حديث: من أحيا أرضا ميتة فهي له

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من أحيا أرضا مواتا فهي له

عن جابر بن عبد اللَّه، عن النبي ﷺ قال: «من أحيا أرضا ميتة فهي له».

صحيح: رواه الترمذيّ (١٣٧٩) عن محمد بن بشار، حدّثنا عبد الوهاب، حدّثنا أيوب، عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن جابر فذكره.

عن جابر بن عبد اللَّه، عن النبي ﷺ قال: «من أحيا أرضا ميتة فهي له».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي -وقال: حديث حسن صحيح-، والنسائي في "السنن الكبرى"، وغيرهم عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ».
وهو حديث صحيح، صححه جمع من أهل العلم، وهو أصل عظيم من أصول التعامل مع الأرض وإحيائها في الفقه الإسلامي.

أولاً. شرح المفردات:


● أَحْيَا: أي عمّرها وأصلحها للزراعة أو للبناء أو للسكنى، بعد أن كانت غير صالحة لذلك.
● أَرْضًا مَيْتَةً: الأرض المهملة التي لا مالك لها، والتي لا تُنتِج ولا ينتفع بها، فهي كالميتة التي لا حياة فيها. وهي التي لم يسبق تملكها أو تم التخلي عنها وأصبحت خراباً.

ثانيًا. شرح الحديث:


يُبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حكماً شرعياً عظيماً، وهو تشريع "إحياء الموات". والمقصود به أن الأرض التي لا مالك لها ولا تُستغل، إذا قام إنسان بإحيائها وإصلاحها وجعلها صالحة للانتفاع -سواء بالزراعة أو البناء أو غير ذلك- فإنها تصبح ملكاً له بمجرد هذا الإحياء.
وهذا الحكم يحقق مقصدين عظيمين:
1- تشجيع التعمير والاستصلاح: فهو حافز كبير للناس على استصلاح الأراضي المهملة وزراعتها، مما يعمّر الأرض وينفع الخلق، ويقضي على الخراب والضياع.
2- إزالة الضرر: فإحياء الأرض الميتة يمنع من تكونها مأوى للحشرات والهوام، أو مكاناً للتلوث، فيتحقق بذلك منفعة عامة.

شروط إحياء الموات:


ذكر الفقهاء شروطاً لهذا التمليك، منها:
- أن تكون الأرض مواتاً حقاً، أي لا مالك لها.
- أن يأذن الإمام (ولي الأمر) في إحيائها في زمننا هذا، لتنظيم الأمر ومنع التنازع والظلم. فليس لأحد أن يحيي أرضاً في أملاك الدولة أو الأوقاف العامة دون إذن.
- أن يكون الإحياء حقيقياً، بحيث يظهر أثر العمل على الأرض، كحرثها أو تسويتها أو بناء سور حولها، وليس مجرد ادعاء.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- الحث على التعمير والاستثمار: يحث الإسلام على تعمير الأرض واستثمار خيراتها، وجعل ذلك سبيلاً للتملك والكسب الحلال، مما ينعكس إيجاباً على اقتصاد الأمة.
2- رفع الحرج وتوسيع باب الرزق: شرع الله هذا الحكم تيسيراً على الناس وتوسيعاً لأسباب الكسب والرزق، خاصة لمن لا يملك مالاً لشراء أرض.
3- المشاركة في النفع العام: إحياء الأرض الميتة ليس نفعاً شخصياً فقط، بل هو نفع عام للمجتمع بأسره، بتوفير الغذاء والعمران.
4- العدل والمنع من الظلم: اشتراط إذن ولي الأمر فيه تحقيق للعدل ومنع للتنازع والاستيلاء على حقوق الآخرين أو ممتلكات الدولة.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يدخل تحت القاعدة الفقهية الكبرى: "الأصل في الأشياء الإباحة"، والأرض خلقها الله لمنفعة الناس.
- اختلف الفقهاء في مقدار ما يمكن إحياؤه، والأرجح أنه لا حد لذلك ما دام قادراً على إحيائه وعمارته.
- إذا تخلى الشخص عن الأرض التي أحيّاها وأهملها حتى عادت مواتاً مرة أخرى، خرجت من ملكه وأصبحت من "الموات" مرة أخرى، يجوز لغيره إحياؤها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (١٣٧٩) عن محمد بن بشار، حدّثنا عبد الوهاب، حدّثنا أيوب، عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن جابر فذكره.
قال الترمذيّ: «حسن صحيح».
وصحّحه ابن حبان (٥٢٠٥)، ورواه من وجه آخر عن عبد الوهاب الثقفي بإسناده، وزاد في آخره: «وما أكلت العوافي منها فهو له صدقة».
ورواه أحمد (١٤٢٧١) من وجه آخر عن هشام بن عروة بإسناده مثله.
ولهشام بن عروة شيخ آخر، وهو عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج قال: سمعت جابر ابن عبد اللَّه يقول فذكر الحديث. رواه الدارمي (٢٦٤٩)، وابن حبان (٥٢٠٣) من طريقه.
ويظهر من هذا أن هشام بن عروة سمع هذا الحديث من شيخين: أحدهما وهب بن كيسان، والثاني عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع - كلاهما عن جابر بن عبد اللَّه.
وعبد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع قيل: اسمه عبد اللَّه بن عبد الرحمن. وقيل: عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن رافع. وقيل غير ذلك.
وللحديث طريق آخر، وهو ما رواه أحمد (١٤٨٣٩)، وابن حبان (٢٥٠٤) كلاهما من حديث حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر فذكره.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وقال الدارقطني في «العلل» (١٣/ ٣٨٧) بعد أن ساق الروايات عن هشام، والاختلاف عليه:
«ويشبه أن يكون حديث هشام بن عروة، عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع محفوظا، وحديث هشام عن وهب بن كيسان أيضًا».
والعوافي: جمع عافية، وهو يطلق على كل من يطلب الرزق من الطير وغير ذلك.
وأما ما روي عن سعيد بن زيد، عن النبي ﷺ قال: «من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق» فهو مرسل.
رواه مالك في «الموطأ» (٢/ ٧٤٣) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي ﷺ فذكره. وتابعه يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد اللَّه بن إدريس، ويحيى بن سعيد الأموي كلّهم عن هشام، عن أبيه مرسلا، كما ذكره الدارقطني في «العلل» (٤/ ٤١٥). وكذلك رواه سفيان بن عيينة عن هشام.
وكذلك رواه محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه.
أخرج حديث هؤلاء البيهقي في «السنن الكبرى» (٦/ ١١٢).
وخالفهم جميعا أيوب السختياني، فرواه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن سعيد بن زيد، فزاد فيه: سعيد بن زيد. والوهم فيه ممن دونه، وهو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ومن طريقه رواه أبو داود (٣٠٧٣)، والترمذي (١٣٧٨)، والبيهقي (٦/ ٩٩).
قال الترمذي: «حديث حسن غريب. وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي ﷺ مرسلا».
قال الدارقطني: «المرسل عن عروة أصح».
وقال في موضع آخر في «العلل» (١٤/ ١١٣): «الثقفي عن أيوب وهم، والصحيح عن هشام، عن أبيه مرسلا».
قال الأعظمي: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ثقة ثقة، كما قال يحيى بن معين إلا أنه اختلط بأخرة قبل موته بثلاث سنين. قال الذهبي في «الميزان» (٢/ ٦٨١): «ولكن ما ضر تغيره حديثه؛ فإنه ما حدث بحديث في زمن التغير» مستدلا بقول أبي داود: «جرير بن حازم وعبد الوهاب الثقفي تغيرا، فحجب الناس عنهم».
ولكن قد يهم الثقة، كما وهم هنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي.
قال ابن عبد البر في «التمهيد» (٢٢/ ٢٨٠): «اختلف فيه على هشام، فروته عنه طائفة، عن أبيه مرسلا، وهو أصح ما قيل فيه إن شاء اللَّه. وروته طائفة عن هشام، عن وهب بن كيسان، عن
جابر. وروته طائفة عن هشام، عن عبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع، عن جابر. وبعضهم يقول فيه: عن هشام، عن عبيد اللَّه بن أبي رافع، عن جابر. وفيه اختلاف كثير».
ومعنى قوله: «ليس لعرق ظالم حق» هو أن يغصب أرض الغير، فيغرس فيها، أو يزرع فلا حق له، ويقطع غرسه وزرعه.
وأما فقه الحديث فانظره في «المنة الكبرى» (٥/ ٤٧٦).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 178 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أحيا أرضا ميتة فهي له

  • 📜 حديث: من أحيا أرضا ميتة فهي له

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من أحيا أرضا ميتة فهي له

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من أحيا أرضا ميتة فهي له

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من أحيا أرضا ميتة فهي له

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب