حديث: حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تحريم نكاح المطلقة البتة حتى تتزوج زوجا غيره ويطأها

عن عائشة قالت: طلّق رجلٌ امرأته ثلاثًا. فتزوجها رجل ثم طلّقها قبل أن يدخل بها، فأراد زوجُها الأول أن يتزوّجها. فسئلَ رسول الله عن ذلك ﷺ فقال: «لا، حتى يذوق الآخرُ من عُسيلتها ما ذاق الأولُ».

متفق عليه: رواه البخاري في الطلاق (٥٢٦١)، ومسلم في النكاح (١١٥: ١٤٣٣) كلاهما من طريق عبيد الله بن عمر، قال: حدثني القاسم بن محمد، عن عائشة، فذكرته، واللفظ لمسلم.

عن عائشة قالت: طلّق رجلٌ امرأته ثلاثًا. فتزوجها رجل ثم طلّقها قبل أن يدخل بها، فأراد زوجُها الأول أن يتزوّجها. فسئلَ رسول الله عن ذلك ﷺ فقال: «لا، حتى يذوق الآخرُ من عُسيلتها ما ذاق الأولُ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث التي تُبيّن أحكام الطلاق والزواج في الإسلام.

أولاً. شرح المفردات:


● طلّق رجلٌ امرأته ثلاثًا: أي أصدر عليها الطلاق ثلاث مرات، وهي الطلقة البائنة التي تحرمها على زوجها.
● فتزوجها رجل: أي تزوجها رجل آخر بعد انتهاء عدتها من الطلاق الأول.
● ثم طلّقها قبل أن يدخل بها: أي طلقها هذا الزوج الثاني قبل أن يجامعها.
● حتى يذوق الآخرُ من عُسيلتها ما ذاق الأولُ: "يذوق" أي يجامع، و"العُسيلة" هي العُسْل، وهو كناية عن الجماع والاستمتاع بالزوجة.

ثانيًا. شرح الحديث:


يُبيّن لنا هذا الحديث حالة امرأة طُلّقت من زوجها الأول طلاقاً بائناً (ثلاثاً)، فصارت حراماً عليه لا تحل له حتى تتزوج زوجاً غيره زواجاً صحيحاً. فتزوجها رجل آخر (وهو الزوج الثاني)، ولكن هذا الزوج الثاني طلقها قبل أن يدخل بها (أي قبل الجماع). فجاء الزوج الأول يريد أن يعيدها إلى عصمته ويتزوجها مرة أخرى.
فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنها لا تحل للزوج الأول في هذه الحالة. والشرط الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم هو: "حتى يذوق الآخرُ من عُسيلتها ما ذاق الأولُ"، أي حتى يجامعها الزوج الثاني جماعاً حقيقياً في نكاح صحيح.
فالحكمة من هذا الشرط العظيم هي:
- إتمام عملية التحليل التي شرعها الله تعالى في قوله: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]. والمراد بالنكاح هنا الذي يحللها هو النكاح الذي يتم فيه الدخول والخلوة الصحيحة، لا مجرد العقد.
- أن يكون الزواج الثاني زواجاً حقيقياً قائماً على الاستمتاع والمعاشرة، وليس مجرد وسيلة شكلية للتحليل، وهو ما يُعرف بـ "نكاح التحليل" المحرّم شرعاً.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- إبطال نكاح التحليل: يُبطل الحديث الشريف أي محاولة للتحايل على أحكام الله باستغلال الزواج الثاني مجرد عقد دون دخول لإعادة المرأة إلى زوجها الأول، ويجعل الشرط الأساسي هو حصول الجماع.
2- عظمة التشريع الإسلامي: يُظهر دقة التشريع الإسلامي وحكمته في تنظيم الحياة الزوجية، وقطع الطريق على أي استهتار بقدسية عقد الزواج أو أحكام الطلاق.
3- التأكيد على حكمة المشروعية: أن الزواج الثاني يجب أن يكون زواجاً حقيقياً قائماً على الإرادة الجادة والاستمتاع الحقيقي، مما يحفظ كرامة المرأة ويصونها عن أن تكون وسيلة أو لعبة بين الرجال.
4- الرد على من استشكل الحكمة: بيان أن حكمة الله تعالى في تشريع هذا الحكم هي ابتلاء العباد واختبار طاعتهم، وقطع دابر التحايل على الشرع.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل من أصول باب "المحلل والمحلل له" في كتب الفقه.
- اتفق جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة على أن المرأة لا تحل لزوجها الأول إلا إذا دخل بها الزوج الثاني دخولاً حقيقياً في نكاح صحيح.
- نكاح التحليل (وهو أن يتزوج الرجل المرأة بقصد أن يطلقها فتحل لزوجها الأول) محرم بإجماع العلماء، وهو من كبائر الذنوب، وقد ورد في الحديث لعن المحلل والمحلل له.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الطلاق (٥٢٦١)، ومسلم في النكاح (١١٥: ١٤٣٣) كلاهما من طريق عبيد الله بن عمر، قال: حدثني القاسم بن محمد، عن عائشة، فذكرته، واللفظ لمسلم.
تنبيه: ورواه مالك في النكاح (١٨) عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة زوج النبي ﷺ أنها سئلت عن رجل طلّق امرأته البتة، فتزوجها بعده رجل آخر، فطلّقها قبل أن يمسّها، هل يصلُحُ لزوجها الأول أن يتزوجها؟ فقالت عائشة: «لا، حتى يذوق عسيلتَها».
هكذا رواه مالك موقوفا على عائشة، ولا تعارض بين الروايتين، فعائشة ﵂ كانت تحدث به، وإذا سئلتْ تفتي به.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 298 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول

  • 📜 حديث: حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب