حديث: يُحرم الرجل الرزق بالذنب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الدّعاء يردّ القدر

عن ثوبان، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا يزيد في العمر إلّا البر، ولا يردّ القدر إلّا الدّعاء، وإنّ الرّجل ليُحرم الرِّزقَ بخطيئة يعملها».

حسن: رواه ابن ماجه (٩٠) عن علي بن محمد، قال: حدّثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد اللَّه بن عيسى، عن عبد اللَّه بن أبي الجعد، عن ثوبان، فذكره.

عن ثوبان، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا يزيد في العمر إلّا البر، ولا يردّ القدر إلّا الدّعاء، وإنّ الرّجل ليُحرم الرِّزقَ بخطيئة يعملها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه، والحاكم، وغيرهم، عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ، وصححه الألباني. وهو يتناول حقائق إيمانية كبرى لها أثرها في حياة المسلم وسلوكه.
وفيما يلي شرحه على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:


● لا يزيد في العمر إلا البر: أي أن فعل البر والخير والعمل الصالح هو سبب حقيقي لبركة العمر وزيادة في زمانه وفعله، وليس بالضرورة زيادة في عدد السنين.
● ولا يرد القدر إلا الدعاء: أي أن الدعاء سبب قوي يدفع به العبد البلاء قبل نزوله، أو يخففه بعد نزوله، وهو من الأسباب التي أمرنا الله بها.
● ليحرم الرزق: أي يمنع ويمنع عنه رزقاً كان مقدراً له.
● بخطيئة يعملها: بسبب ذنب يرتكبه.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث ثلاثة أمور مترابطة:
الأول: أن البر (وهو كل طاعة لله وصدقة وصلة رحم وغيرها) سبب لبركة العمر وزيادة في خيره ونفعه، حتى لو لم تزد أيامه.
الثاني: أن الدعاء سلاح المؤمن، وهو سبب فعال في تغيير ما قد يُظن أنه محتوم لا يتغير، فهو يرد القضاء ويغير القدر.
الثالث: أن الذنوب والمعاصي لها آثار مدمرة على حياة الإنسان، ومنها أنها قد تكون سبباً في حرمانه من أرزاق كانت مقدرة له وسُبل عيش كانت مفتوحة أمامه.

3. الدروس المستفادة منه:


● حث على البر والإكثار منه: فالعمر قصير، والبر يزيده بركة وخيراً، فينبغي على المسلم أن يغتنم وقته في الطاعات والأعمال الصالحة.
● بيان أهمية الدعاء وفعاليته: فهو ليس مجرد كلمات تقال، بل هو عبادة عظيمة ترد البلاء وتغير المقادير، مما يدفع المسلم إلى الإكثار منه وعدم اليأس من رحمة الله.
● تحذير من الذنوب وعواقبها: فالذنب لا يضر فقط في الآخرة، بل له آثار سيئة في الدنيا، منها ضيق الرزق وحرمان الخير. وهذا يحث المسلم على اجتناب المعاصي والتوبة منها.
● ربط الأسباب بالمسببات: الحديث يذكر أن البر سبب لزيادة العمر، والدعاء سبب لرد القدر، والخطيئة سبب لحرمان الرزق. وهذا يؤكد مبدأ الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله.

4. معلومات إضافية مفيدة:


● البركة في العمر: ليست الزيادة العدديّة في السنين فحسب، بل هي أن يوفق العبد لاستغلال وقته في طاعة الله، فينال خيراً كثيراً في وقت قصير، كمن يعيش ستين سنة ويعمل فيها من الخير ما لا يعمله غيره في مائة سنة.
● القدر والدعاء: هذا من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها، فالله تعالى يعلم ما كان وما سيكون، والدعاء من جملة الأسباب التي كتبها الله وقدرها لتغيير الأقدار، فلا تعارض بينهما.
● الرزق ليس مالاً فقط: الرزق يشمل المال، والصحة، والزوجة الصالحة، والذرية الطيبة، والأمن، والسعادة في القلب، فكل هذه قد تحرم بالمعصية.
أسأل الله أن يبارك في أعمارنا، ويجعلنا من الداعين المستجاب لهم، ويباعد بيننا وبين المعاصي وما يجرها من حرمان وخسران.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٩٠) عن علي بن محمد، قال: حدّثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد اللَّه بن عيسى، عن عبد اللَّه بن أبي الجعد، عن ثوبان، فذكره.
وصحّحه ابن حبان (٨٧٢)، والحاكم (١/ ٤٩٣) فروياه من طريق عبد اللَّه بن عيسى، به، مثله.
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
ورواه أيضًا أحمد (٢٢٣٨٦)، والبيهقيّ في القضاء والقدر (٢٤٩).
عبد اللَّه بن أبي الجعد روى عنه اثنان وهما: عبد اللَّه بن عيسى، وابن ابن أخيه رافع بن سلمة بن زياد ابن أبي الجعد، ولم يعلم فيه جرح، ولذا حسّنه العراقي كما نقل البوصيري في الزوائد فقال: «سألت شيخنا أبا الفضل العراقيّ ﵀ عن هذا الحديث فقال: «هذا حديث حسن». انتهى. ورواه أحمد ابن منيع في مسنده: ثنا أبو أحمد الزبيري، ثنا سفيان، فذكره بتمامه». انتهى كلام البوصيريّ.
وفي معناه ما رُوي عن ابن عمر مرفوعًا: «من فُتِح له منكم باب الدُّعاء، فُتحتْ له أبواب الرّحمة، وما سُئل اللَّه شيئًا يعني أحبَّ إليه من أن يسأل العافية».
وقال أيضًا: «إنّ الدّعاء ينفع مما نزل، ومما لم ينزل، فعليكم عبادَ اللَّه بالدّعاء».
رواه التّرمذيّ (٣٥٤٨) عن الحسن بن عرفة، حدّثنا يزيد بن هارون، عن عبد الرحمن بن أبي بكر القرشيّ، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
وأخرجه أيضًا الحاكم (١/ ٤٩٣) من طريق يزيد بن هارون، ولم يتكلّم عليه بشيء. وقال الذهبي: «عبد الرحمن واهٍ».
وقال الترمذيّ: هذا حديث غريب -وفي نسخة: حسن غريب- لا نعرفه إلّا من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر القرشيّ، وهو المكيّ المليكي، وهو ضعيف الحديث. تكلّم فيه بعض أهل الحديث من قبل حفظه، وقد روى إسرائيل هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن موسى ابن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النّبيّ ﷺ، قال: «ما سئل اللَّه شيئًا أحبَّ إليه من العافية». قال: حدّثنا بذلك القاسم بن دينار الكوفي، حدّثنا إسحاق بن منصور الكوفي، عن إسرائيل بهذا». انتهى كلام الترمذيّ.
قال الأعظمي: وهو كما قال، فإنّ عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبد اللَّه القرشي، جمهور أهل العلم مطبقون على تضعيفه، فقال الإمام أحمد: «منكر الحديث». وقال النسائي: «متروك الحديث».
وفي معناه أيضًا ما روي عن عبادة بن الصّامت قال: أتي رسول اللَّه ﷺ وهو قاعد في ظلّ الحطيم بمكة، فقيل: يا رسول اللَّه، أُتي على مالِ أبي فلان بسيف البحر فذهب؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «ما تلف مالٌ في بر ولا بحر إلّا بمنع الزّكاة، فأحرزوا أموالكم بالزّكاة، وداووا مرضاكم بالصّدقة، وادفعوا عنكم طوارق البلاء بالدّعاء، فإنّ الدّعاء ينفع مما نزل، ومما لم ينزل، ما نزل يكشفه، وما لم ينزل يحبسه».
رواه الطبرانيّ في الدّعاء (٣٤) عن محمد بن أبي زرعة الدّمشقي، ثنا هشام بن عمّار، ثنا عراك بن خالد بن يزيد، حدّثني أبي، قال: سمعت إبراهيم بن أبي عبلة، يحدّث عن عبادة بن الصّامت، فذكره.
قال ابن أبي حاتم في: العلل (١٤٠): «سألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمّار (فذكر الحديث بإسناده) قال: قال أبي: «حديث منكر؛ إبراهيم لم يدرك عبادة، وعراك منكر الحديث، وأبوه خالد بن يزيد أوثق منه، وهو صدوق». انتهى.
وفي معناه أحاديث أخرى معلولة، ومعنى الحديث أن الدعاء من أسباب دفع البلاء المقدر كما أن الدواء من أسباب دفع المرض المقدر، ولذا أمرنا بالدعاء والتداوي.
قال سماحة الشيخ ابن باز ﵀: «ومراده أن القدر المعلق بالدعاء يرده الدعاء». انظر: فتاواه (٦/ ٢٠٤).
وقال الشيخ ابن عثيمين ﵀: «والدعاء يرد القضاء، قد يقضي اللَّه القضاء، ويجعل له سببا بمنع، ومنه الدعاء».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1004 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يُحرم الرجل الرزق بالذنب

  • 📜 حديث: يُحرم الرجل الرزق بالذنب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يُحرم الرجل الرزق بالذنب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يُحرم الرجل الرزق بالذنب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يُحرم الرجل الرزق بالذنب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب