حديث: اعملوا فكل ميسر لما خلق له

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في أمر قد فُرغ منه، وكلٌّ مُيسَّر لما خُلق له

عن ذي اللّحية الكلابيّ أنّه قال: يا رسول اللَّه، أنعملُ في أمرٍ مستأنف، أو أمر قد فُرغ منه؟ قال: «لا بل في أمر قد فُرغ منه». قال: ففيمَ نعمل؟ قال: «اعملوا فكلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلق له».

حسن: رواه عبد اللَّه بن أحمد في مسند أبيه (١٦٦٣٠) عن يحيى بن معين، قال: حدّثنا أبو عبيدة -يعني الحداد-، قال: حدّثنا عبد العزيز بن مسلم، عن يزيد بن أبي منصور، عن ذي اللّحية الكلابي، فذكره.

عن ذي اللّحية الكلابيّ أنّه قال: يا رسول اللَّه، أنعملُ في أمرٍ مستأنف، أو أمر قد فُرغ منه؟ قال: «لا بل في أمر قد فُرغ منه». قال: ففيمَ نعمل؟ قال: «اعملوا فكلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلق له».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح الحديث الشريف وفق منهج أهل السنة والجماعة:

الحديث:


عن ذي اللحية الكلابي أنه قال: يا رسول الله، أنعمل في أمر مستأنف، أو أمر قد فرغ منه؟ قال: «لا بل في أمر قد فرغ منه». قال: ففيم نعمل؟ قال: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له».


1. شرح المفردات:


● ذي اللحية الكلابي: رجل من قبيلة كلاب، عُرف بكثرة لحيته.
● مستأنف: أمر جديد يبدأ من الآن، لم يُقض فيه سابقًا.
● فُرغ منه: أمر انتهى وقُضي، أي مُقدَّر سابقًا.
● مُيسَّر: مُهيأ ومُسدد نحو ما كتب له.
● خُلق له: خُلق الإنسان لما قدّر له من سعادة أو شقاء.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يسأل الرجل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل الإنسان في الحياة: هل هو في أمر جديد لم يُقدّر بعد، أم في أمر قد كُتب وقُضي؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأن الأمر قد فُرغ منه وكُتب في اللوح المحفوظ، لكن هذا لا يعني ترك العمل والاجتهاد، بل يجب السعي والعمل، لأن كل إنسان سيسهل له طريق ما خُلق له من خير أو شر، سعادة أو شقاء.


3. الدروس المستفادة منه:


● الإيمان بالقدر خيره وشره: يجب على المسلم أن يؤمن بأن كل شيء بقضاء الله وقدره، وقد كُتب في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض.
● الجمع بين التوكل على الله والسعي: لا يتعارض الإيمان بالقدر مع السعي والاجتهاد، بل يجب على المسلم أن يعمل ويجتهد ثم يتوكل على الله.
● التيسير لما خُلق له: الإنسان مجبول على ما قُدّر له، فمن كان من أهل السعادة ييسر لعمل الخير، ومن كان من أهل الشقاء ييسر لعمل الشر، كما قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5-10].
● الحث على العمل الصالح: الحديث يحث على العمل والاجتهاد في الطاعات، لأن الله ييسر لعبده طريق الخير إذا كان من أهله.
● الرد على الجبرية: بعض الناس قد يتعللون بالقدر لترك الواجبات، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالعمل رغم الإيمان بأن الأمر قد فُرغ منه.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح.
- وهو من الأحاديث التي تؤصل عقيدة القدر في الإسلام، والتي يجب الإيمان بها دون تعطيل أو تفويض أو تشبيه.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على أن الأعمال تدل على ما قدّر للعبد، فمن يسر له الله عمل الخير فهو من أهل السعادة، ومن يسر له عمل الشر فهو من أهل الشقاء.
- لا يعني الحديث الجبر على المعاصي، بل الإنسان له إرادة واختيار، لكن علم الله سبق بما سيفعله.

أسأل الله تعالى أن ييسرنا لليسرى، ويبعدنا عن العسرى، وأن يجعلنا من أهل طاعته ورضاه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه عبد اللَّه بن أحمد في مسند أبيه (١٦٦٣٠) عن يحيى بن معين، قال: حدّثنا أبو عبيدة -يعني الحداد-، قال: حدّثنا عبد العزيز بن مسلم، عن يزيد بن أبي منصور، عن ذي اللّحية الكلابي، فذكره.
ومن هذا الطّريق رواه الطّبرانيّ في «الكبير» (٤٢٣٦).
قال الهيثميّ في «المجمع» (٧/ ١٩٤): «رواه ابن أحمد، والطبرانيّ، ورجاله ثقات».
قال الأعظمي: وهو كما قال، غير أن يزيد بن أبي منصور ليس في مرتبة الثقة، وإنّما هو صدوق، قال فيه أبو حاتم: ليس به بأس، وقال الذّهبيّ: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات (٥/ ٥٤٨)، واعتمد الحافظ قول أبي حاتم فقال: «لا بأس به».
وللحديث إسناد آخر يدور عليه.
رواه عبد اللَّه بن أحمد في مسند أبيه (١٦٦٣١) من وجه آخر قال: حدّثنا أبو عبد اللَّه البصريّ، حدّثنا سهل بن أسلم العدويّ، قال: حدّثنا يزيد بن أبي منصور، بإسناده، مثله.
إلّا أنّ شيخه ابا عبد اللَّه البصريّ مولى ابن سمرة واسمه: ميمون، وقيل اسم أبيه: أستاذ، ضعّفه أهلُ العلم، وأطلق عليه الحافظ لفظ «ضعيف». ولكنّه توبع في الإسناد الأوّل.
وفي الباب عن أبي بكر الصّديق، قال: قلت: يا رسول اللَّه، أنعملُ على ما قد فُرغ منه، أم على أمر مؤتنف؟ قال: «بل على أمر قد فُرغ منه». قلت: ففيمَ العمل يا رسول اللَّه؟ قال: «كلٌّ مُيسَّرٌ لما خلق له».
رواه الإمام أحمد (١٩)، والبزّار -كشف الأستار (٢١٣٦) -، والطبرانيّ في «الكبير» (٤٧)، والبيهقيّ في القضاء والقدر (٢/ ٧٢٧) كلّهم من طريق العُطّاف بن خالد، عن طلحة بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن أبيه، عن جدّه، أنّه سمع أبا بكر الصّدِّيق يقول (فذكر الحديث).
إلّا أنّ أحمد جعل بين العُطّاف بن خالد وبين طلحة بن عبد اللَّه «رجلًا من أهل البصرة».
والعُطّاف بن خالد مختلف فيه، فضعّفه النسائيُّ وابنُ حبان، ومشَّاه الآخرون، منهم: أحمد، وابنه عبد اللَّه، وابن معين، وأبو زرعة، وأبو داود، وغيرهم، فهو حسن الحديث.
ولكن شيخه طلحة بن عبد اللَّه لم يوثقه أحد، وإنّما ذكره ابنُ حبان في «الثقات» (٤/ ٣٩٢) وقال: «روى عنه عثمان بن أبي سليمان، وابنه محمد بن طلحة. ولذا قال فيه الحافظ: «مقبول». أي إذا توبع وإلّا فليّن الحديث.
وأمّا الهيثميّ فاعتمد على توثيق ابن حبان، فقال في: مجمعه (٧/ ١٩٤): «رواه أحمد، والبزّار، والطّبرانيّ وقال: عن عُطّاف بن خالد، حدّثني طلحة بن عبد اللَّه. وعُطّاف وثّقه ابن معين وجماعة، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات إلّا أنّ في رجال أحمد رجلًا مبهمًا لم يُسمَّ» انتهى.
وقال البيهقيّ: «ورُوي عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي بكر الصّديق من قوله في معناه».
وفي الباب أيضًا عن ابن عباس، قال: قال رجل: يا رسول اللَّه، أنعمل فيما جرتْ به المقادير، وجفَّ القلم، أو شيء نأتنفه؟ قال: «بل لما جرتْ به المقادير وجفّ به القلم». قال: ففيمَ العمل؟ قال: «اعمل، فكلٌّ مُيَسَّرٌ».
رواه الطّبرانيّ في: الكبير (١٠٨٩) عن عبدان بن أحمد، ثنا محمد بن عبد اللَّه بن عبيد بن عقيل، ثنا إبراهيم بن سليمان الدبَّاس، ثنا يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عن عمرو بن دينار، عن
طاوس، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل إبراهيم بن سليمان الدّبّاس وهو بصريٌّ، ذكره ابنُ حبان في الثقات (٨/ ٦٩).
ويقال له أيضًا إبراهيم بن سليمان الزيات، ذكره أيضًا ابن حبان في: الثقات (٨/ ٦٥) وقال: «من أهل الكوفة، سكن البصرة، روى عنه إبراهيم بن راشد الآدميّ، وأهل العراق». هكذا فرّق بينهما ابن حبان، فإن كان هو إبراهيم بن سليمان الزّيّات، فقد تكلّم فيه ابن عدي في: الكامل (١/ ٢٦٤) فقال: «ليس بالقوي». وترجمة الحافظ في اللسان (١/ ٦٥).
وفي الإسناد رجال لا أعرفهم.
ورواه البزّار -كشف الأستار (٢١٣٩) - من وجه آخر عن المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: كتب ليث إلى سليمان بن طرخان: حدّثني حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، نحوه. إلّا أنّه قال في آخره: «فقال القومُ بعضهم لبعض: فالجِدُّ إذًا».
قال البزّار: لا نعلم رواه عن حبيب إلّا ليث، ولا عنه إلّا سليمان. وأمّا قول الهيثميّ في: المجمع (٧/ ١٩٥): «رواه الطبرانيّ، والبزّار بنحوه، إلّا أنّه قال في آخره: «فقال القوم بعضهم لبعض: فالجدّ إذا». ورجال الطّبرانيّ ثقات، تبعًا لابن حبان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 992 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اعملوا فكل ميسر لما خلق له

  • 📜 حديث: اعملوا فكل ميسر لما خلق له

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اعملوا فكل ميسر لما خلق له

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اعملوا فكل ميسر لما خلق له

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اعملوا فكل ميسر لما خلق له

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب