ الإِبِلِ» توضح مبدأ العدل في الانتفاع بالمراعي والمشاعات. فلكل فرد حق الانتفاع بما يكفيه دون أن يجحف بحقوق الآخرين أو يحتكر أكثر من حاجته.
4- جواز الرجوع في الهبة والعطاء إذا ظهرت المصلحة: بيَّن الحديث أن الحاكم أو ولي الأمر له الحق بل يجب عليه الرجوع في قراره إذا تبين له أنه يضر بالمصلحة العامة، وهذا من الحكمة والمسؤولية.
5- مشروعية الإقطاع بشروطه: الإقطاع (وهو منح شخص حق الانتفاع بأرض أو منجم) جائز في الإسلام، ولكن بشرط ألا يكون في موارد عامة أو مما يضر بمصالح الناس.
6- الحكمة من مشروعية الإقطاع: هو تعمير الأرض واستخراج خيراتها، مما ينفع الأمة اقتصاديًا.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث أصل من أصول "النظرية الاقتصادية الإسلامية"، حيث ينظم علاقة الفرد بالمجتمع في الانتفاع بالموارد الطبيعية.
- الفقهاء استنبطوا من هذا الحديث أن كل ما كان من الموارد الأساسية التي لا تقوم حياة الناس بدونه، فهو ممنوع من الاحتكار، ويجب أن يكون تداوله ضمن ضوابط تحقق العدل.
- القاعدة المستفادة: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، فمصلحة فرد واحد في الانتفاع بمعدن الملح لا تقاس بمفسدة منع الماء عن عامة الناس.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وفي بعض الروايات: فانتزع منه.
وسمي بن قيس وشمير بن عبد المدان «مقبولان»، لأنهما توبعا.
ورواه ابن ماجه (٢٤٧٥)، والدارمي (٢٦٥٠)، والدارقطني كلهم من حديث فرج بن سعيد بن علقمة بن سعيد بن أبيض بن حمال السبائي المأربي، حدثني عمي ثابت بن سعيد بن أبيض، أن أباه سعيد بن أبيض حدثه عن أبيض بن حمال حدثه، فذكر نحوه.
وزاد فيه: فقطع له النبي ﷺ أرضا ونخلا بالجوف، جوف مراد مكانه حين أقاله منه. وثابت بن سعيد بن أبيض «مقبول» لأنه توبع.
وقوله: «الماء العد» هو الدائم الذي لا ينقطع مثل ماء العين وماء البئر، شبه به الملح لعدم انقطاعه وحصوله بغير كد ولا عناء.
وقوله: «الجوف» هو أرض لمراد، وقيل: هو بطن الوادي.
وفيه دليل على أن الحاكم إذا حكم بشيء ثم تبين له أن الحق في خلافة عليه الرجوع إليه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 183 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 158 نهي النبي عن المزابنة والمحاقلة
- 159 نهي النبي ﷺ عن كراء الأرض بما ينبت على الأربعاء
- 160 نهي النبي ﷺ عن كراء المزارع
- 161 كنا نكري الأرض بالناحية منها مسمى لسيد الأرض
- 162 كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه
- 163 عامل النبي ﷺ خيبر بشطر ما يخرج منها.
- 164 أعطى رسول الله خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو...
- 165 إخراج اليهود من أرض الحجاز في عهد عمر بن الخطاب.
- 166 مقاسمه خيبر واتفاق الرسول مع يهودها على العمل بنصف الثمر
- 167 أعطوا الأرض على أن لكم نصف الثمرة ولنا نصف
- 168 أن يمنح أحدكم أخاه خير من أن يأخذ خرجا معلوما
- 169 لم يحرم المزارعة ولكن أمر أن يرفق بعضهم بعضا
- 170 نهى رسول الله ﷺ عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة
- 171 نهى رسول الله عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والثنيا
- 172 من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من...
- 173 أخذوا زرعكم وردوا عليه النفقة
- 174 اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك
- 175 ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم
- 176 لو تركت زمزم لكانت عينا معينا
- 177 من أعمر أرضا ليست لأحد فهو أحق
- 178 من أحيا أرضا ميتة فهي له
- 179 من أحاط حائطا على أرض فهي له
- 180 ستَرونَ بَعدي أَثَرَةً فَاصبِروا حَتّى تَلقَوني
- 181 كنت أنقل النوى من أرض الزبير على رأسي
- 182 أعطني نعلك فقال انتعل ظل الناقة
- 183 ما يحمى من الأراك ما لم تبلغه أخفاف الإبل
- 184 لا حمى في الأراك
- 185 أعطى النبي المعادن القبلية جلسيّها وغوريّها
- 186 «إن الله لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه»
- 187 من أهل ذي المروة؟
- 188 معنى لا حمى إلا لله ولرسوله
- 189 لا حمى إلا لله ولرسوله
- 190 شرح لا حمى إلا لله ولرسوله
- 191 من أمسك كلبا فإنه ينقص كل يوم من عمله قيراط
- 192 تقاضى دينا كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما
- 193 الصلح جائز بين المسلمين
- 194 خيركم من أعتق عند الموت
- 195 خاصم الزبير عند رسول الله ﷺ في شراج الحرة التي...
- 196 اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك
- 197 اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم
- 198 من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة...
- 199 نفس المؤمن معلقة ما كان عليه دين
- 200 من بريء من ثلاث دخل الجنة
- 201 من مات وعليه دينار أو درهم قضي من حسناته
- 202 لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها
- 203 الجهاد في سبيل الله أفضل الأعمال ويكفر الخطايا إلا الدين
- 204 يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين
- 205 رسول الله ﷺ يمشي في النخل ويبارك في ثمرها.
- 206 أخوك محتبس بدينه فاقض عنه
- 207 لو كان عندي أحد ذهبا
معلومات عن حديث: ما يحمى من الأراك ما لم تبلغه أخفاف الإبل
📜 حديث: ما يحمى من الأراك ما لم تبلغه أخفاف الإبل
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما يحمى من الأراك ما لم تبلغه أخفاف الإبل
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما يحمى من الأراك ما لم تبلغه أخفاف الإبل
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما يحمى من الأراك ما لم تبلغه أخفاف الإبل
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








