الدعاء يرد القدر

حديث: الدعاء يرد القدر

عن أنس، عن النّبيّ ﷺ قال: «ادعوا فإنّ الدّعاء يردُّ القدر».

حسن: رواه الطبرانيّ في كتاب: الدّعاء (٢٩) عن عثمان بن عمر الضّبيّ، ثنا عبد اللَّه بن رجاء، أنبأنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن أنس بن مالك، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أنس، عن النّبيّ ﷺ قال: «ادعوا فإنّ الدّعاء يردُّ القدر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم، رواه الإمام الترمذي في سننه، وهو حسن، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: «ادْعُوا فَإِنَّ الدُّعَاءَ يَرُدُّ الْقَدَرَ».
وفي رواية أخرى: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ».
وفيما يلي شرحه وبيانه على منهج أهل السنة والجماعة:

1. شرح المفردات:

* ادعوا: الأمر بالدعاء، وهو سؤال العبد ربه، والتضرع إليه، والابتهال له بطلب الحاجات وكشف الضر.
* القدر: هو ما قدّره الله تعالى وقضاه في الأزل، مما سيكون من خير أو شر، نفع أو ضر.
* يردُّ: يدفع ويصرفه، ويمنع وقوعه أو يخفف منه.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يأمر النبي ﷺ أمته بالإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، ويبين لهم أن الدعاء سبب عظيم لدفع المقادير المكتوبة التي قد تكون شراً أو ضراً، أو لجلب مقادير الخير. فالدعاء لا يناقض القدر، بل هو من جملة الأسباب التي قدّرها الله وسخرها لتحقيق مقاصده.

3. الدروس المستفادة والفَوائد العَقَدِيّة والعَمَلِيّة:

1- إثبات القدر خيره وشره: الحديث أصل من أصول الإيمان بالقدر، فهو يقرر أن هناك قدراً مكتوباً، والدعاء يتعلق به.
2- الدعاء من القدر نفسه: لا تعارض بين الدعاء والقدر، بل الدعاء هو سبب قدّره الله تعالى لدفع البلاء أو تحويله. فكما أن الأكل سبب للشبع، والشرب سبب للري، فكذلك الدعاء سبب لرد القدر. فالله قدّر البلاء، وقدّر معه الدعاء ليرده، فالتقى السبب (الدعاء) بالمسبب (رد البلاء) بحكم الله وقدره.
3- بيان عظمة مكانة الدعاء: الدعاء ليس مجرد كلمات تقال، بل هو عبادة عظيمة لها تأثيرها في الواقع، وقد جعل الله له تأثيراً في تغيير المقادير، كما في قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39]. والدعاء من أسباب المحو والإثبات.
4- الحث على الإكثار من الدعاء في كل حال: لا ينبغي للمسلم أن يستسلم للقدر المكتوب ويقول "مكتوب عليَّ"، بل عليه أن يسعى بالأسباب المشروعة، وأعظمها الدعاء. فالدعاء سلاح المؤمن، يعتصم به من كل شر.
5- تفويض الأمر إلى الله مع الأخذ بالأسباب: المسلم يؤمن بقدرة الله المطلقة، ويوقن أن كل شيء بقضائه وقدره، ولكنه في نفس الوقت يأخذ بالأسباب التي شرعها الله، ومن أعظمها الدعاء، ثم يتوكل على الله ويُفوّض أمره إليه.
6- الرد على من يحتج بالقدر على المعاصي: بعض الناس إذا أُمر بمعروف أو نُهي عن منكر قال "هذا قدري!"، وهذا فهم فاسد. فالقدر لا يُحتج به على المعاصي، والدعاء يدل على أن العبد مأمور بفعل الأسباب، ومحاسب على تقصيره فيها.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* هل يرد الدعاء القدر المكتوب في اللوح المحفوظ؟
الجواب: أن القدر نوعان:
1- قدر مطلق في أم الكتاب (اللوح المحفوظ): وهذا لا يتغير ولا يتبدل.
2- قدر معلق: وهو ما يكتبه الملائكة، وهذا قد يتغير بالدعاء وغيره من الأسباب، كما في حديث: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» (متفق عليه). فالدعاء يرد هذا القدر المعلق، ويحول دون وقوعه، أو يخفف منه إذا وقع.
* شروط الدعاء المستجاب: حتى يكون الدعاء مؤثراً في رد القدر، لا بد من تحقق شروط الدعاء وآدابه، مثل: الإخلاص، وحضور القلب، واليقين بالإجابة، وأكل الحلال، وعدم الاستعجال، والدعاء في أوقات الإجابة (كالثُلث الأخير من الليل، بين الأذان والإقامة، عند نزول المطر... إلخ).
* من حكمته تعالى: أن يقدّر البلاء ثم يقدّر الدعاء لرفعه، ليظهر بذلك كمال عبودية العبد لربه من خلال لجوئه إليه، وليتضح فضل الله ورحمته بإجابة الدعاء ودفع الضر.

الخاتمة:
فهذا الحديث نور من السنة يهدي المسلم إلى سلوك طريق النجاة، وهو الدعاء، الذي به يتحقق معنى العبودية لله، ويُدفع به القدر بقدرة القادر سبحانه. فليحرص المسلم على أن يكون دائم الدعاء، راجياً رحمة ربه، متوكلاً عليه حق التوكل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبرانيّ في كتاب: الدّعاء (٢٩) عن عثمان بن عمر الضّبيّ، ثنا عبد اللَّه بن رجاء، أنبأنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن أنس بن مالك، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد اللَّه بن رجاء هو ابن عمر الغداني -بضم الغين- قال ابن معين: كان شيخًا صدوقًا، وذكره ابن حبان في «الثقات» (٨/ ٣٤١)، وروى له البخاريّ. وبقية رجاله ثقات غير شيخ الطّبراني وهو عثمان بن عمر الضبيّ لا يعرف عنه شيء إلّا أنّ السجزي نقل عن الحاكم توثيقه، وذكره ابن حبان في الثقات، وجعل بعض أهل العلم شيوخ الطبراني من الثقات.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1002 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الدعاء يرد القدر

📜 حديث: الدعاء يرد القدر

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الدعاء يرد القدر

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الدعاء يرد القدر

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الدعاء يرد القدر

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية