حديث: فرغ الله إلى كل عبد من خمس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عمّا سبق به القدر

عن أبي الدّرداء، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «فرغ اللَّه إلى كلّ عبد من خمس: من رزقه، وأجله، وعمله، وأثره، ومضجعه».

حسن: رواه ابن حبان في صحيحه (٦١٥٠) عن الحسين بن عبد اللَّه القطّان بالرّقة، قال: حدّثنا هشام بن عمّار، قال: حدّثنا الوزير بن صبيح، قال: حدّثنا يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أمّ الدّرداء، عن أبي الدّرداء، فذكره.

عن أبي الدّرداء، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «فرغ اللَّه إلى كلّ عبد من خمس: من رزقه، وأجله، وعمله، وأثره، ومضجعه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يوضح جانباً من قدرة الله تعالى وعلمه المحيط، وإليك شرحه على النحو التالي:

الحديث بلفظه:


عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَرَغَ اللَّهُ إلى كُلِّ عَبْدٍ مِنْ خَمْسٍ: مِنْ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَأَثَرِهِ، وَمَضْجَعِهِ».
(رواه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، وهو حسن في صحيح الجامع)


1. شرح المفردات:


● فَرَغَ اللَّهُ: أي أتمَّ وقضى وأحكم، والمعنى أن الله تعالى قد انتهى وقضى أمر هذه الخمس وقدرها تقديراً محكماً لا يتغير.
● إِلَى كُلِّ عَبْدٍ: يشمل هذا كل إنسان مكلف.
● مِنْ خَمْسٍ: من خمس خصال أو أمور.
● رِزْقِهِ: ما يكتبه الله للعبد من أرزاق وأقوات، سواء كان قليلاً أم كثيراً، حلالاً أم حراماً.
● أَجَلِهِ: مدة عمره ووقت وفاته، فلا يتقدم عنه ولا يتأخر.
● عَمَلِهِ: ما سيعمله العبد في دنياه من خير أو شر، وسيجزى عليه.
● أَثَرِهِ: آثاره التي يخلفها بعد موته، كالعلم النافع، أو الولد الصالح، أو الصدقة الجارية، أو غيرها من الأعمال التي ينتفع بها الناس ويجري له أجرها.
● مَضْجَعِهِ: مكان موته ومدفنه، سواء في بلده أو غربته، في بر أو بحر.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الله تعالى قد أحكم وقضى وأتم أمر خمسة أشياء لكل إنسان، وكتبها عنده في اللوح المحفوظ، فهي أمور مقدرة لا تتغير ولا تتبدل، وهي: مقدار رزقه، ووقت أجله (موته)، وأعماله التي سيعملها في حياته، والآثار التي سيخلفها بعد موته، والمكان الذي سيموت ويُدفن فيه.
وهذا كله داخل في علم الله الأزلي وقدرته النافذة، وهو من الإيمان بالقدر خيره وشره.


3. الدروس المستفادة منه:


1- التعريف بعظمة الله وقدرته: الحديث يثبت سعة علم الله وإحاطته بكل شيء، وأنه قدَر المقادير وكتبها قبل خلق الخلق.
2- الإيمان بالقدر: يجب على المسلم أن يؤمن بقدر الله تعالى في هذه الأمور وغيرها، فيرضى بقضائه ويستسلم لأمره.
3- الطمأنينة والسكينة: علم العبد أن رزقه وأجله قد كُتبا يدفع عنه القلق والحزن على ما فاته، ويمنعه من التكاسل عن العمل بحجة أن الرزق مكتوب.
4- الحث على العمل الصالح: إذا كان العمل والأثر مكتوبين، فهذا يحفز المسلم على أن يجعل عمله خالصاً لله، وأن يحرص على أن يخلف وراءه أثراً طيباً ينتفع به بعد موته.
5- عدم اليأس من رحمة الله: حتى لو كان قدر الله قد سبق، فإن على العبد أن يجتهد في طلب الرزق الحلال، والعمل الصالح، والدعاء، فإن الأسباب مما قدّره الله أيضاً.
6- التوكل على الله: بعد الأخذ بالأسباب، يتوكل العبد على الله حق توكله، لأنه يعلم أن النتيجة最终 بيد الله وحده.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تُعرف بـ "أحاديث القدر"، وهي كثيرة في السنة النبوية.
- لا يتعارض هذا الحديث مع الأخذ بالأسباب، فالله قدّر المقادير وقدّر لها أسباباً، فالسعي في الأرض لطلب الرزق من الأسباب المقدورة.
- الفرق بين "العمل" و"الأثر": العمل هو ما يفعله الإنسان في حياته، أما الأثر فهو ما يبقى بعد موته وينتفع به الناس، كعلم ينتشر، أو مسجد يُبنى، أو صدقة جارية.
- الإيمان بالقدر لا يعني التواكل وترك السعي، بل يعني بذل الجهد ثم الرضا بما قضاه الله.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الفهم في الدين والعمل به.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن حبان في صحيحه (٦١٥٠) عن الحسين بن عبد اللَّه القطّان بالرّقة، قال: حدّثنا هشام بن عمّار، قال: حدّثنا الوزير بن صبيح، قال: حدّثنا يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أمّ الدّرداء، عن أبي الدّرداء، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الوزير بن صبيح فإنّه حسن الحديث قال أبو حاتم «صالح الحديث»، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وأخرج حديثه في صحيحه، وقد تُوبع.
رواه الإمام أحمد (٢١٧٢٢)، والطّبراني في «الأوسط» (٣١٤٤)، وابن أبي عاصم في السنة (٣٠٤ - ٣٠٦، ٣٠٨) كلّهم من طرق عن خالد بن يزيد، عن يونس بن ميسرة، به، مثله.
وخالد بن يزيد هو ابن صالح بن صبيح، ثقة، إلّا أنّ الرّاوي عنه عند الإمام أحمد الفرج بن فضالة وهو ضعيف، ولكنه توبع.
ورواه الإمام أحمد (٢١٧٢٣) من طريق آخر عن زيد بن يحيى الدّمشقيّ، حدّثنا خالد بن صبيح المريّ قاضي البلقاء، حدّثنا إسماعيل بن عبيد اللَّه، أنّه سمع أمّ الدّرداء تحدِّث عن أبي الدّرداء، فذكر الحديث مرفوعًا، ولفظه: «فرغ اللَّه إلى كلّ عبد من خمس: من أجله، ورزقه، وأثره، وشقي أم سعيد».
هذا إسناد صحيح، إسماعيل بن عبيد اللَّه هو ابن أبي المهاجر، واسمه أقرم القرشيّ المخزوميّ مولاهم، ثقة من رجال الشيخين.
ورواه البزار -كشف الأستار (٢١٥٢) - من وجه آخر عن عبد اللَّه بن أحمد، ثنا صفوان بن صالح، ثنا العوّام بن صبيح، ثنا يونس بن ميسرة، عن أمّ الدّرداء، عن أبي الدّرداء مرفوعًا، ولفظه: «فرغ اللَّه إلى كلّ عبد من اجله، ورزقه، ومضجعه، وأثره».
قال البزّار: «روي عن أبي الدرداء من غير وجه، وهذا أحسنها».
وقال الهيثميّ في «المجمع» (٧/ ١٩٥): «رواه أحمد، والبزّار، والطّبرانيّ في الكبير والأوسط، وأحد إسنادي أحمد رجاله ثقات».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 997 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فرغ الله إلى كل عبد من خمس

  • 📜 حديث: فرغ الله إلى كل عبد من خمس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: فرغ الله إلى كل عبد من خمس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: فرغ الله إلى كل عبد من خمس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: فرغ الله إلى كل عبد من خمس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب