خلق الله كل نفس، فكتب حياتها، وموتها، ومصيباتها، ورزقها

حديث: خلق الله كل نفس، فكتب حياتها، وموتها، ومصيباتها، ورزقها

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا يُعدي شيءٌ شيئًا، لا يعدي شيءٌ شيئًا» ثلاثًا. قال: فقام أعرابيٌّ فقال: يا رسول اللَّه، إنّ النُّقْبةَ تكون بمشْفر البعير، أو بعَجْبه فتشْتملُ الإبلَ جَرَبًا، قال: فسكتَ ساعةً، ثم قال: «ما أعدى الأوّلَ؟ لا عدْوى، ولا صَفَر، ولا هامَةَ. خلق اللَّه كلَّ نفس، فكتب حياتَها، وموتَها، ومُصيباتها، ورزْقها».

صحيح: رواه الإمام أحمد (٨٣٤٣) عن هاشم، حدّثنا محمد بن طلحة، عن ابن شُبْرمة، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا جميعاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحديث المطلوب شرحه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا يُعدي شيءٌ شيئًا، لا يعدي شيءٌ شيئًا» ثلاثًا. قال: فقام أعرابيٌّ فقال: يا رسول اللَّه، إنّ النُّقْبةَ تكون بمشْفر البعير، أو بعَجْبه فتشْتملُ الإبلَ جَرَبًا، قال: فسكتَ ساعةً، ثم قال: «ما أعدى الأوّلَ؟ لا عدْوى، ولا صَفَر، ولا هامَةَ. خلق اللَّه كلَّ نفس، فكتب حياتَها، وموتَها، ومُصيباتها، ورزْقها».
راوي الحديث: هو الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، عبد الرحمن بن صخر الدوسي، أكثر الصحابة رواية للحديث.

الشرح التفصيلي:

# 1. شرح المفردات:

● لا يُعدي شيءٌ شيئًا: أي لا تنقل المرض بذاتها من شخص لآخر أو من حيوان لآخر بمجرد الاختلاط.
● النُّقْبة: الجَرَب، وهو مرض جلدي معدي.
● مشْفر البعير: طرف شفته.
● عَجْبه: ذنبه.
● فتشْتملُ الإبلَ جَرَبًا: فتصاب الإبل السليمة بالجرب من مجرد مخالطة الجربى.
● سكت ساعة: أي صمت النبي صلى الله عليه وسلم فترة من الزمن للتفكر وإعداد الجواب.
● ما أعدى الأول؟: استفهام إنكاري، أي من الذي أصاب أول بعير بالجرب حتى ينقله لغيره؟!
● لا صَفَر:
- قيل: هو شهر صفر، وكانوا يتشاءمون منه.
- وقيل: هو داء في البطن يصيب الإبل، وكانوا يعتقدون أنه يعدي.
● لا هامَةَ: الهامة هي طائر (البومة)، وكانوا في الجاهلية يعتقدون أن إذا قُتل إنسان وترك بلا ثأر، تصير روحه هامة (طائراً) تطير وتصرخ "اسقوني اسقوني" حتى يُؤخذ بثأره.
● خلق اللَّه كلَّ نفس، فكتب حياتَها، وموتَها، ومُصيباتها، ورزْقها: أي أن كل شيء مقدر عند الله سبحانه وتعالى في اللوح المحفوظ، فلا يحدث شيء في الكون إلا بقضاء الله وقدره.

# 2. المعنى الإجمالي للحديث:

يبدأ الحديث بنفي النبي صلى الله عليه وسلم للعدوى بمعناها الجبري (بذاتها) ثلاث مرات للتأكيد على أن الاعتقاد السائد في الجاهلية بأن الأمراض تنتقل بقوة ذاتية بدون مشيئة الله هو اعتقاد باطل.
فوقف أعرابي يستشكل هذا النفي بحقيقة مشاهدة في الواقع، وهي أن البعير الجربى إذا خالطت الإبل السليمة فإنها تصاب بالجرب، فكيف ينفي النبي العدوى مع وجود هذه المشاهدة؟
فصمت النبي صلى الله عليه وسلم ليربي أصحابه على التفكر، ثم أجاب بالحكمة البالغة، موضحاً أن الأصل في الإصابة هو قدر الله، لا مجرد المخالطة. فلو كانت العدوى مؤثرة بذاتها لكان السؤال: من الذي أصاب البعير الأول بالجرب أصلاً؟! فالإصابة الأولى جاءت بقدر الله، وكذلك الانتقال يكون بقدر الله، وليس بمجرد المخالطة. فالمخالطة سبب ظاهري، ولكن المؤثر الحقيقي هو إرادة الله وقدره.
ثم أتبع ذلك بنفي معتقدين آخرين من معتقدات الجاهلية الباطلة، وهما التشاؤم بشهر صفر واعتقادهم في الهامة، ليؤصل العقيدة الصحيحة وهي الإيمان بالقدر خيره وشره، وأن كل ما يصيب الإنسان من رزق أو مصيبة أو حياة أو موت فهو مكتوب عند الله تعالى.

# 3. الدروس المستفادة والعبر:

1- إثبات عقيدة القدر: الحديث أصل عظيم من أصول الإيمان، وهو الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن كل شيء في الكون يحدث بمشيئته تعالى وحكمته.
2- الرد على الخرافات والاعتقادات الباطلة: مثل العدوى بمعناها الجبري، والتشاؤم بالأزمنة أو الطيور، وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
3- التوفيق بين النصوص الشرعية والحقائق العلمية: لا ينفي الحديث الأخذ بالأسباب والحجر الصحي، كما في حديث «فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ» (رواه البخاري). بل يوضح أن الأسباب لا تؤثر بذاتها، بل بإذن الله ومشيئته. فالمسلم يتخذ الأسباب (كاجتناب المريض) مع التوكل على الله والاعتقاد أن النفع والضرر بيده وحده.
4- أدب طالب العلم: كان موقف الأعرابي في سؤاله واستشكاله نموذجياً لأخذ العلم وفهمه، ولم يكن اعتراضاً.
5- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم: حيث صمت ليفكر الصحابة وليعد الجواب الشافي الذي يزيل الإشكال.
6- تحريم التشاؤم (الطيرة) بالأشياء أو الأوقات أو الطيور، لأن ذلك ينافي كمال التوحيد والتوكل على الله.

# 4. معلومات إضافية:

● الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالعقيدة.
● الجمع بين نفي العدوى والأمر بالفرار من المجذوم: أن نفي العدوى في هذا الحديث هو نفي للاعتقاد الجاهلي الذي يجعل

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٨٣٤٣) عن هاشم، حدّثنا محمد بن طلحة، عن ابن شُبْرمة، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه أبو يعلى (٦١١٢)، والفريابي في القدر (٢١٤)، وصحّحه ابن حبان (٦١١٩) كلّهم من طريق عبد اللَّه بن شبرمة، بإسناده، نحوه.
وعبد اللَّه بن شبرمة أبو شبرمة الكوفيّ القاضيّ، فقيه أهل الكوفة، عداده في التابعين، ثقة من رجال مسلم وغيره، روي عن أبي زرعة بن عمرو وغيره، وعنه محمد بن طلحة بن مصرف وغيره.
والذي في «السنة» (٤١٩) لابن أبي عاصم من طريق الوليد بن مسلم، عن رجل من آل شبرمة، عن أبيه، عن أبي زرعة، بإسناده.
أخشى أن يكون فيه خطأ في قوله «عن أبيه» إن كان الرجل من آل شبرمة هو عبد اللَّه بن شبرمة فإنّ الحديث لعبد اللَّه بن شبرمة، وليس لولده.
وللحديث إسناد آخر رواه الترمذيّ (٢١٤٣) من طريق عمارة بن القعقاع، حدّثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير، قال: حدّثنا صاحب لنا، عن ابن مسعود، قال: قام فينا رسول اللَّه ﷺ فقال. . . فذكره.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا الإمام أحمد (٤١٩٨) فالذي يظهر أن أبا زرعة كان يروي هذا الحديث من وجهين: مرّة عن أبي هريرة، وأخرى عن أبي هريرة، عن ابن مسعود؛ لأنّ المبهم في هذا الإسناد هو أبو هريرة بدون شكّ.
والحديث صحيح من كلا الوجهين.
قوله: «النُّقبة» هي أوّل شيء يظهر من الجرب.
وقوله: «بمِشْفر» المِشْفر: هو للبعير كالشّفة للإنسان.
وقوله: «بعَجْبه» العجب: أصلُ الذّنب.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 996 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خلق الله كل نفس، فكتب حياتها، وموتها، ومصيباتها، ورزقها

📜 حديث: خلق الله كل نفس، فكتب حياتها، وموتها، ومصيباتها، ورزقها

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: خلق الله كل نفس، فكتب حياتها، وموتها، ومصيباتها، ورزقها

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: خلق الله كل نفس، فكتب حياتها، وموتها، ومصيباتها، ورزقها

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: خلق الله كل نفس، فكتب حياتها، وموتها، ومصيباتها، ورزقها

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية