حديث: كل امرئ مهيأ لما خلق له

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في أمر قد فُرغ منه، وكلٌّ مُيسَّر لما خُلق له

وعن أبي الدّرداء، قال: قالوا: يا رسول اللَّه، أرأيتَ ما نعملُ، أمرٌ قد فُرغ منه، أم شيءٌ نسْتأنفه؟ قال: «بل أمر قد فُرِغ منه». قالوا: فكيف بالعمل يا رسول اللَّه؟ قال: «كلُّ امرئ مهيَّأٌ لما خُلق له».

حسن: رواه الإمام أحمد (٢٧٤٨٧) عن هيثم، -قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد: وسمعته أنا من هيثم-، قال: أخبرنا أبو الرّبيع، عن يونس، عن أبي إدريس، عن أبي الدّرداء، فذكره.

وعن أبي الدّرداء، قال: قالوا: يا رسول اللَّه، أرأيتَ ما نعملُ، أمرٌ قد فُرغ منه، أم شيءٌ نسْتأنفه؟ قال: «بل أمر قد فُرِغ منه». قالوا: فكيف بالعمل يا رسول اللَّه؟ قال: «كلُّ امرئ مهيَّأٌ لما خُلق له».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يفتح لنا أبواب فضله وكرمه، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين وارض عنا يا أكرم الأكرمين.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً مستعيناً بالله تعالى.

أولاً. شرح المفردات:


● أرأيتَ ما نعملُ: أي أخبرنا يا رسول الله عن أعمالنا التي نعملها في الدنيا.
● أمرٌ قد فُرغ منه: أي شيء قد قُضِيَ وانتهى وكُتِبَ في اللوح المحفوظ.
● أم شيءٌ نستأنفه؟: أي أم هو أمر جديد نبتدئه ونعمل به من تلقاء أنفسنا؟
● بل أمر قد فُرِغ منه: أي بل هو أمر مكتوب ومقدر سابقاً.
● كلُّ امرئ مهيَّأٌ لما خُلق له: أي كل إنسان مُهَيَّأٌ ومُعَدٌّ للعمل الذي خُلق من أجله وقُدّر له.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يسأل الصحابة الكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حقيقة أعمالهم: هل هي مقدرة مسبقاً وقد انتهى الكتاب بها، أم أنهم يبدؤونها ويختارونها بمحض إرادتهم؟ فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنها مقدرة سابقاً ومكتوبة في علم الله تعالى. فلما استشكلوا كيف يكون العمل مع وجود القضاء والقدر، بيّن لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن كل إنسان يسير وفق ما خُلق له ومُهيأ له، ولكن هذا لا ينفي اختياره وإرادته ضمن هذه السنن الإلهية.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الإيمان بالقضاء والقدر: الحديث أصل عظيم من أصول الإيمان، وهو الإيمان بقدر الله تعالى وأن علمه سبحانه أحاط بكل شيء، وقد كتب مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
2- الجمع بين القدر والاختيار: لا تعارض بين إيمان العبد بالقدر وبين قيامه بالأعمال باختياره وإرادته. فالعبد فاعل حقيقي لأفعاله باختياره، وهي داخلة تحت قدر الله تعالى وعلمه السابق.
3- الحكمة من السؤال: حرص الصحابة رضي الله عنهم على فهم دينهم، وسؤالهم عن أهم المسائل التي تتعلق بالإيمان والعمل.
4- الاستعداد والتهيؤ: قوله صلى الله عليه وسلم "مهيأ" يدل على أن الله تعالى يهيئ الأسباب والظروف التي تؤدي بالعبد إلى ما قدّر له، مع بقاء اختياره.
5- الحث على العمل والاجتهاد: لا ينبغي للعبد أن يتواكل أو يتكاسل بحجة أن الأمر مقدر، بل عليه أن يعمل ويجتهد لأنه لا يعلم ما خُلق له، فربما كان خلق للسعادة فيعمل لأجلها.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تدخل في باب القضاء والقدر، وهو من الإيمان بالله تعالى.
- يجب على المسلم أن يؤمن بأن الله تعالى علم一切 وكتبه في اللوح المحفوظ، وأن مشيئة الله نافذة وقدرته شاملة.
- مع الإيمان بالقدر، فإن العبد مأمور بالأخذ بالأسباب والاجتهاد في الطاعات، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له".
- الإيمان بالقدر يورث العبد راحة قلبية وطمأنينة، لأنه يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يهدينا لأحسن الأقوال والأعمال. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٢٧٤٨٧) عن هيثم، -قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد: وسمعته أنا من هيثم-، قال: أخبرنا أبو الرّبيع، عن يونس، عن أبي إدريس، عن أبي الدّرداء، فذكره.
وهيثم هو ابن خارجة صدوق، وقد تُوبع أيضًا.
وأبو الرّبيع هو سليمان بن عتبة الدّمشقيّ، مختلف فيه، فقال الإمام أحمد: لا أعرفه، وقال يحيى بن معين: لا شيء.
ووثّقه دُحيم، وقال أبو حاتم: ليس به بأس، وهو محمود عند الدّمشقيين. وكان الهيثم بن خارجة، وهشام بن عمّار يوثقانه، وذكره ابن حبان في «الثقات» فهو لا ينزل عن درجة «صدوق»، وكذا قال فيه الحافظ أيضًا وزاد: «له غرائب».
وأخرجه الفريابيّ في القدر (٣٨)، والبزّار -كشف الأستار (٢١٣٨) -، والحاكم (٢/ ٤٦٢)، والبيهقيّ في القضاء والقدر (١/ ٢٣١) كلّهم من حديث سليمان بن عبد الرحمن الدّمشقيّ، عن أبي الرّبيع، به، وهذا لفظ الفريابيّ:
عن أبي الدّرداء، عن رسول اللَّه ﷺ أنّه قيل له: أرأيتَ ما نعملُ أشيءٌ قد فُرغ منه، أم شيء نستأنفه، قال: «كلُّ امرئٍ مهيَّأ لما خلقَ له». ثم أقبل يونس علي سعيد بن عبد العزيز، فقال له: إنّ تصديق هذا الحديث في كتاب اللَّه عز وجل، فقال له سعيد: أَبِنْ لي يا حلبس، قال: أما تسمع اللَّه عز وجل يقول في كتابه: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً. . .﴾ [سورة الحجرات: ٧ - ٨] أرأيتَ يا سعيد، لو أنّ هؤلاء أهملوا كما يقول الأخابث، أين كانوا يذهبون حيث حبّب إليهم وزيّن لهم، أم حيث كُرِّه إليهم وبُغض إليهم». ولفظهما مختصر.
قال البزّار: «إسناده حسن». وقال الحاكم: «صحيح الإسناد». وتعقبه الذّهبيّ فقال: «بل قال ابن معين: سليمان بن عتبة لا شيء». قلت: وقد وثّقه غيره.
ورواه ابن أبي عاصم في: السنة (٢٤٦) عن هشام بن عمّار، ثنا سليمان بن عنبة، بإسناده، ولفظه: «إنّ العبد لا يبلغ حقيقة الإيمان حتى يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه».
ورواه أيضًا أحمد (٢٧٤٩٠) عن هيثم، قال: حدّثنا أبو الربيع بإسناده، مثله.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 990 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كل امرئ مهيأ لما خلق له

  • 📜 حديث: كل امرئ مهيأ لما خلق له

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كل امرئ مهيأ لما خلق له

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كل امرئ مهيأ لما خلق له

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كل امرئ مهيأ لما خلق له

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب