قال عكاشة: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا له

حديث: قال عكاشة: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا له

عن ابن مسعود أن رسول الله ﷺ أري الأمم بالموسم، فراثت عليه أمته، قال:
«فأريت أمتي فأعجبني كثرتهم، قد ملؤوا السهل والجبل، فقيل لي: إن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون». فقال عكاشة: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا له، ثم قام يعني آخر فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، قال: «سبقك بها عكاشة».

حسن: رواه أحمد (٣٨١٩)، والبزار -كشف الأستار (٣٩٣٩)، وصحّحه ابن حبان (٦٠٨٤) كلهم من حديث حماد بن سلمة، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وفيه من الدروس والعبر ما ينبغي لكل مسلم أن يتأمل فيه. وإليك الشرح المفصل له:

1. شرح المفردات:

● أري: أُظهر له وأُطلع.
● الموسم: مكان الحج، وهو عرفة أو منى.
● راثت: اجتمعت بكثرة وامتلأت.
● لا يكتوون: لا يطلبون الكي بالنار للتداوي.
● لا يسترقون: لا يطلبون الرقية من الآخرين (أي لا يطلبون من يرقيهم للعلاج إلا بما شرع الله).
● لا يتطيرون: لا يتشاءمون بالطيور أو غيرها.
● بغير حساب: يدخلون الجنة دون أن يحاسبوا على ذنوبهم.

2. شرح الحديث:

يروي ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي ﷺ أُري في منى أو عرفة (أثناء الحج) الأمم السابقة، فوجد أمته قد اجتمعت بكثرة هائلة حتى ملأت السهل والجبل، فأعجب بكثرتهم. ثم قيل له: إن ضمن هؤلاء الجم الغفير سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب، أي دون أن يعرضوا للحساب أو العذاب. وهؤلاء الصنف المميز من أمة محمد ﷺ يتصفون بثلاث صفات:
● لا يكتوون: لا يلجأون إلى الكي بالنار للعلاج، بل يتوكلون على الله ويستخدمون ما أباحه من أدوية.
● لا يسترقون: لا يطلبون من الآخرين أن يرقوهم (إلا بالرقية الشرعية)، بل يعتمدون على الله في الشفاء.
● لا يتطيرون: لا يتشاءمون بالطيور أو الأوقات أو الأماكن، لأن ذلك ينافي التوكل على الله.
وختام صفاتهم: وعلى ربهم يتوكلون، فهذه الصفة هي أصل ما قبلها، فترك الكي والاسترقاء والتطير نابع من كمال توكلهم على الله تعالى.
ثم قام عكاشة بن محصن رضي الله عنه (وهو من الصحابة الأبطال) فطلب من النبي ﷺ أن يدعو الله أن يجعله منهم، فدعا له. فلما قام رجل آخر وطلب نفس الدعوة، قال له النبي ﷺ: "سبقك بها عكاشة"، أي أن الدعوة قد تحققت لعكاشة فلا يمكن أن تُعاد لغيره.

3. الدروس المستفادة:

● كثرة أمة محمد ﷺ: فهي أمة كثيرة العدد، وهذا من فضل الله عليها.
● تميز الأمة بصفة التوكل: فالصفات المذكورة (ترك الكي والاسترقاء والتطير) كلها تدل على التوكل الصادق على الله، وهو من أعظم أسباب النجاة.
● السبعون ألفاً بغير حساب: هذا فضل عظيم من الله، يدل على أن التوكل والإيمان يوجبان المغفرة والرحمة.
● الحرص على الخير: كما فعل عكاشة حين سارع إلى طلب الدعوة من النبي ﷺ، فنالها بفضل الله ثم بدعوة النبي.
● أن الدعاء مستجاب للنبي ﷺ: فقد دعا لعكاشة فتحقق له ما أراد.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث يدل على فضل التوكل على الله وترك التعلق بالأسباب الدنيوية المنافية للتوحيد.
- ليس المقصود تحريم التداوي بالكي أو الرقية مطلقاً، بل المقصود ترك التعلق بها بدلاً من التوكل على الله، أو استخدامها في غير ما شرع الله.
- العدد (سبعون ألفاً) قد يكون حقيقياً أو رمزياً للكثرة، والله أعلم.
- ينبغي للمسلم أن يجتهد في تحقيق صفات هؤلاء السبعين ألفاً، خاصة التوكل على الله وترك التطير والاعتماد على الأسباب المشروعة فقط.
أسأل الله أن يجعلنا من المتوكلين عليه حق التوكل، وأن يوفقنا لطاعته ورضاه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٣٨١٩)، والبزار -كشف الأستار (٣٩٣٩)، وصحّحه ابن حبان (٦٠٨٤) كلهم من حديث حماد بن سلمة، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود فذكره.
وإسناده حسن من أجل عاصم وهو ابن أبي النجود وهو حسن الحديث.
وروي أيضا مطولا في الحديث الآتي: عن عبد الله بن مسعود أنه قال: تحدثنا ليلة عند رسول الله ﷺ حتى أكرينا الحديث، ثم رجعنا إلى أهلنا، فلما أصبحنا غدونا على رسول الله ﷺ، فقال: «عرضت علي الأنبياء بأممها، وأتباعها من أممها، فجعل النبي يمر، ومعه الثلاثة من أمته، والنبي معه العصابة من أمته، والنبي معه النفر من أمته، والنبي معه الرجل من أمته، والنبي ما معه أحد حتى مر علي موسى بن عمران ﷺ في كبكبة من بني إسرائيل فلما رأيتهم أعجبوني قلت. يا رب! من هؤلاء؟ فقال: هذا أخوك موسى بن عمران ومن معه من بني إسرائيل قلت: يا رب فأين أمتي؟ قال: انظر عن يمينك، فإذا الظراب ظراب مكة قد سد بوجوه الرجال.
قال الأعظمي: من هؤلاء يا رب؟ قال: أمتك، قلتْ رضيت رب قال: أرضيت؟ قلت: نعم قال: انظر عن يسارك قال: فنظرت فإذا الأفق قد سدَّ بوجوه الرجال فقال: رضيت؟ قلت: رضيت قيل: فإن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة لا حساب لهم» فأنشأ عكاشة بن محصن أحد بني أسد بن خزيمة فقال: يا نبي الله، ادع الله أن يجعلني منهم فقال: «اللهم! اجعله منهم».
ثم أنشأ رجل آخر فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم قال: «سبقك بها عكاشة».
صحيح: رواه أحمد (٣٩٨٩) عن محمد بن بكر قال: أخبرنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن والعلاء بن زياد، عن عمران بن حصين، عن عبد الله بن مسعود فذكره.
وسعيد هو ابن أبي عروبة وأنه توبع عند أحمد (٣٨٠٦، ٣٩٨٨)، ولا يضر تدليس الحسن لأنه
توبع أيضًا.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 3 من أصل 71 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قال عكاشة: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا له

📜 حديث: قال عكاشة: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا له

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: قال عكاشة: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا له

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: قال عكاشة: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا له

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: قال عكاشة: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا له

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية