طلاق المرأة ثلاثًا ثم زواجها من رجل آخر ثم رغبتها في العودة إلى

حديث: طلاق المرأة ثلاثًا ثم زواجها من رجل آخر ثم رغبتها في العودة إلى

عن عكرمة، أن رفاعة طلق امرأته، فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير القرظي، قالت عائشة: وعليها خمار أخضر، فشكتْ إليها، وأرتها خضرة بجلدِها، فلما جاء رسول الله ﷺ والنساء ينصر بعضُهن بعضا، قالت عائشة: «ما رأيتُ مثل ما يلقى المؤمناتُ، لجلدُها أشدُّ خضرة من ثوبها. قال: وسمع أنها قد أتتْ رسول الله ﷺ فجاء، ومعه ابنان له من غيرها. قالت: والله ما لي إليه من ذنب، إلا أن ما معه ليس بأغنى عني من هذه، وأخذت هدية من ثوبها. فقال: كذبتْ والله يا رسول الله، إني لأنفضها نفض الأديم، ولكنها ناشزٌ، تريد رفاعة، فقال رسول الله ﷺ: «فإن كان ذلك لم تحِلّي له، أو: لم تصْلُحي له، حتى يذوقَ من عسيلتك». قال: وأبصر معه ابنين، فقال: «بنوك هؤلاء؟ «قال: نعم، قال: هذا الذي تزعمين ما تزعمين، فوالله، لهم أشبه به من الغراب بالغراب».

صحيح: رواه البخاري في اللباس (٥٨٢٥) عن محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب، أخبرنا أيوب، عن عكرمة، به.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وفيه قصة عظيمة ودرس بليغ في أحكام الطلاق والعدة والنكاح.

شرح المفردات:

● ناشز: المرأة التي تترفع عن زوجها وتأبى طاعته.
● نفض الأديم: كناية عن الجماع، والأديم هو الجلد المدبوغ.
● عسيلتك: عُسَيلتك بضم العين، أي جماعك ولبَأتك، وهو كناية عن الاستمتاع الحلال.
● أشبه به من الغراب بالغراب: مثل للشبه التام.

شرح الحديث:

تتلخص قصة الحديث في أن رفاعة القرظي طلق زوجته طلاقًا بائنًا، ثم تزوجها عبد الرحمن بن الزبير، فشكت المرأة إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما تجده من ألم وجفاف في العلاقة مع زوجها الجديد، وأظهرت لها أثر الخضرة في جلدها من شدة الضعف والهزال.
فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم، ذكرت عائشة رضي الله عنها ما رأته تعبيرًا عن تعجبها من صبر المؤمنات، فسمع الزوج (عبد الرحمن) بأنها اشتكت إلى النبي، فجاء لينفي عنها ويقول: "كذبت يا رسول الله، إني لأجامعها جماعًا شديدًا، ولكنها ناشز (أي متعالية) تريد الرجوع إلى زوجها الأول رفاعة".
فأفتاها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها إن كانت كما يقول زوجها (أي أنها لا تقبل عليه وتتمنى غيره)، فإنها لا تحل له ولا تصلح له حتى يذوق من عسيلتها – أي حتى يجامعها جماعًا حقيقيًا يزيل تلك النفرة ويؤلف بينهما.
ثم لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ابني عبد الرحمن من زوجة أخرى، وشبههما به تشبيهًا بينًا، أيقن أن المرأة صادقة في دعواها بأن زوجها لا يعدل فيها ولا يوفيها حقها من المعاشرة، إذ لو كان الأمر كما ادعى لكان أولاده منها أشبه به من هذين الولدين.

الدروس المستفادة:

1- وجوب العدل بين الزوجات: فإن تفضيل أحداهن على الأخرى يؤدي إلى النفور وفساد العلاقة.
2- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في القضاء: حيث استدل بالشبه بين الأبناء وأبيهم ليستبين له صدق المرأة.
3- جواز شكوى المرأة لولي الأمر أو العالم: إذا ظلمت أو أسيء معاملتها.
4- أن النكاح لا يتم إلا بالاستمتاع والتآلف: فإن لم يحصل ذلك كان النكاح ناقصًا.
5- عظم صبر النساء المؤمنات: وتحملهن للأذى في سبيل حفظ الأسر والبيوت.

فوائد إضافية:

- الحديث دليل على أن الطلاق البائن (وهو طلاق رفاعة) يفسخ النكاح، فإذا تزوجت المرأة زوجًا آخر ثم طُلقت أو مات، حلَّت للأول.
- وفيه أيضًا إشارة إلى أهمية التوافق العاطفي والجسدي بين الزوجين، وإلا فالنكاح غير مستقر.
- وفيه بيان لعناية الصحابة بحل المشكلات الأسرية عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله أن يوفقنا لفهم سنن نبيه والعمل بها، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في اللباس (٥٨٢٥) عن محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب، أخبرنا أيوب، عن عكرمة، به.
تنبيه: تفرد به البخاري من هذا الوجه وبهذا السياق.
تنبيه آخر: جاء في النسخة التي بين أيدينا والذي عليها شرح ابن حجر: «قالت عائشة: وعليها خمار أخضر ...» فهو صريح أنه مسند من حديث عائشة ﵂. ولكن وقع في الجمع بين الصحيحين للحميدي (٤/ ٣٢): «فأتت عائشة وعليها خمار أخضر» فساق الحديث ثم نقل عن أبي بكر البرقاني قوله: «هكذا رواه البخاري مرسلا عن بندار، وكذلك رواه حماد بن زيد، ووهيب عن أيوب مرسلا، وقد أسنده سويد بن سعيد، عن عبد الوهاب الثقفي فقال فيه: «عن ابن عباس: «أن رفاعة طلق امرأته، فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير ... وذكر الحديث اهـ.
لكن أعلّ ابن حجر رواية سويد، فقال في الفتح (١٠/ ٢٨٢) إثر قوله: «قالت عائشة: وعليها خمار ... «قال: «وفي قوله: «قالت عائشة ما يبين وهم رواية سويد، وأن الحديث من رواية عكرمة عن عائشة». اهـ.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 299 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: طلاق المرأة ثلاثًا ثم زواجها من رجل آخر ثم رغبتها في العودة إلى

📜 حديث: طلاق المرأة ثلاثًا ثم زواجها من رجل آخر ثم رغبتها في العودة إلى

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: طلاق المرأة ثلاثًا ثم زواجها من رجل آخر ثم رغبتها في العودة إلى

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: طلاق المرأة ثلاثًا ثم زواجها من رجل آخر ثم رغبتها في العودة إلى

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: طلاق المرأة ثلاثًا ثم زواجها من رجل آخر ثم رغبتها في العودة إلى

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية