حديث: رأى تمرة عائرة فأعطاها سائلا وقال: لو لم تأتها لأتتك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عمّا سبق به القدر

عن ابن عمر، قال: كنّا مع رسول اللَّه ﷺ فرأى تمرة عائرةً فأعطاها سائلًا، وقال: «لو لم تأتها لأتتك».

حسن: رواه ابن أبي عاصم في «السنة» (٢٦٥) عن شيبان بن فرّوخ، ثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان، عن هُزيل بن شرحبيل، عن ابن عمر، فذكره.

عن ابن عمر، قال: كنّا مع رسول اللَّه ﷺ فرأى تمرة عائرةً فأعطاها سائلًا، وقال: «لو لم تأتها لأتتك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم فيه موعظة بليغة وحكمة نبوية، سأشرحه لك وفق الخطوات المطلوبة مستنداً إلى كلام أهل العلم المعتبرين.
### الحديث ومصدره
الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام الطبراني في معجمه الكبير، وغيرهم عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
نص الحديث:
عن ابن عمر، قال: كنّا مع رسول اللَّه ﷺ فرأى تمرة عائرةً فأعطاها سائلًا، وقال: «لو لم تأتها لأتتك».


1. شرح المفردات:


* عائرةً: أي ساقطة على الأرض، متروكة لا يلتفت إليها، مهملة. يقال: عار الشيء يعور إذا سقط وترك. وهي من العَور بمعنى السقوط.
* سائلًا: أي شخصاً محتاجاً يسأل الناس ويعتمد على الصدقة.
* لأتتك: أي لحصلتِ ولجئتِ إليكِ بطلبٍ من الله تعالى، أي لوجدتها بطريقة أخرى.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنهم كانوا في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم تمرةً ساقطة على الأرض، لا قيمة لها في أعين الناس، فلم يتركها مهملة، بل التقطها وأعطاها لرجل محتاج كان يسأل الناس. ثم علق النبي صلى الله عليه وسلم على هذه التمرة الصغيرة بقوله الحكيم: (لو لم تأتها لأتتك)، أي يا هذه التمرة، لو أن هذا السائل لم يأتِ إليكِ ويأخذك، لَجعل الله لكِ سبباً لتأتيه أنتِ إليه في بيته أو رزقه، لأن الله لا يضيع أجر من أحسن.


3. الدروس المستفادة والعبر:


هذا الحديث النبوي الشريف يحمل في طياته كنوزاً من الحكم والعبر، منها:
1- تعظيم النعمة وعدم احتقارها: النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا ألا نحقر أي نعمة من نعم الله، مهما صغرت في أعيننا كتمرة ساقطة. فما نراه صغيراً قد يكون عظيماً عند محتاج، وهو نعمة من الله يجب شكرها باستعمالها في طاعته.
2- الحث على الصدقة والإحسان: النبي صلى الله عليه وسلم لم يمشِ وكفى، بل رأى نعمة صغيرة فرأى من يستحقها فأعطاه إياها. هذا درس في أن المسلم يجب أن يكون مبادراً للإحسان، متنبهاً لحاجات المحتاجين حوله.
3- بركة الصدقة وزيادة الرزق: القاعدة الذهبية في قوله صلى الله عليه وسلم: (لو لم تأتها لأتتك) هي تأكيد على سنة إلهية عظيمة، وهي أن الصدقة لا تنقص المال بل تزيده وتبارك فيه. فالعبد إذا أنفق من ماله في سبيل الله، عوّضه الله خيراً منها في الدنيا والآخرة. كما قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39].
4- إغاثة المحتاج ولو بالقليل: لا ينبغي للمسلم أن يمنعه قلة ما معه من الصدقة، فلو لم يجد إلا تمرة واحدة، فإعطاؤها للمحتيف خير من تركها. فقد يدخل بها السرور على قلب مسلم، فيدخل عليه الله بها السرور في الدنيا والآخرة.
5- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: الحديث يجمع بين التوكل على الله في الرزق، والأخذ بالأسباب المشروعة (وهي هنا إعطاء الصدقة)، وهو منهج المسلم في الحياة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث من الأحاديث التي تؤصل لخلق الاقتصاد وعدم الإسراف، فبدلاً من ترك التمرة تذهب هدراً، استفاد منها محتاج.
* يستدل العلماء بهذا الحديث على مشروعية أكل الشيء الساقط من الطعام إذا كان طاهراً ولم يصبه نجس، وإعطائه للمحتاجين.
* فيه تربية للنفس على الرحمة والشعور بآلام الآخرين، فالنبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة في رحمته بجميع الخلق.
* يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف نربي غيرنا، فهو لم يكتفِ بالفعل، بل علق عليه بهذه الكلمة ليعلقها في أذهان الصحابة ومن بعدهم إلى يوم القيامة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على شكر نعمه، والبذل والإحسان إلى خلقه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي عاصم في «السنة» (٢٦٥) عن شيبان بن فرّوخ، ثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان، عن هُزيل بن شرحبيل، عن ابن عمر، فذكره.
ومن هذا الوجه أخرجه البيهقيّ في القضاء والقدر (٢/ ٤٧٠).
وصحّحه ابن حبان (٣٢٤٠).
وإسناده حسن من أجل شيبان بن فرّوخ فإنّه «صدوق». روى له مسلمٌ وأصحاب السنن.
وكذلك في الإسناد أبو قيس عبد الرحمن بن ثروان الأوديّ، تكلّم فيه أبو حاتم غير أنه حسن الحديث، روى له البخاري وغيره من أصحاب السنن.
وفي الباب عن عمر بن الخطّاب أنّه خطب بالشّام خطبة يأثرها عن رسول اللَّه ﷺ قال: «وأجملوا في طلب الدّنيا، فإنّ اللَّه قد تكفّل بأرزاقكم، وكلٌّ ميسَّر له عمله الذي كان عاملًا، استعينوا باللَّه على أعمالكم فإنّه ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [سورة الرعد: ٣٩]».
رواه البيهقيّ في «القضاء والقدر» (٢/ ٤٥٩) من حديث ابن وهب، قال: أخبرني سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، عن السّائب بن مهجان -من أهل الشّام، وكان قد أدرك أصحاب رسول اللَّه ﷺ أنّ عمر بن الخطاب خطب، فذكره.
وسعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء لم يوثقه أحد، وإنّما ذكره ابن حبان في «الثقات» (٦/ ٣٥٤) وقال: «روى عنه ابن وهب».
قال الأعظمي: إذا هو «مجهول». وأمّا شيخه السّائب بن مهجان فلم أعرف من هو؟ ! .
وعن أبي سعيد مرفوعًا: «لو أنّ أحدكم فرَّ من رزقه لأدركهـ كما يدركه الموت».
رواه ابن عدي في «الكامل» (٦/ ٢٠٤٥) عن أحمد بن محمد بن عبد الخالق، ثنا الحسين بن علي الصُّدائيّ، قال: حدّثني أبي، ثنا فُضيل بن مرزوق، عن عطيّة، عن أبي سعيد، فذكره.
وفضيل بن مرزوق، وشيخه ضعيفان.
وعن ابن مسعود مرفوعًا: «ليس من عمل يقرّب إلى الجنّة إلّا قد أمرتكم به، ولا عمل يقرّب إلى النّار إلّا قد نهيتكم عنه، لا يَسْتَبْطِئَنَّ أحدٌ منكم رزقه، إنّ جبريل عليه السلام أَلْقى في رَوعي: أنّ أحدًا منكم لن يخرج من الدّنيا حتى يستكمل رزقه، فاتّقوا اللَّه أيّها النّاس وأجملوا في الطّلب، فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية اللَّه، فإنّ اللَّه لا ينال فضله بمعصيةٍ».
رواه الحاكم (٢/ ٤) وعنه البيهقيّ في القضاء والقدر (٢/ ٤٦٣) عن أبي بكر بن إسحاق، أنبأ أحمد بن إبراهيم بن ملحان، عن ابن بكير، حدّثني اللّيث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد ابن أبي هلال، عن سعيد بن أبي أمية الثّقفيّ، عن يونس بن بكير، عن ابن مسعود، فذكره.
وسعيد بن أبي أمية هذا لم أجد من ترجمه، وقد رُوي موقوفًا على ابن مسعود

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 998 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رأى تمرة عائرة فأعطاها سائلا وقال: لو لم تأتها لأتتك

  • 📜 حديث: رأى تمرة عائرة فأعطاها سائلا وقال: لو لم تأتها لأتتك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رأى تمرة عائرة فأعطاها سائلا وقال: لو لم تأتها لأتتك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رأى تمرة عائرة فأعطاها سائلا وقال: لو لم تأتها لأتتك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رأى تمرة عائرة فأعطاها سائلا وقال: لو لم تأتها لأتتك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب